الموسوعة الحديثية


- فلمَّا أردْتُ أن أخْرُجَ، قالَتْ: اجلِسْ حتَّى أُحَدِّثَكَ حَديثًا عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.  قالَتْ: خرَجَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومًا من الأيَّامِ فصلَّى صلاةَ الهاجرةِ، ثمَّ قعَدَ، ففَزِعَ النَّاسُ، فقالَ: اجلِسُوا أيُّها النَّاسُ، فإنِّي لم أقُمْ مَقامي هذا لفَزَعٍ، ولكنَّ تَميمًا الدَّاريَّ أَتاني، فأخبَرَني خبَرًا منَعَني القَيلولَةَ من الفَرَحِ وقُرَّةِ العَينِ، فأحبَبْتُ أن أَنشُرَ عليكُمْ فرَحَ نَبِيِّكُم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أخبَرَني أنَّ رَهْطًا من بني عَمِّه رَكِبوا البحرَ، فأصابَتْهُم ريحٌ عاصِفٌ، فألجَأَتْهُمُ الرِّيحُ إلى جزيرةٍ لا يَعرِفونَها، فقَعَدوا في قُوَيْربِ سفينَةٍ حتَّى خَرَجوا إلى الجزيرةِ، فإذا هُم بشيءٍ أهْلَبَ كثيرِ الشَّعَرِ، لا يَدْرونَ أرجُلٌ هوَ أو امرأةٌ، فسَلَّموا عليهِ، فردَّ علَيْهِمُ السَّلامَ، قالوا: ألا تُخبِرُنا؟ قالَ: ما أنا بمُخبرِكُم ولا مُستَخْبرِكُم، ولكنْ هذا الدَّيْرُ قدْ رَهِقْتُموهُ، ففيه مَن هو إلى خَبرِكُم بالأشْواقِ أن يُخبرَكُم ويَستخبرَكُم. قالَ: قُلنا: ما أنتَ؟ قالَتْ: أنا الجسَّاسَةُ، فانطَلَقوا حتَّى أتَوُا الدَّيْرَ، فإذا هُمْ برجلٍ مُوثَقٍ شديدِ الوَثاقِ، مُظهِرٍ الحُزنَ، كثيرِ التَّشَكِّي، فسلَّموا عليه، فرَدَّ عليهم، فقالَ: ممَّن أنتُمْ؟ قالوا: مِن العرَبِ، قالَ: ما فعَلَتِ العرَبُ، أخَرجَ نبِيُّهُم بعدُ؟ قالوا: نعَمْ، قالَ: فما فَعَلوا؟ قالوا: خيرًا، آمَنُوا بهِ وصدَّقوهُ، قالَ: ذلك خيرٌ لهُم، وكان لهُ عدُوٌّ، فأظْهرَهُ اللهُ عليهِم، قالَ: فالعربُ اليومَ إلهُهُمْ واحدٌ، ودينُهُم واحدٌ، وكلِمَتُهُم واحدةٌ؟ قالوا: نعَمْ، قالَ: فمَا فعَلَتْ عيْنُ زُغَرَ؟ قالوا: صالحَةٌ يشْرَبُ منها أهلُها لِشَفَتِهِمْ، ويَسقُونَ منها زرْعَهُم، قالَ: فما فعَلَ نخْلٌ بينَ عَمانَ وبَيْسانَ؟ قالوا: صالحٌ يُطْعِمُ جَناهُ كلَّ عامٍ، قالَ: فما فعَلَتْ بُحَيرةُ الطَّبَرِيَّةِ؟ قالُوا: مَلْأَى، قالَ: فزَفَرَ، ثمَّ زَفَرَ، ثمَّ زَفَرَ، ثم حَلَفَ: لو خرَجْتُ مِن مكاني هذا، ما ترَكْتُ أرضًا من أرضِ اللهِ إلا وَطِئْتُها، غيرَ طَيْبةَ، ليسَ لي عليها سُلطانٌ، قالَ: فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إلى هذا انتهَى فَرَحي-ثلاثَ مرارٍ- إنَّ طيبةَ المدينةُ، إنَّ اللهَ حرَّمَ حَرَمي على الدَّجَّالِ أن يَدْخُلَها. ثم حلَفَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: واللهِ الذي لا إلهَ إلَّا هو، ما لها طَريقٌ ضيِّقٌ، ولا واسِعٌ، في سهْلٍ ولا جَبَلٍ، إلا عليه ملَكٌ شاهِرٌ بالسَّيْفِ إلى يومِ القيامةِ، ما يَستطيعُ الدَّجَّالُ أن يدْخُلَها على أهلِها. قال عامرٌ: فلَقِيتُ المُحرَّرَ بنَ أبي هُريرةَ، فحدَّثْتُهُ بحديثِ فاطمةَ بنتِ قَيْسٍ، فقالَ: أشْهَدُ على أبي أنَّه حدَّثَني كما حدَّثَتْكَ فاطمةُ، غيرَ أنَّه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّه نحْوَ المَشْرقِ. قالَ: ثمَّ لَقِيتُ القاسِمَ بنَ محمَّدٍ، فذكَرْتُ له حديثَ فاطمةَ، فقالَ: أشهَدُ على عائشةَ أنَّها حدَّثَتْني كمَا حدَّثَتْكَ فاطمةُ، غيرَ أنَّها قالَتْ: الحَرَمانِ عليه حرامٌ: مكَّةُ، والمدينةُ.
الراوي : فاطمة بنت قيس | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 27349 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | أحاديث مشابهة
التخريج : أخرجه مسلم (2942)، وأبو داود (4326) بنحوه، وأحمد (27349) واللفظ له | شرح حديث مشابه