الموسوعة الحديثية


- حَديثُ أُمِّ مَعبَدٍ -في الصُّفَّةِ- الذي رَواه بِشرُ بنُ مُحَمَّدٍ السُّكَّريُّ، عن عَبدِ المَلكِ بنِ وهبٍ المَذحِجيِّ، عنِ الحُرِّ بنَ الصَّيَّاحِ [يَعني حَديثَ: عن أبي مَعبَدٍ الخُزاعيِّ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لمَّا هاجَرَ مِن مَكَّةَ إلى المَدينةِ هو وأبو بَكرٍ وعامِرُ بنُ فُهَيرةَ مَولى أبي بَكرٍ، ودَليلُهم عَبدُ اللَّهِ بنُ أريقِطٍ اللَّيثيُّ، فمَرُّوا بخَيمَتي أمِّ مَعبَدٍ الخُزاعيَّةِ، وكانتِ امرَأةً جَلدةً برَزةً، تَحتَبي وتَقعُدُ بفناءِ الخَيمةِ، ثُمَّ تَسقي وتُطعِمُ، فسَألوها تمرًا أو لحمًا يَشتَرونَ، فلم يُصيبوا عِندَها شيئًا مِن ذلك، وإذا القَومُ مُرمِلون مُسنِتونَ، فقالت: واللهِ لو كان عِندَنا شَيءٌ ما أعوزَكُمُ القِرى، فنَظَر رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى شاةٍ في كسرِ الخَيمةِ، فقال: ما هذه الشَّاةُ يا أمَّ مَعبَدٍ؟ قالت: هذه شاةٌ خَلفَها الجَهدُ عنِ الغَنَمِ، فقال: هَل بها مِن لبَنٍ؟ قالت: هيَ أجهَدُ مِن ذلك! قال: أتَأذَنينَ لي أن أحلُبَها؟ قالت: نَعَم، بأبي أنتَ وأُمِّي، إن رَأيتَ بها حَلبًا! فدَعا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالشَّاةِ، فمَسَحَ ضَرعَها وذَكَرَ اسمَ اللهِ، وقال: اللهُمَّ بارِكْ لها في شاتِها، قال: فتَفاجَّت ودَرَّت واجتَرَّت، فدَعا بإناءٍ لها يربضُ الرَّهطَ، فحَلبَ فيه ثجًّا حتَّى علته الثمالُ، فسَقاها فشَرِبَت حتَّى رَوِيَت وسَقى أصحابَه حتَّى رَوُوا وشَرِبَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم آخِرَهم، وقال: ساقي القَومِ آخِرُهم، فشَرِبوا جميعًا عَلَلًا بَعدَ نَهلٍ حتَّى أراضوا، ثُمَّ حَلبَ فيه ثانيًا عَودًا على بَدءٍ، فغادَرَه عِندَها ثُمَّ ارتَحَلوا عنها، فقَلَّما لبثَت أن جاءَ زَوجُها أبو مَعبَدٍ يَسوقُ أعنزًا حيلًا عِجافًا هَزلى ما تُساوقُ، مُخُّهنَّ قَليلٌ لا نقْيَ بهنَّ، فلمَّا رَأى اللَّبَنَ عَجِبَ وقال: من أينَ لكُم هذا والشَّاةُ عازِبةٌ ولا حَلوبةَ في البَيتِ؟ قالت: لا واللَّهِ إلَّا أنَّه مَرَّ بنا رَجُلٌ مُبارَكٌ كان من حديثِه كَيتَ وكَيتَ، قال: واللهِ إنِّي لأراه صاحِبَ قُرَيشٍ الذي يَطلُبُ، صِفِيه لي يا أمَّ مَعبَدٍ، قالت: رَأيتُ رجلًا ظاهِرَ الوَضاءةِ، مُتَبَلِّجَ الوَجهِ، حَسَنَ الخَلْقِ، لم تَعِبه ثجلةٌ، ولم تُزْرِ به صعلةٌ، وسيمٌ قَسيمٌ، في عَينَيه دَعَجٌ، وفي أشفارِه وَطَفٌ، وفي صَوتِه صحلٌ، أحوَرُ أكحَلُ، أزَجُّ أقرَنُ، شَديدُ سَوادِ الشَّعرِ، في عُنُقِه سَطعٌ، وفي لحيَتِه كَثافةٌ، إذا صَمَتَ فعليه الوَقارُ، وإذا تَكَلَّمَ سَما وعَلاه البَهاءُ، وكَأنَّ مَنطِقَه خَرَزاتُ نظمٍ يَتَحَدَّرنَ، حُلوُ المَنطِقِ، فَصلٌ، لا نَزرٌ ولا هَذرٌ، أجهَرُ النَّاسِ وأجمَلُه مِن بَعيدٍ، وأحلاه وأحَسَنُه مِن قَريبٍ، رَبعةٌ لا تَشنَؤُه مِن طولٍ ولا تَقتَحِمُه عَينٌ مِن قِصَرٍ، غُصنٌ بَينَ غُصنَينِ، فهو أنضَرُ الثَّلاثةِ مَنظرًا، وأحَسَنُهم قَدرًا، له رُفقاءُ يَحفُّونَ به، إذا قال استَمَعوا لقَولِه، وإذا أمَرَ تبادَروا إلى أمرِه، مَحفودٌ مَحشودٌ، لا عابثٌ ولا مُفنَّدٌ، قال: هذا واللَّهِ صاحِبُ قُرَيشٍ الذي ذُكِرَ لنا مِن أمرِه ما ذُكِرَ، ولو كُنتُ وافَقتُه يا أمَّ مَعبَدٍ لالتَمَستُ أن أصحَبَه، ولأفعَلَنَّ إن وجَدتُ إلى ذلك سبيلًا، وأصبَحَ صَوتٌ بمَكَّةَ عاليًا بَينَ السَّماءِ والأرضِ يَسمَعونَه ولا يَرَونَ مَن يَقولُ، وهو يَقولُ: جَزى اللهُ رَبُّ النَّاسِ خَيرَ جَزائِه رَفيقَينِ حَلَّا خَيمَتَي أمِّ مَعبَدِ هما نَزَلا بالبرِّ وارتَحَلا به فأفلحَ مَن أمسى رَفيقَ مُحَمَّدِ فيالَ قُصيٍّ ما زَوى اللَّهُ عنكُمُ به مِن فِعالٍ لا يُجازي وسُودُدِ سَلُوا أُختَكُم عن شاتِها وإنائِها فإنَّكُم إن تَسألوا الشَّاةَ تَشهَدِ دَعاها بشاةٍ حائِلٍ فتَحَلَّبَت له بصَريح ضَرَّة الشَّاةِ مُزبِدِ فغادَرَها رهنًا لدَيها لحالِبٍ تُدِرُّ بها في مَصدَرٍ ثُمَّ مَورِدِ وأصبَحَ القَومُ قد فقدوا نَبيَّهم، وأخَذوا على خَيمَتي أمِّ مَعبَدِ حتَّى لحِقوا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم]
خلاصة حكم المحدث : [قال أبو حاتمٍ]: قيل لي: إنَّه يُشبِهُ أن يكونَ مِن حديثِ سُلَيمانَ بنِ عَمْرٍو النَّخَعيِّ؛ لأنَّ سُلَيمانَ بنَ عَمْرٍو هو: ابنُ عَبدِ اللهِ بنِ وَهبٍ النَّخَعيَّ، فتُرِكَ «سُلَيمانُ»، وجُعِل «عبدُ المَلِكِ»؛ لأنَّ النَّاس كُلَّهم عَبيدُ اللهِ، ونُسِبَ إلى جَدِّه وَهْبٍ، والمَذْحِجُ قَبيلةٌ مِن نَخَعٍ. يحتَمِلُ أن يكونَ هكذا؛ لأنَّ الحُرَّ بنَ الصَّيَّاحِ ثِقةٌ، روى عنه شُعْبةَ، والثَّوريُّ، والحَسَنُ بنُ عُبَيدِ اللهِ النَّخَعيُّ، وشَريكٌ، فلو أنَّ هذا الحديثَ عَنِ الحُرِّ كان أوَّلَ ما يُسألُ عنه؛ فأين كان هؤلاءِ الحُفَّاظُ عنه؟!
الراوي : [أبو معبد الخزاعي] | المحدث : أبو حاتم الرازي | المصدر : علل ابن أبي حاتم الصفحة أو الرقم : 2686
التصنيف الموضوعي: فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - أخلاق النبي فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - صفة خلقة النبي