الموسوعة الحديثية


- قال أخي موسى عليه السَّلامُ : يا ربِّ أرِني الَّذي كُنْتَ أرَيْتَني في السَّفينةِ ، فأوحى اللهُ إليه : يا موسى إنَّك ستراه فلم يلبَثْ إلا يسيرًا حتَّى أتاه الخَضِرُ في طِيبِ ريحٍ وحسنِ ثيابِ البياضِ فقال : السَّلامُ عليك يا موسى بنَ عمرانَ ، إنَّ ربَّك يقرَأُ عليك السَّلامَ ورحمةَ اللهِ ، فقال موسى : هو السَّلامُ ومنه السَّلامُ وإليه السَّلامُ والحمدُ للهِ ربِّ العالَمينَ الَّذي لا أُحصِي نِعَمَه ولا أقدِرُ على شكرِه إلَّا بمعونتِه ، ثُمَّ قال موسى : إنِّي أُرِيدُ أن تُوصِيَني بوصيةٍ ينفَعُني اللهُ بها بعدَك . قال الخَضِرُ : يا طالبَ العلمِ إنَّ القائلَ أقلُّ مَلالةً من المستمِعِ فلا تمَلَّ جُلساءَك إذا حدَّثْتَهم ، واعلَمْ أنَّ قلبَك وعاءٌ فانظُرْ ماذا تحشو به وعاءَك ، واعزِفْ الدُّنيا وانبِذْها وراءَك فإنَّها ليسَت لك بدارٍ ولا لك فيها محلُّ قرارٍ وإنَّها جُعِلَت بُلْغةً للعبادِ ليتزوَّدوا منها للمعادِ ، ويا موسى وطِّنْ نفسَك على الصَّبرِ تَلْقَ الحِلْمَ ، وأشعِرْ قلبَك التَّقوى تَنَلِ العلمَ ، ورضِّ نفسَك على الصَّبرِ تخلُصْ من الإثمِ ، يا موسى تفرَّغْ للعلمِ إن كُنْتَ تُرِيدُه فإنَّما العلمُ لمَن تفرَّغ له ، ولا تكونَنَّ مِكثارًا بالمنطقِ مِهْذارًا فإنَّ كثرةَ المنطقِ تَشِينُ العلماءَ وتُبْدِي مساوئَ السُّخفاءِ ولكن عليك بذي اقتصادٍ فإنَّ ذلك من التَّوفيقِ والسَّدادِ ، واعرِضْ عن الجُهَّالِ واحلُمْ عن السُّفهاءِ فإنَّ ذلك فضلُ الحكماءِ وزَيْنُ العلماءِ ، إذا شتَمك الجاهلُ فاسكُتْ عنه سِلمًا وجانِبْه حَزمًا فإنَّ ما لقي من جله عليك وشتمِه إيَّاك أعظمُ وأكثرُ ، يا ابنَ عِمْرانَ لا تفتَحنَّ بابًا لا تدري ما غلقُه ولا تُغلِقنَّ بابًا لا تدري ما فتحُه ، يا ابنَ عِمْرانَ مَن لا ينتهي من الدُّنيا نَهْمتُه ولا تنقضي فيها رغبتُه كيف يكونُ عابدًا ، مَن يحقِرُ حالَه ويتَّهِمُ اللهَ بما قضى له كيف يكونُ زاهدًا ، هل يكُفُّ عن الشَّهواتِ مَن قد غلَب عليه هواه وينفَعُه لب العلمِ والجهلُ قد حواه لأنَّ سفرَه إلى آخرتِه وهو مُقبِلٌ على دنياه ، يا موسى تعلَّمْ ما تعلَمُ لتعمَلَ به ولا تعلَّمْه لتُحدِّثَ به فيكونَ عليك بُورُه ويكونَ لغيرِك نورُه ، يا ابنَ عِمْرانَ اجعَلِ الزُّهدَ والتَّقوى لباسَك والعلمَ والذِّكرَ كلامَك ، وأكثِرْ من الحسناتِ فإنَّك مُصيبٌ السِّيئاتِ وزعزِعْ بالخوفِ قلبَك فإنَّ ذلك يُرضِي ربَّك واعمَلْ خيرًا فإنَّك لا بدَّ عاملٌ سواه . قد وُعِظْتَ إن حفِظْتَ . فتولَّى الخَضِرُ وبقي موسى حزينًا مكروبًا
الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد
الصفحة أو الرقم : 1/135 | خلاصة حكم المحدث : فيه زكريا بن يحيى الوقاد قال ابن عدي : كان يضع الحديث