الموسوعة الحديثية


- «لمَّا قُتِلَ عُثْمانُ ذَعَرَني ذُعْرًا شَديدًا، وكانَ سَلُّ السَّيْفَ فينا عَظيمًا، فجَلَسْتُ في بَيْتي، وكانَتْ لي حاجةٌ في السُّوقِ لثِيابٍ اشْتَرَيْتُها فخَرَجْتُ، فإذا أنا بنَفَرٍ في ظِلٍّ جُلوسٍ، نَحْوٍ مِن أرْبَعينَ رَجُلًا، وإذا سِلْسِلةٌ مُعلَّقةٌ مَعْروضةٌ على البابِ، فقُلْتُ: لَأَدْخُلَنَّ فلَأَنْظُرَنَّ، قالَ: فذَهَبْتُ لأَدخُلَ، فمَنَعَني البَّوابُ، فقالوا: دَعِ الرَّجُلَ، فدخَلْتُ فإذا أَشرافُ النَّاسِ، وإذا وِسادةٌ مَعْروضةٌ فجَلَسْتُ، فجاءَ رَجُلٌ جَميلٌ عليه حُلَّةٌ ليس عليه قَميصٌ ولا عِمامةٌ، فإذا هو علِيٌّ رَضِيَ اللهُ عنه، ثُمَّ جَلَسَ، فلم يُنكِرْ مِن القَوْمِ غَيْري، فقالَ: سَلوني، ولا تَسْأَلوني إلَّا عمَّا يَنفَعُ ويَضُرُّ. فقالَ رَجُلٌ: ما قُلْتَ حتَّى أَحْبَبْتَ أن تقولَ، أنا أَسأَلُك. فقالَ: سَلْ، ولا تَسأَلْ إلَّا عمَّا يَنفَعُ أو يَضُرُّ. فقالَ: ما {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا * فالْحَامِلَاتِ وِقْرًا * فالْجَارِيَاتِ يُسْرًا * فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا} المَلائِكةُ. ثَمَّ قالَ: أَخبِرْني عمَّا أَسأَلُك، فقالَ: سَلْ، ولا تَسأَلْ إلَّا عمَّا يَنفَعُ أو يَضُرُّ. فقالَ: ما {وَالسَّقْفِ المَرْفُوعِ}؟ قالَ: السَّماءُ. قالَ: فما {فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا}؟ قالَ: الرِّياحُ. قالَ: فما {الجَوَارِ الْكُنَّسِ}؟ قالَ: الكَواكِبُ. قالَ: فما {وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ}؟ قالَ: قالَ علِيٌّ لأصْحابِه: ما تقولونَ؟ قالوا: نقولُ: هو البَيْتُ الحَرامُ. قالَ: بلْ هو بَيْتٌ في السَّماءِ يُقالُ له: الصُّراحُ، حِيالَ هذا البَيْتِ، حُرْمتُه في السَّماءِ كحُرْمةِ هذا في الأرْضِ، يَدخُلُه كلَّ يَوْمٍ سَبْعونَ ألْفَ مَلَكٍ، ثُمَّ لا يَعودونَ إليه، ثُمَّ تَلا هذه الآيةَ: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بَبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} ثُمَّ قالَ: أَمَا إنَّه ليس بأوَّلِ بَيْتٍ كانَ، قد كانَ نوحٌ قَبْلَه، وكانَ في البُيوتِ، وكانَ إبْراهيمُ قَبْلَه وفي البُيوتِ، ولكنَّه أوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ للنَّاسِ فيه البَرَكةُ، {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}، ثُمَّ حَدَثَ أنَّ إبْراهيمَ عليه السَّلامُ لمَّا أُمِرَ ببِناءِ البَيْتِ ضاقَ به ذَرْعًا، فلم يَدْرِ كيف يَبْنيه، فأَرسَلَ اللهُ السَّكينةَ، وهي ريحٌ خَجوجٌ لها رأسٌ، فتَطَوَّقَتْ له بالحَجِّ، فكانَ يَبْني عليها كلَّ يَوْمٍ سافًا، ومَكَّةُ شَديدةُ الحَرِّ، فلمَّا بَلَغَ الحَجَرَ قالَ لإسْماعيلَ: اذْهَبْ فالْتَمِسْ لي حَجَرًا أَضَعْه. فذَهَبَ يَطوفُ في الجِبالِ، فجاءَ جِبْريلُ بالحَجَرِ فوَضَعَه، فجاءَ إسْماعيلُ، فقالَ: مِن أين هذا؟ قالَ: جاءَ به مَن لم يَتَّكِلْ على بِنائي وبِنائِك، فوَضَعَه، فلَبِثَ ما شاءَ اللهُ أن يَلبَثَ، ثُمَّ انْهَدَمَ فبَنَتْه العَمالِقةُ، ثُمَّ انْهَدَمَ فبَنَتْه جُرْهُمٌ، ثُمَّ انْهَدَمَ فبَنَتْه قُرَيشٌ، فلمَّا أرادوا أن يَضَعوا الحَجَرَ تَنازَعوا في وَضْعِه، قالوا: أوَّلُ مَن يَخرُجُ مِن هذا البابِ يَضَعُه، فخَرَجَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن بابِ بَني شَيْبةَ، فأمَرَ بثَوْبٍ فبُسِطَ، ووَضَعَ الحَجَرَ في وَسَطِ الثَّوْبِ، وأمَرَ مِن كلِّ فَخِذٍ رَجُلًا أن يَأخُذَ ناحِيةَ الثَّوْبِ، فأخَذوه فرَفَعوه، فأخَذَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فوَضَعَه.  فقامَ رَجُلٌ آخَرُ، فقالَ: أَخبِرْني عن هذه الآيةِ: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} حتَّى خَتَمَ الآيةَ. قالَ: عن مِثلِ هذا فسَلوا، هذا العِلمُ! هو الرَّجُلُ تكونُ له امْرَأتانِ، إحْداهما قد عَجَزَتْ وهي دَمِيمةٌ، فيُصالِحُها أن يَأتيَها كلَّ يَوْمٍ أو ثَلاثةٍ أو أرْبَعةٍ. فقامَ إليه رَجُلٌ آخَرُ، فسَألَه عن هذه الآيةِ: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهُنَّ} فأُقيمتِ الصَّلاةُ فقامَ».
الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : الضياء المقدسي | المصدر : الأحاديث المختارة
الصفحة أو الرقم : 438 | خلاصة حكم المحدث : أورده في المختارة وقال [هذه أحاديث اخترتها مما ليس في البخاري ومُسلِم]