الموسوعة الحديثية


- أتَيْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فلمَّا دَنَوْتُ منه سمِعْتُه يقول: هذا سيِّدُ أهْلِ الوبَرِ ، فسلَّمْتُ وجلَسْتُ، فقلْتُ: يا رسولَ اللهِ، المالُ الَّذي لا يكونُ عليَّ فيه تَبِعَةٌ مِن ضعيفٍ ضافَنِي، أو عيالٍ إنْ كثُرُوا؟ قال: نِعْمَ المالُ أربعونُ مِن الإبلِ، والكثيرُ سِتُّونَ، وويلٌ لأصحابِ المِئينَ، إلَّا مَن أَعْطَى في رِسْلِها ونجْدَتِها، وأفقَرَ ظهْرَها، وأطْرَقَ فَحْلَها، ونحَرَ سَمِينَها، وأطْعَمَ القانِعَ والمُعْتَرَّ. قلت: يا رسولَ اللهِ، ما أكْرَمَ هذه الأخلاقَ وأحسَنَها، إنَّه لا يُحَلُّ بالوادي الَّذي أنا فيه مِن كثْرَةِ إبِلِي؟ قال: فكيف تصنَعُ بالمَنِيحَةِ؟ قلْتُ: إنِّي لأمْنَحُ في كلِّ عامٍ مِئَةً. قال: فكيف تصنَعُ بالعاريةِ؟ قلْتُ: تغْدُو الإبلُ ويغْدُو النَّاسُ، فمَن أخَذَ برأْسِ بعيرٍ ذهَبَ به. قال: فكيف تصنَعُ بالأفقارِ؟ قال: إنِّي أُفْقِرُ البِكْرَ الضَّرْعَ والنَّابَ المُدبرَ. قال: مالُك أحبُّ إليك أم مالُ مَوْلاك؟ قلْتُ: بلْ مالِي. قال: فإنَّما لك مِن مالِكَ ما أكَلْتَ فأفْنَيْتَ ، أو لَبِسَت فأبْلَيْتَ ، أو أعطَيْتَ فأمضَيْتَ، وما بَقِيَ فلِمولاكَ. قلْتُ: لِمَولايَ؟ قال: نعم. قلْتُ: واللهِ لئن بَقِيتُ لأدَعَنَّ عِدَّتَها قليلةً. قال الحسَنُ: ففعَلَ رحِمَه اللهُ. فلمَّا حضَرَتْه الوفاةُ دعا بَنِيه، فقال: يا بَنِيَّ، خُذُوا عنِّي؛ فلا أجِدُ أنصَحَ لكم مِنِّي، إذا أنا مِتُّ فسَوِّدُوا أكابرَكم، ولا تُسَوِّدُوا أصاغِرَكم، فَيَسْتَسْفِهَ النَّاسُ كِبارَكم، وتَهُونوا عليهم. وعليكم باستصلاحِ المالِ؛ فإنَّه مَنْبَهَةٌ للكريمِ، ويُسْتَغْنَى به عنِ اللَّئيمِ. وإيَّاكم والمسألةَ؛ فإنَّها آخِرُ كسْبِ المرْءِ، وإنَّ أحَدًا لم يسأَلْ إلَّا ترَكَ كسْبَه. فإذا أنا مِتُّ فكَفِّنوني في ثِيابي الَّتي كنْتُ أُصَلِّي فيها وأصومُ. وإيَّاكم والنِّياحةَ عليَّ؛ فإنِّي سمِعْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ينهى عنها. وادْفِنوني في مكانٍ لا يعلَمُ به أحدٌ؛ فإنَّه قد كانت بيننا وبين بكْرِ بنِ وائلٍ خُماشاتٌ في الجاهليَّةِ، وأخافُ أنْ يُدْخِلوها عليكم في الإسلامِ، فيَعيثُوا عليكم دينَكم.
خلاصة حكم المحدث : حسن
الراوي : قيس بن عاصم | المحدث : المزي | المصدر : تهذيب الكمال الصفحة أو الرقم : 15/324
التخريج : أخرجه الطبراني (18/339) (870) باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: مناقب وفضائل - قيس بن عاصم جنائز وموت - الزجر عن النياحة فتن - فتنة المال نفقة - الإنفاق في أوجه الخير وفضله هبة وهدية - المنيحة
|أصول الحديث