الموسوعة الحديثية


- عن كعبٍ أنه قال : إن سدرةَ المنتهَى على حدِّ السماءِ السابعةِ مما يلِي الجنةَ ، فهي على حدِّ هواءِ الدنيا وهواءِ الآخرةِ ، علوُّها في الجنةِ وعُروقُها وأغصانُها من تحتِ الكرسيِّ ، فيها ملائكةٌ لا يعلمُ عدَّتهُم إلا اللهَ عز وجل ، يعبدونَ اللهَ عز وجلَّ على أغصانِها في كلِ موضعِ شعرةٍ منها ملكٌ ، ومقامُ جبريلَ عليهِ السلامُ في وسطِها ، فينادي اللهُ جبريلَ أن ينزلَ في كل ليلةٍ قدْرٍ مع الملائكةِ الذين يسكنونَ سدرةَ المنتهَى ، وليسَ فيهم ملكٌ إلا قد أعطيَ الرأْفةَ والرحمةَ للمؤمنينَ ، فينزلونَ على جبريلَ في ليلةِ القَدْرِ حين تغربُ الشمسُ ، فلا تبقى بقعةٌ في ليلةِ القدرِ إلا وعليها ملكٌ إما ساجدٌ وإما قائمٌ يدعو للمؤمنينَ والمؤمناتِ إلا أن تكونَ كنيسةً أو بيعةً أو بَيْت نارٍ أو وثنٍ أو بعضُ أماكنكُم التي تطرحونَ فيها الخبثَ أو بيتٌ فيه سكرانٌ أو بيتٌ فيه مُسكرٌ أو بيتٌ فيه وثنٌ منصوبٌ أو بيتٌ فيه جرسٌ معلّقٌ أو مبولةٌ أو مكانٌ فيه كُساحةُ البيتِ فلا يزالونَ ليلتهم تلكَ يدعونَ للمؤمنينَ والمؤمناتِ ، وجبريلُ لا يدعُ أحدا من المؤمنينَ إلا صافحهُ وعلامةُ ذلكَ من اقشعرَّ جلدهَ ورقَّ قلبهُ ودمعتْ عيناهُ فإن ذلكَ من مصافحةِ جبريلَ . وذكرَ كعبٌ أن من قال في ليلةِ القدرِ : لا إله إلا اللهُ ثلاثَ مراتٍ غفرَ اللهُ لهُ بواحدةٍ ونجَّاهُ من النارِ بواحدةٍ وأدخلهُ الجنةَ بواحدةٍ . قلنا لكعبِ الأحبارِ يا أبا إسحاقَ صادِقا ؟ فقال كعبٌ وهل يقولُ لا إله إلا اللهُ في ليلةِ القدرِ إلا كل صادقٍ ؟ والذي نفسي بيدهِ إن ليلةَ القَدْرِ لتثقلُ على الكافرِ والمنافقِ حتى كأنها على ظهرهِ جبلٌ فلا تزالَ الملائكةُ هكذا حتى يطلعَ الفجرُ ، فأول من يصعدُ جبريلُ حتى يكون في وجهِ الأفقِ الأعلى من الشمسِ فيبسطُ جناحيهِ – وله جناحانِ أخضرانِ لا ينشُرُهُما إلا في تلكَ الساعةِ – فتصيِرُ الشمسُ لا شعاعَ لها ثم يدعو ملكا فيصعدُ فيجتمعُ نورُ الملائكةِ ونورُ جناحَيْ جبريلُ فلا تزالُ الشمسُ يومها ذلكَ متحيِّرةٌ ، فيقيمُ جبريلُ ومن معهُ بين الأرضِ وبين السماءِ الدنيا يومهُم ذلكَ في دعاءٍ ورحمةٍ واستغفارٍ للمؤمنينَ والمؤمناتِ ، ولمن صام رمضانَ احتسابا ودعا لمنْ حدّثَ نفسهُ إن عاشَ إلى قَابلٍ صامَ رمضانَ للهِ ، فإذا أمسوا دخلوا السماءَ الدنيا فيجلسونَ حلقا فتجتمعُ إليهِم ملائكةُ سماءِ الدنيا فيسألونهُم عن رجلٍ رجلٍ وعن امرأةٍ امرأةٍ فيحدثونهُم حتى يقولوا : ما فعلَ فلانٌ ؟ وكيفَ وجدتموهُ العامَ ؟ فيقولون وجدنا فلانا عامَ أولَ في هذهِ الليلةِ متعبدا ووجدناهُ العامَ متعبدا ، ووجدنا فلانا مبتدعا ووجدناهُ العام عابدا ، قال : فيكفونَ عن الاستغفارِ لذلكَ ويقبلونَ على الاستغفارِ لهذا ، ويقولونَ وجدنا فلانا وفلانا يذكرانِ اللهِ ووجدنا فلانا راكعا وفلانا ساجدا ووجدناه تاليا لكتابِ اللهِ ، قال : فهمْ كذلكَ يومهُم وليلتهُم حتى يصعدوا إلى السماءِ الثانيةِ ففي كلِ سماءٍ يومٌ وليلةٌ حتى ينتهوا مكانهم من سدرةِ المنتَهى ، فتقولُ لهم سدرةُ المنتَهى يا سكّاني حدثوني عن الناسِ وسموهُم لي فإن لي عليكُم حقا ، وإني أحبُ من أحبَ اللهَ ، فذكرَ كعبٌ أنهم يعدونَ لها ويحكونَ لها الرجلَ والمرأةَ بأسمائهِم وأسماءِ آبائهِم ، ثم تقبلُ الجنةُ على السدرةِ فتقولُ : أخبريني بما أخبركِ به سكانكِ من الملائكةِ ، فتخبرها ، قال : فتقول الجنة : رحمةُ اللهِ على فلانٍ ورحمةُ اللهِ على فلانةٍ ، اللهم عجلهُم إليَّ ، فيبلغُ جبريلُ مكانهُ قبلهُم ، فيلهِمهُ اللهُ فيقول : وجدتُ فلانا ساجدا فاغفرْ لهُ فيغفرُ لهُ ، فيسمعُ جبريلُ جميعُ حملةِ العرشِ فيقولون : رحمةُ اللهَ على فلانٍ ورحمةُ اللهِ على فلانةٍ ومغفرتهُ لفلانٍ ، ويقول : يا ربِّ وجدتُ عبدكَ فلانا الذي وجدتهُ عامَ أولَ على السنةِ والعبادةِ ، ووجدتهُ العامَ قد أحدثَ حدثا وتولى عما أمرَ بهِ ، فيقول الله : يا جبريلُ إن تابَ فأعتبنِي قبلَ أن يموتَ بثلاثِ ساعاتٍ غفرتُ لهُ ، فيقولُ جبريلُ : لكَ الحمدُ إلهي أنتَ أرحمُ من جميعِ خلقكَ ، وأنتَ أرحمُ بعبادكَ من عبادكَ بأنفسهِم ، قال : فيرتجُّ العرشُ وما حولهُ والحُجبُ والسمواتُ ومن فيهنَّ ، تقول : الحمدُ للهِ الرحيم الحمدُ للهِ الرحيم . قال : وذكر كعبٌ أنه من صامَ رمضانَ وهو يحدثُ نفسهُ إذا أفطرَ بعدَ رمضانَ أن لا يعصي اللهَ دخلَ الجنةَ بغيرِ مسألةٍ ولا حسابٍ
الراوي : والد أبي عبدالسلام | المحدث : ابن كثير | المصدر : تفسير القرآن العظيم
الصفحة أو الرقم : 8/472 | خلاصة حكم المحدث : أثر غريب | أحاديث مشابهة