الموسوعة الحديثية


- أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَعَثَ عَمرَو بنَ العاصِ يَستَنفِرُ أخوالَه مِن بليٍّ إلى غَزوِ الشَّامِ، فلَمَّا أشرَفَ عليهم خافَهم، فبَعَثَ إلى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَستَمِدُّه بجَيشٍ، فبَعَثَ جَيشًا فيهم أبو بَكرٍ وعُمَرُ، وأبو عُبَيدةَ أميرًا عليهم، فلَمَّا وصَلوا إلى عَمرٍو، قال عَمرٌو: إنَّما بَعَثَكُم رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُسَدِّدًا لي، فأنا الأميرُ، فلَم يُخالِفْه أبو عُبَيدةَ، فكانَ عَمرٌو هو الذي يُصَلِّي بهم، وذلك في غَزوةِ ذاتِ السَّلاسِلِ. قال مُحَمَّدُ بنُ إسحاقَ: وكانَ مِنَ الحَديثِ في هذه الغَزاةِ: أنَّ رافِعَ بنَ أبي رافِعٍ الطَّائيَّ، وهو رافِعُ بنُ عَميرةَ، كانَ يُحَدِّثُ فيما بَلَغَني عَن نَفسِه أنَّه قال: كُنتُ (في تلك الغَزاةِ)، فقُلتُ: واللَّهِ لَأختارَنَّ لنَفسي صاحِبًا، قال: فصَحِبتُ أبا بَكرٍ، قال: فكُنتُ مَعَه في رَحلِه، قال: فكانَت عليه فدَكيَّةٌ، فكانَ إذا نَزَلنا بَسَطَها، وإذا رَكِبنا لَبِسَها، ثُمَّ شَبَّكَها عليه بخِلالٍ لَه، قال: وذلك الذي يَقولُ له أهلُ نَجدٍ حينَ ارتَدُّوا كُفَّارًا: أنَحنُ نُبايِعُ ذا العَباءةِ؟! قال: فلَمَّا دَنَونا مِنَ المَدينةِ قافِلينَ قُلتُ: يا أبا بَكرٍ، إنَّما صَحِبتُكَ ليَنفَعَني اللَّهُ بكَ، فانصَحْني وعَلِّمْني. قال: لَو لَم تَسألْني هذا لَفَعَلتُ. قال: آمُرُكَ أن توحِّدَ اللَّهَ، لا تُشرِكُ به شَيئًا، وأن تُقيمَ الصَّلاةَ، وأن تُؤتيَ الزَّكاةَ، وتَصومَ رَمَضانَ، وتَحُجَّ هذا البَيتَ وتَغتَسِلَ مِنَ الجَنابةِ، ولا تَتَأمَّرَ على رَجُلٍ مِنَ المُسلِمينَ أبَدًا. قال: قُلتُ: يا أبا بَكرٍ، أمَّا أنا واللَّهِ فإنِّي أرجو أن لا أُشرِكَ باللَّهِ أبَدًا، وأمَّا الصَّلاةُ فلَن أترُكَها أبَدًا إن شاءَ اللَّهُ، وأمَّا الزَّكاةُ فإن يَكُ لي مالٌ أُؤَدِّها إن شاءَ اللَّهُ، وأمَّا رَمَضانُ فلَن أترُكَه إن شاءَ اللَّه، وأمَّا الحَجُّ فإن (استَطَعتُ أحُجُّ) إن شاءَ اللَّهُ، وأمَّا الجَنابةُ فسَأغتَسِلُ مِنها إن شاءَ اللَّهُ، وأمَّا الإمارةُ فإنِّي رَأيتُ النَّاسَ يا أبا بَكرٍ لا يَرقوا مِنها عِندَ رَسولِ اللَّهِ وعِندَ النَّاسِ إلَّا بها، فلِمَ تَنهى عَنها؟ قال: إنَّما استَجهَدتَني لأجهَدَ لَكَ، وسَأُخبِرُكَ عَن ذلك، إنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا بهذا الدِّينِ، فجاهَدَ عليه حَتَّى دَخَلَ النَّاسُ فيه طَوعًا وكَرهًا، فلَمَّا دَخَلوا كانوا عُوَّاذَ اللَّهِ وجيرانَه وفي ذِمَّتِه، فإيَّاكَ لا تُخفِرِ اللَّهَ في جيرانِه، فيَتبَعَكَ اللَّهُ في خَفرَتِه؛ فإنَّ أحَدَكُم يَخفِر جارَه، ناتِئًا عَضَلَه غَضَبًا لجارِه إن أُصيبَ له شاةٌ أو بَعيرٌ، فاللَّهُ أشَدُّ غَضَبًا لجارِه. قال: ففارَقتُه على ذلك. قال: فلَمَّا قُبِضَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأُمِّرَ أبو بَكرٍ على النَّاسِ، قال: قدِمتُ عليه، فقُلتُ: يا أبا بَكرٍ، ألَم تَكُنْ نَهَيتَني عَن أن أتَأمَّرَ على رَجُلَينِ مِنَ المُسلِمينَ؟ قال: بَلى، وأنا الآنَ أنهاكَ عَن ذلك. قال: فقُلتُ لَه: فما حَمَلَكَ على أن تَليَ أمرَ النَّاسِ؟ قال: لا أجِدُ مِن ذلك بُدًّا، خَشيتُ على أُمَّةِ مُحَمَّدٍ الفُرقةَ.
خلاصة حكم المحدث : معلق يسبقه البلاغ
الراوي : - | المحدث : ابن كثير | المصدر : مسند أبي بكر الصديق الصفحة أو الرقم : 456
التخريج : -