الموسوعة الحديثية


- أنَّ ثلاثةَ نفَرٍ كانوا في كهفٍ ، فوقَع الجبلُ على بابِ الكهفِ فأوصَده عليهِم ، فقال قائلٌ منهم : أيُّكم عمِل حسنةً لعلَّ اللهَ برحمتِه يرحمُنا ، فقال رجلٌ منهم : قد كان لي أُجراءُ يعمَلونَ عملًا لي ، فاستَأجَرتُ كلَّ رجلٍ منهم بأجرٍ معلومٍ ، فجاءني رجلٌ منهم ذاتَ يومٍ وسطَ النهارِ ، واستأجَرتُه بشرطِ أصحابِه فعمِل في بقيةِ نهارِه كما عمِل في نهارِه كلِّه ، فرأيتُ عليَّ منَ الزمامِ أن لا أنقصَه مما استَأجَرتُ به أصحابَه للجهدِ في عملِه ، فقال رجلٌ منهم : أو تُعطي هذا مثلَ ما أعطَيتَني ولم يعملْ إلا نصفَ النهارِ ، قلتُ : يا عبدَ اللهِ ، لم أبخَسْكَ شيئًا مِن شرطِكَ وإنما هو مالي أحكمُ فيما شِئتُ ، قال : فغضِب وذهَب وترَك أجرَه فوضَعتُ حقَّه في جانبِ البيتِ ما شاء اللهُ ، ثم مرَّتْ بي بعدَ ذلك بقرٌ فاشترَيتُ به فصيلةً منَ البقرِ ، فبلغَتْ ما شاء اللهُ ، فمرَّ بي بعد حين شيخٌ ضعيفٌ ، ولا أعرفُه ، فقال : إنَّ لي عندَكَ حقًّا ... ، فذكَره حتى عرَفتُه ، فقلتُ : إيَّاك أبغي ، هذا حقُّكَ ، فعرَضتُها عليه جميعًا ، فقال : يا عبدَ اللهِ ، لا تسخَرْ بي ، إن لم تتصَدَّقْ عليَّ فأعطِني حقي ، فقلتُ : واللهِ ما أسخَرُ بكَ ، إنهَّا لحقُّكَ ، ومالي فيها مِن شيءٍ ، فدفَعتُها إليه جميعًا ، اللهم إن كنتُ فعلتُ ذلك لوجهِكَ فافرُجْ عنا ، فانصَدَع الجبلُ حتى رأَوا وأبصَروا ، وقال الآخرُ : قد عمِلتُ حسنةً مرةً ، كان لي فضلٌ ، وأصاب الناسَ شدةٌ ، فجاءَتْني امرأةٌ وطلبَتْ مِني معروفًا ، فقلتُ : لا واللهِ ما هو دونَ نفسِكَ فأبَتْ عليَّ ، فذهبَتْ فذكرَتْ ذلك لزوجِها ، فقال لها : أعطيه نفسَكِ وعيني عليكِ ، فرجعَتْ إليَّ فنشدَتْني باللهِ عزَّ وجلَّ ، فأبَيتُ عليها ، و قلتُ لها : ما هو دونَ نفسِكِ ، فلما رأَتْ ذلك أسلمَتْ إليَّ نفسَها ، فلما كشَفتُها وهمَمتُ بها ارتعدَتْ مِن تحتي ، فقلتُ لها : ما شأنُكِ ؟ فقالتْ : اللهُ ربُّ العالَمينَ ، فقلتُ : لها خِفتِه في الشدةِ ولم أخَفْه في الرخاءِ ، فترَكتُها وأعطَيتُها ما يحقُّ عليَّ لها لما تكشَّفتُها، اللهم إن كنتُ فعلتُ ذلك لوجهِكَ ، فافرُجْ عنا ، فانصَدَع الحجرُ حتى عرَفوا وتبيَّن لهم ، قال الآخرُ : قد عمِلتُ حسنةً مرةً ، كان لي أبوانِ شيخانِ كبيرانِ ، وكانتْ لي غنمٌ ، فكنتُ أطعِمُ أبوايَ وأَسقيهِما ، ثم رجَعتُ إلى غنَمي ، فأصاب يوم غيثٍ حبسَني فلم أرحْ حتى أمسَيتُ ، فأتيتُ أهلي فأخَذتُ محلبي فحلبتُ غنَمي وتركتُها قائمةً ، ومضَيتُ إلى أبوايَ فوجَدتُهما قد ناما ، فشقَّ عليَّ أن أوقِظَهما وشقَّ عليَّ أن أترُكَ غنَمي ، فما برِحتُ جالسًا ومحلبي على يدي حتى أيقَظَهما الصبحُ فسقَيتُهما ، اللهم إن كنتُ فعلتُ ذلك لوجهِكَ فافرُجْ عنا ، فقال النعمانُ : كأني أسمعُ هذه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال الجبلُ: طاقْ ففرَّج اللهُ عنهم ، فخرَجوا يتماشَونَ
الراوي : النعمان بن بشير | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 6/454 | خلاصة حكم المحدث : له شاهد