الموسوعة الحديثية


- بل أنا أقتُلُهُ إن شاء اللهُ تعالى.
خلاصة حكم المحدث : مرسل
الراوي : سعيد بن المسيب | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج زاد المعاد الصفحة أو الرقم : 3/178
التخريج : أخرجه البيهقي في ((دلائل النبوة)) (3/ 206)، وعبد الرزاق (731) بنحوه.
التصنيف الموضوعي: جهاد - الشجاعة في الحرب والجبن جهاد - غضب الله على من قتله النبي صلى الله عليه وسلم
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

أصول الحديث:


دلائل النبوة للبيهقي (3/ 206)
: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن عبد الله بن عتاب، قال: حدثنا القاسم بن عبد الله بن المغيرة، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن عمه موسى بن عقبة (ح) . وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ في المغازي، قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد ابن الفضل، قال: حدثنا جدي، قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر، قال: حدثنا محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب وهذا لفظ حديث إسماعيل، عن عمه: موسى بن عقبة قال: ورجعت قريش فاستجلبوا من استطاعوا من مشركي العرب، وسار أبو سفيان بن حرب في جمع قريش وذلك في شوال من العام المقبل من وقعة بدر، حتى طلعوا من بئر الحاوين، ثم نزلوا ببطن الوادي الذي قبل أحد، وكان رجال من المسلمين لم يشهدوا بدرا ندموا على ما فاتهم من سابقة بدر وتمنوا لقاء العدو وليبلوا ما أبلى إخوانهم يوم بدر، فلما نزل أبو سفيان والمشركون بأصل أحد فرح المسلمون الذين لم يشهدوا بدرا، بقدوم العدو عليهم، وقالوا: قد ساق الله إلينا بأمنيتنا، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري ليلة الجمعة رؤيا، فأصبح فجاءه نفر من أصحابه، فقال: رأيت البارحة في منامي بقرا والله خير، وفي رواية ابن فليح بقرا تذبح، ورأيت سيفي ذا الفقار انفصم من عند ظبته- أو قال: به فلول فكرهته وهما مضببتان- ورأيت أني في درع حصينة وأني مردف كبشا، فلما أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم برؤياه، قالوا: يا رسول الله! ماذا أولت رؤياك؟ قال: أولت البقر الذي رأيت نفرا فينا وفي القوم، وكرهت ما رأيت بسيفي، ويقول رجال: وكان الذي رأى بسيفه الذي أصاب وجهه، فإن العدو أصابوا وجهه يومئذ، وفصموا رباعيته، وخرقوا شفته يزعمون أن الذي رماه عتبة بن أبي وقاص، وكان البقر من قتل يومئذ من المسلمين، وقال: أولت الكبش أنه كبش كتيبة العدو فقتله، وفي رواية ابن فليح: يقتله الله، وأولت الدرع الحصينة: المدينة، فامكثوا واجعلوا الذراري في الآطام، فإن دخل علينا القوم في الأزقة قاتلناهم ورموا من فوق البيوت وكانوا قد شكوا أزقة المدينة بالبنيان، حتى كانت كالحصن، فقال الذين لم يشهدوا بدرا كنا يا نبي الله نتمنى هذا اليوم وندعوا الله، فقد ساقه الله إلينا، وقرب المسير. وقال رجال من الأنصار: متى نقاتلهم يا نبي الله لم نقاتلهم عند شعبنا؟ وقال رجال ماذا نمنع إذا لم نمنع الحرث يزرع. وقال رجال قولا صدقوا به ومضوا عليه، منهم: حمزة بن عبد المطلب، قال: والذي أنزل عليك الكتاب لنجالدنهم. وقال يعمر بن مالك بن ثعلبة وهو أحد بني سالم، يا نبي الله! لا تحرمنا الجنة، فو الذي نفسي بيده لأدخلنها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بم؟ قال بأني أحب الله ورسوله ولا أفر يوم الزحف، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدقت، فاستشهد يومئذ. وأبى كثير من الناس إلا الخروج إلى العدو، ولم يتناهوا إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيه، ولو رضوا بالذي أمرهم به كان ذلك، ولكن غلب القضاء والقدر، وعامة من أشار عليه بالخروج رجال لم يشهدوا بدرا، قد علموا الذي سبق لأصحاب بدر من الفضيلة، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة وعظ الناس وذكرهم، وأمرهم بالجد والجهاد، ثم انصرف من خطبته وصلاته، فدعا باللأمة فلبسها، ثم أذن في الناس بالخروج. فلما رأى ذلك رجال من ذوي الرأي قالوا: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نمكث بالمدينة، فإن دخل علينا العدو قاتلناهم في الأزقة، وهو أعلم بالله وما يريد ويأتيه الوحي من السماء، ثم أشخصناه، يا نبي الله امكث كما أمرتنا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ينبغي لنبي إذا أخذ لأمة الحرب وآذن بالخروج إلى العدو أن يرجع حتى يقاتل، وقد دعوتكم إلى هذا الحديث فأبيتم إلا الخروج، فعليكم بتقوى الله والصبر عند البأس إذا لقيتم العدو انظروا ما آمركم به فافعلوه، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون فسلكوا على البدائع وهم ألف رجل والمشركون ثلاثة آلاف، فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل بأحد، ورجع عنه: عبد الله بن أبي بن سلول في ثلاثمائة فبقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبع مائة، فقال كعب بن مالك الأنصاري: إنا بهذا الجذع لو كان أهله … سوانا لقد ساروا بليل فأقشعوا جلاد على ريب الحوادث لا ترى … على هالك عينا لنا الدهر تدمع ثلاثة آلاف ونحن نصية … ثلاث ميين إن كثرنا وأربع فراحوا سراعا موجفين كأنهم … غمام هراقت ماءها الريح تقلع ورحنا وأخرانا بطاء كأننا … أسود على لحم ببيشة ظلع فلما رجع عبد الله بن أبي بالثلاث مائة، سقط في أيدي الطائفتين من المسلمين، وهمتا أن تقتتلا، وهما: بنو حارثة، وبنو سلمة كما يقال، وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمون بأصل أحد، وصف المشركون بالسبخة التي قبل أحد وتعبأ الفريقان للقتال، وجعل المشركون على خيلهم خالد بن الوليد بن المغيرة، ومعهم مائة فرس وليس مع المسلمين فرس، وحامل لواء المشركين من بني عبد الدار، واشتكى صاحب لوائهم: طلحة بن عثمان أخو شيبة بن عثمان، وكانت لهم الحجابة والندوة واللواء، فقال أبو سفيان بن حرب: إن اللواء ضاع يوم بدر حتى قتل حوله من قد علمتم، وأرى أن أعارضهم بلواء آخر، فقالت بنو عبد الدار والأحلاف: إن شئتم فارفعوا لواء آخر، ولكن لا يرفعه إلا رجل من بني عبد الدار، فقال أبو سفيان: بل عليكم بلوائكم فاصبروا عنده. وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسين رجلا من الرماة فجعلهم نحو خيل العدو، وأمر عليهم عبد الله بن جبير أخا خوات بن جبير، وقال لهم: أيها الرماة إذا أخذنا منازلنا من القتال فإن رأيتم خيل المشركين تحركت وانهزم أعداء الله فلا تتركوا منازلكم، إني أتقدم إليكم أن لا يفارقن رجل منكم مكانه واكفوني الخيل، فوعز إليهم فأبلغ، ومن نحوهم كان الذي نزل بالنبي صلى الله عليه وسلم يومئذ والذي أصابه. فلما عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه عهده في القتال، وكان حامل لواء المهاجرين رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أنا عاصم إن شاء الله لما معي، فقال له طلحة- يعني طلحة بن عثمان-: هل لك يا عاصم في المبارزة؟ قال: نعم فبدره ذلك الرجل فضرب بالسيف على رأس طلحة حتى وقع السيف في لحيته فقتله، فكان قتل صاحب لواء المشركين تصديقا لرؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني مردف كبشا، فلما صرع صاحب اللواء انتشر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وصاروا كتائب متفرقة، فجاسوا العدو ضربا حتى أجهضوهم عن أثقالهم، وحملت خيل المشركين على المسلمين ثلاث مرات كل ذلك تنضح بالنبل فترجع مغلولة، وحمل المسلمون فنهكوهم قتلا، فلما أبصر الرماة الخمسون إن الله عز وجل قد فتح لإخوانهم، قالوا: والله ما نجلس هاهنا لشيء، قد أهلك الله العدو وإخواننا في عسكر المشركين، وقال طوائف منهم: على ما نصف وقد هزم الله العدو، فتركوا منازلهم التي عهد إليهم النبي صلى الله عليه وسلم ألا يتركوها، وتنازعوا وفشلوا، وعصوا الرسول، فأوجفت الخيل فيهم قتلا، وكان عامتهم في العسكر، فلما أبصروا ذلك الرجال المتفرقة أن الخيل قد فعلت ما فعلت: اجتمعوا وأقبلوا وصرخ صارخ أخراكم أخراكم قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقط في أيدي المسلمين فقتل منهم من قتل وأكرمهم الله بأيدي المشركين وأصعد الناس في الشعب لا يلوون على أحد، وثبت الله- عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم حين انكشف عنه من انكشف من أصحابه وهو يدعوهم في أخراهم حتى جاءه من جاءه منهم إلى قريب من المهراس في الشعب، فلما فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رجل منهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل فارجعوا إلى قومكم فيؤمنونكم قبل أن يأتوكم فيقتلوكم فإنهم داخلون البيوت، وقال رجل منهم: لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا، وقال آخرون: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل أفلا تقاتلون عن دينكم، وعلى ما كان عليه نبيكم حتى تلقوا الله شهداء؟ منهم: أنس بن النضر شهد له بها سعد بن معاذ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقال أحد بني قشير الذي قال لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا. ومضى النبي صلى الله عليه وسلم يلتمس أصحابه فإذا المشركون نحو وجهه على طريقه، فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استقبلوه، قال: اللهم إن تشأ لا يغلبك أحد في الأرض وقال اللهم إن تشأ لا تعبد ، فانصرف المشركون والنبي صلى الله عليه وسلم يدعو أصحابه مصعدا في الشعب، معه عصابة صبروا معه، منهم: طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وبايعوه على الموت، وجعلوا يسترونه بأنفسهم ويقاتلون معه حتى قتلوا إلا ستة نفر أو سبعة وهم مع ذلك يمشون حول المهراس، ويقال كان كعب بن مالك أول من عرف عين رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فقد من وراء المغفر فنادى بصوته الأعلى: الله أكبر، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليه- زعموا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اسكت، وجرح رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه، وكسرت رباعيته وكان أبي بن خلف قال حين افتدى: والله إن عندي لفرسا أعلفها كل يوم فرق ذرة ولأقتلن عليها محمدا. فبلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم حلفته فقال: بل أنا أقتله إن شاء الله. فأقبل أبي مقنعا في الحديد على فرسه تلك يقول: لا نجوت إن نجا محمد، فحمل على رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد قتله. قال موسى بن عقبة:، قال سعيد بن المسيب: فاعترض له رجال من المؤمنين فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلوا طريقه، واستقبله مصعب بن عمير أخو بني عبد الدار يقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتل مصعب بن عمير، وأبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ترقوة أبي بن خلف من فرجة بن سابغة البيضة والدرع، فطعنه بحربته، فوقع أبي عن فرسه، ولم يخرج من طعنته دم، قال سعيد: فكسر ضلعا من أضلاعه ففي ذلك نزل وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى فأتاه أصحابه وهو يخور خوار الثور فقالوا: ما جزعك إنما هو خدش، فذكر لهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل أنا أقتل أبيا ، ثم قال: والذي نفسي بيده، لو كان هذا الذي بي بأهل المجاز لماتوا أجمعون، فمات أبي قبل أن يقدم مكة، فلما لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ونظروا إليه، ومعه: طلحة، والزبير، وسهل ابن حنيف، والحارث بن الصمة، أخو بني النجار، ظن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النفر من عدوهم، فوضع أحدهم سهما على كبد قوسه فأراد أن يرمي، فلما تكلموا وناداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفوه، فكأنه لم يصبهم بلاء في أنفسهم قط حين عرفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينما هم كذلك إذ عرض لهم الشيطان نفسه ووسوسته وتحزينه حين أبصروا عدوهم قد انفرجوا عنهم، فبينما هم كذلك يذكرون قتلاهم وإخوانهم ويسأل بعضهم بعضا عن حميمه، فيخبر بعضهم بعضا بقتلاهم، وقال: اشتد حزنهم، أدبر الله عليهم المشركين وغمهم بهم ليذهب بذلك الحزن عنهم، فإذا عدوهم فوق الجبل قد علوهم، فنسوا عند ذلك الحزن والهموم على إخوانهم، ثم أنزل الله عز وجل: على طائفة من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم، كما قال الله عز وجل: وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية … ، يقولون: لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا، قال الله عز وجل: قل لو كنتم في بيوتكم إلى قوله: عليم بذات الصدور ، وكانا غمين: فهذا الغم الآخر، والغم الأول حين أصعدوا في الشعب منهزمين، فأنساهم الهزيمة ما يخافون من طلب العدو وقتالهم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إنه ليس لهم أن يعلونا اليوم، ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وندب أصحابه، فانتدب منهم عصابة فأصعدوا في الشعب حتى كانوا هم والعدو على السواء فراموهم بالنبل، وطاعنوهم حتى أهبطوهم عن الجبل، وانكفى المشركون عنهم إلى قتلى المسلمين فمثلوا بهم: يقطعون الآذان، والأنوف، والفروج، ويبقرون البطون، وهم يظنون أنهم قد أصابوا النبي صلى الله عليه وسلم وأشراف أصحابه، ثم إنهم قد اجتمعوا وصفوا مقاتلتهم، فقال أبو سفيان: يوم بيوم بدر والحرب سجال، إلا أنكم ستجدون في قتلاكم شيئا من مثلة، وإني لم آمر بذلك، ولم أكرهه، ثم قال: اعل هبل، يفخر بآلهته، فقال عمر: اسمع يا رسول الله ما يقول عدو الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ناده فقل: الله أعلى وأجل، لا سواء: قتلانا في الجنة، وقتلاهم في النار، قالوا: إن لنا العزى ولا عزى لكم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله مولانا ولا مولى لكم، ثم نادوا محمدا باسمه، فلما علموا أنه حي ونادوا رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرافا فعلموا أنهم أحياء: كبتهم الله فانكفئوا إلى أثقالهم، لا يدري المسلمون ما يريدون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن رأيتموهم ركبوا وجعلوا الأثقال تتبع آثار الخيل فهم يريدون أن يدنوا من البيوت والآطام التي فيها الذراري والنساء، وأقسم بالله لئن فعلوا لأواقعنهم في جوفها، وإن كانوا ركبوا الأثقال وجنبوا الخيل فهم يريدون الفرار، فلما أدبروا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص في آثارهم فقال: اعلم لنا أمرهم، فانطلق سعد يسعى حتى علم علمهم، ثم رجع، فقال: رأيت خيلهم تضرب بأذنابها مجنوبة مدبرة، ورأيت القوم قد تحملوا على الأثقال سائرين، فطابت أنفس القوم لذهاب العدو وانتشروا يتبعون قتلاهم، فلم يجدوا قتيلا إلا قد مثلوا به، إلا حنظلة بن أبي عامر، كان أبوه مع المشركين فترك له وزعموا أن أباه وقف عليه قتيلا، فدفع صدره برجله ثم قال ذنبان أصبتهما قد تقدمت إليك في مصرعك هذا يا دبيس ولعمر الله إن كنت لواصلا للرحم برا بالوالد. ووجدوا حمزة بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم قد بقر بطنه، وحملت كبده احتملها وحشي وهو قتله يذهب بكبده إلى هند بنت عتبة في نذر نذرته حين قتل أباها يوم بدر، وأقبل المسلمون على قتلاهم يدفنونهم فدفن حمزة في نمرة كانت عليه إذا رفعت إلى رأسه بدت قدماه، وإذا أنزلت إلى رجليه بدا وجهه، فجعلوا أعوادا من شجر وحجارة فوضعوها على قدميه وغطوا وجهه. قال موسى: قال ابن شهاب: فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم لدفن الشهداء، قال: زملوهم بجراحهم فإنه ليس كلم يكلم في الله إلا وهو يأتي يوم القيامة يدمى لونه لون الدم وريحه ريح المسك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا الشهيد على هذا يوم القيامة، ، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يدفنون على عينيه، ولم يغسلهم ولم يصل على أحد منهم كما يصلي على الموتى، ولم يدفنهم في غير ثيابهم التي قتلوا فيها. قال: وهم يدفنون الرهط في الحفرة الواحدة، أي هؤلاء كان أكثر أخذا للقرآن؟ فإذا أشير إلى الرجل منهم قدمه في اللحد قبل أصحابه حتى فرغ من دفنهم. وخرج نساء من المهاجرات والأنصار يحملن على ظهورهن الماء والطعام وخرجت فيهم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأت أباها والذي به من الدماء اعتنقته، وجعلت تمسح الدماء عن وجهه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اشتد غضب الله على قوم دموا وجه رسول الله، واشتد غضب الله على رجل قتله رسول الله .

مصنف عبد الرزاق (5/ 355 ت الأعظمي)
: 731 - عن معمر، عن عثمان الجزري، عن مقسم، مولى ابن عباس قال معمر: وحدثني الزهري ببعضه قال: إن ابن أبي معيط وأبي بن خلف الجمحي التقيا فقال عقبة بن أبي معيط لأبي بن خلف وكانا خليلين في الجاهلية، وكان أبي بن خلف أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فعرض عليه الإسلام، فلما سمع ذلك عقبة قال: لا أرضى عنك حتى تأتي محمدا فتتفل في وجهه، وتشتمه وتكذبه قال: فلم يسلطه الله على ذلك، فلما كان يوم بدر أسر عقبة بن أبي معيط في الأسارى، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب أن يقتله فقال عقبة: يا محمد من بين هؤلاء أقتل؟ قال: نعم قال: لم؟ قال: بكفرك وفجورك وعتوك على الله ورسوله قال معمر: وقال مقسم: فبلغنا والله أعلم أنه قال: فمن للصبية؟ قال: النار قال: فقام إليه علي بن أبي طالب فضرب عنقه. وأما أبي بن خلف، فقال: والله لأقتلن محمدا، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ‌بل ‌أنا ‌أقتله ‌إن ‌شاء ‌الله قال: فانطلق رجل ممن سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بن خلف فقيل: إنه لما قيل لمحمد صلى الله عليه وسلم ما قلت؟ قال: ‌بل ‌أنا ‌أقتله ‌إن ‌شاء ‌الله فأفزعه ذلك، وقال أنشدك بالله أسمعته يقول ذلك؟ قال: نعم فوقعت في نفسه لأنهم لم يسمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قولا إلا كان حقا، فلما كان يوم أحد خرج أبي بن خلف مع المشركين فجعل يلتمس غفلة النبي صلى الله عليه وسلم ليحمل عليه، فيحول رجل من المسلمين بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: خلوا عنه فأخذ الحربة فجزله بها يقول: رماه بها، فيقع في ترقوته تحت تسبغة البيضة، وفوق الدرع، فلم يخرج منه كبير دم، واحتقن الدم في جوفه، فجعل يخور كما يخور الثور، فأقبل أصحابه حتى احتملوه وهو يخور وقالوا: ما هذا فوالله ما بك إلا خدش، فقال: " والله لو لم يصبني إلا بريقه لقتلني، أليس قد قال: أنا أقتله إن شاء الله، والله لو كان الذي بي بأهل ذي المجاز لقتلهم. قال: فما لبث إلا يوما أو نحو ذلك حتى مات إلى النار، فأنزل الله فيه: {ويوم يعض الظالم على يديه} [الفرقان: 27] إلى قوله: {الشيطان للإنسان خذولا} [الفرقان: 29]