الموسوعة الحديثية


- إنما مَثَلي ومَثَلُكم ومَثَلُ الدنيا كمَثَلِ قومٍ سلكوا مَفازةً غَبراءَ، حتى إذا لم يدروا ما سلَكوا منها أكثرُ أو ما بَقِيَ أنفَذوا الزادَ، وحَسَرُوا الظَّهْرَ، وبَقُوا بينَ ظَهْرَانَيِ المفازةِ، ولا زادَ ولا حَمولةَ؛ فأيقَنوا بالهلكةِ، فبينَما هم كذلك إذ خرج عليهم رجلٌ في حُلَّةٍ يَقْطُرُ رأسُه، فقالوا: هذا قريبُ عهدٍ بريفٍ، وما جاءكم هذا إلَّا مِن قريبٍ، فلمَّا انتهى إليهم قال: يا هؤلاءِ، فقالوا: يا هذا، فقال: عَلَامَ أنتم؟ فقالوا: على ما ترى، فقال: أرأيتم إنْ هَدَيْتُكم إلى ماءٍ رَواءٍ، ورياضٍ خُضْرٍ، ما تعملونَ؟ قالوا: لا نَعصيكَ شيئًا، قال: عهودَكم ومواثيقَكم باللهِ؛ فأعطَوْهُ عهودَهم ومواثيقَهم باللهِ لا يعصونَه شيئًا، قال: فأوردَهم ماءً رَواءً، ورياضًا خُضرًا، فمكَثَ فيهم ما شاء اللهُ، ثم قال: يا هؤلاءِ، قالوا: يا هذا، قال: الرحيلَ، قالوا: إلى أين؟ قال: إلى ماءٍ ليس كمائِكم، وإلى رياضٍ ليست كرياضِكم، فقال أكثرُهم: واللهِ، ما وجَدْنا هذا حتى ظننَّا أنَّا لن نجدَهُ، وما نصنَعُ بعيشٍ خيرٍ مِن هذا؟ فقالتْ طائفةٌ، وهُمْ أقلُّهم: ألم تُعطوا هذا الرجلَ عهودَكم ومواثيقَكم باللهِ ألَّا تعصوه شيئًا؟ وقد صَدَقَكم في أولِ حديثِه، فوالله لَيَصْدُقَنَّكم في آخِرِه, فراح فيمَنِ اتَّبعه، وتخلَّفَ بقيَّتُهم, فنَذِرَ بهم عدُوٌّ؛ فأصبَحوا بينَ أسيرٍ وقَتيلٍ.
الراوي : الحسن البصري | المحدث : العراقي | المصدر : تخريج الإحياء للعراقي
الصفحة أو الرقم : 3/269 | خلاصة حكم المحدث : نحوه أخصر منه وإسناده حسن