الموسوعة الحديثية


- عن أبي سَلَمةَ ويَحيى، قالا: لَمَّا هَلَكَت خَديجةُ جاءَت خَولةُ بنتُ حَكيمٍ امرَأةُ عُثمانَ بنِ مَظعونٍ، قالت: يا رَسولَ اللهِ، ألا تَزَوَّجُ؟ قال: «مَن؟» قالت: إن شِئتَ بكرًا، وإن شِئتَ ثَيِّبًا؟ قال: «فمَنِ البِكرُ؟» قالت: ابنةُ أحَبِّ خَلقِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ إليكَ: عائِشةُ بنتُ أبي بَكرٍ، قال: «ومَنِ الثَّيِّبُ؟» قالت: سَودةُ بنتُ زَمعةَ، آمَنَت بكَ، واتَّبَعَتكَ على ما تَقولُ، قال: «فاذهَبي فاذكُريهما عليَّ»، فدَخَلَت بَيتَ أبي بَكرٍ، فقالت: يا أُمَّ رومانَ، ماذا أدخَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ عليكُم مِنَ الخَيرِ والبَرَكةِ؟ قالت: وما ذاكَ؟ قالت: أرسَلَني رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخطُبُ عليه عائِشةَ، قالت: انتَظِري أبا بَكرٍ حَتَّى يَأتيَ، فجاءَ أبو بَكرٍ، فقالت: يا أبا بَكرٍ، ماذا أدخَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ عليكُم مِنَ الخَيرِ والبَرَكةِ؟ قال: وما ذاكَ؟ قالت: أرسَلَني رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخطُبُ عليه عائِشةَ، قال: وهَل تَصلُحُ له؟ إنَّما هيَ ابنةُ أخيه، فرَجَعَت إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فذَكَرَت ذلك له، قال: "ارجِعي إليه فقولي له: «أنا أخوكَ، وأنتَ أخي في الإسلامِ، وابنَتُكَ تَصلُحُ لي»، فرَجَعَت فذَكَرَت ذلك له، قال: انتَظِري وخَرَجَ، قالت أُمُّ رومانَ: إنَّ مُطعِمَ بنَ عَديٍّ قد كان ذَكَرَها على ابنِه، فواللهِ ما وعَدَ وعدًا قَطُّ فأخلَفَه -لأبي بَكرٍ- فدَخَلَ أبو بَكرٍ على مُطعِمِ بنِ عَديٍّ وعِندَه امرَأتُه أُمُّ الفَتى، فقالت: يا ابنَ أبي قُحافةَ، لَعَلَّكَ مُصبِئٌ صاحِبَنا مُدخِلُه في دينِكَ الذي أنتَ عليه إن تَزَوَّجَ إليكَ! قال أبو بَكرٍ للمُطعَمِ بنِ عَديٍّ: أقَوْلَ هذه تَقولُ؟ قال: إنَّها تَقولُ ذلك، فخَرَجَ مِن عِندِه، وقد أذهَبَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ ما كان في نَفسِه مِن عِدَتِه التي وعَدَه، فرَجَعَ فقال لخَولةَ: ادعي لي رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فدَعَته فزَوَّجَها إيَّاهُ، وعائِشةُ يَومَئِذٍ بنتُ سِتِّ سِنينَ، ثُمَّ خَرَجَت فدَخَلَت على سَودةَ بنتِ زَمعةَ، فقالت: ماذا أدخَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ عليكِ مِنَ الخَيرِ والبَرَكةِ؟ قالت: ما ذاكَ؟ قالت: أرسَلَني رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخطُبُكِ عليه، قالت: ودِدتُ، ادخُلي إلى أبي فاذكُري ذاكَ له، وكان شَيخًا كَبيرًا، قد أدرَكَته السِّنُّ، قد تَخَلَّفَ عنِ الحَجِّ، فدَخَلَت عليه، فحَيَّته بتَحيَّةِ الجاهِليَّةِ، فقال: مَن هذه؟ فقالت: خَولةُ بنتُ حَكيمٍ، قال: فما شَأنُكِ؟ قالت: أرسَلَني مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللهِ أخطُبُ عليه سَودةَ، قال: كُفءٌ كَريمٌ، ماذا تَقولُ صاحِبَتُكِ؟ قالت: تُحِبُّ ذاكَ، قال: ادعِها لي فدَعَتها، فقال: أي بُنَيَّةُ، إنَّ هذه تَزعُمُ أنَّ مُحَمَّدَ بنَ عَبدِ اللهِ بنِ عَبدِ المُطَّلِبِ قد أرسَلَ يَخطُبُكِ، وهو كُفءٌ كَريمٌ، أتُحِبِّينَ أن أُزَوِّجَكِ به، قالت: نَعَم، قال: ادعيه لي، فجاءَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إليه فزَوَّجَها إيَّاهُ، فجاءَها أخوها عَبدُ بنُ زَمعةَ مِنَ الحَجِّ، فجَعَلَ يَحثي على رَأسِه التُّرابَ، فقال بَعدَ أن أسلَمَ: لَعَمرُكَ إنِّي لَسَفيهٌ يَومَ أحثي في رَأسي التُّرابَ أن تَزَوَّجَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَودةَ بنتَ زَمعةَ! قالت عائِشةُ: فقدِمنا المَدينةَ فنَزَلنا في بَني الحارِثِ مِنَ الخَزرَجِ في السُّنحِ، قالت: فجاءَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فدَخَلَ بَيتَنا واجتَمَعَ إليه رِجالٌ مِنَ الأنصارِ ونِساءٌ، فجاءَت بي أُمِّي وإنِّي لَفي أُرجوحةٍ بَينَ عِذقَينِ تَرجُحُ بي، فأنزَلَتني مِنَ الأُرجوحةِ، ولي جُمَيمةٌ ففَرَّقَتها، ومَسَحَت وجهي بشَيءٍ مِن ماءٍ، ثُمَّ أقبَلَت تَقودُني حَتَّى وقَفَت بي عِندَ البابِ، وإنِّي لَأنهَجُ حَتَّى سَكَنَ مِن نَفسي، ثُمَّ دَخَلَت بي، فإذا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جالِسٌ على سَريرٍ في بَيتِنا، وعِندَه رِجالٌ ونِساءٌ مِنَ الأنصارِ، فأجلَسَتني في حِجرِه، ثُمَّ قالت: هؤلاء أهلُكَ فبارَكَ اللهُ لَكَ فيهم، وبارَكَ لهم فيكَ، فوثَبَ الرِّجالُ والنِّساءُ، فخَرَجوا وبَنى بي رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بَيتِنا، ما نُحِرَت عليَّ جَزورٌ، ولا ذُبِحَت عليَّ شاةٌ، حَتَّى أرسَلَ إلينا سَعدُ بنُ عُبادةَ بجَفنةٍ كان يُرسِلُ بها إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا دارَ إلى نِسائِه، وأنا يَومَئِذٍ بنتُ تِسعِ سِنينَ".
خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن
الراوي : عائشة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب الصفحة أو الرقم : 25769
التخريج : -