الموسوعة الحديثية


- بَينَما عُمرُ بنُ الخطَّابِ رضِي اللهُ عنه ذاتَ يَومٍ جالسٌ؛ إذ مرَّ به رجُلٌ، فقيلَ: يا أميرَ المؤمنينَ، أتعرِفُ هذا المارَّ؟ قال: ومَن هذا؟ قالوا: هذا سَوادُ بنُ قاربٍ الذي أتاه رَئِيُّه بِظُهورِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. قال: فأرسَلَ إلَيْه عُمرُ، فقال له: أنتَ سَوادُ بنُ قاربٍ؟ قال: نعَمْ. قال: فأنتَ على ما كنتَ عليه مِن كَهانتِكَ؟ قال: فغضِبَ وقال: ما استقبَلَني بهذا أحَدٌ منذُ أسلَمتُ يا أميرَ المؤمنينَ. فقال عُمرُ: يا سُبْحانَ اللهِ، ما كنَّا عليه مِن الشِّرْكِ أعظَمُ ممَّا كنتَ عليه مِن كَهانتِكَ، فأخبِرْني ما أنبأَكَ رَئيُّكَ بظُهورِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ قال: نعَمْ يا أميرَ المؤمنينَ، بَينَما أنا ذاتَ ليلةٍ بَينَ النائمِ واليَقْظانِ؛ إذ أتاني رَئيِّي فضرَبَني برِجْلِه، وقال: قمْ يا سَوادُ بنَ قاربٍ، واسمَعْ مقالَتي، واعقِلْ إنْ كنتَ تعقِلُ، إنَّه قد بُعِثَ رسولٌ مِن لُؤيِّ بنِ غالبٍ يدعو إلى اللهِ وإلى عبادتِه، ثمَّ أنشَأَ يقولُ: عجِبتُ للجنِّ وتَطْلابِها وشَدِّها العِيسَ بأَقْتابِها تهوِي إلى مكَّةَ تبغي الهُدَى ما صادقُ الجِنِّ ككَذَّابِها فارحَلْ إلى الصَّفْوةِ مِن هاشمٍ ليس قُداماها كأَذْنابِها قال: قلتُ: دَعْني أنامُ؛ فإنِّي أمسَيتُ ناعسًا. قال: فلمَّا كانتِ الليلةُ الثانيةُ أتاني فضرَبَني برِجْلِه، وقال: قمْ يا سَوادُ بنُ قاربٍ، واسمَعْ مقالَتي، واعقِلْ إنْ كنتَ تعقِلُ، إنَّه بُعِثَ رسولٌ مِن لُؤيِّ بنِ غالبٍ يَدْعو إلى اللهِ، وإلى عِبادتِه، ثمَّ أنشَأَ يقولُ: عجِبتُ للجِنِّ وتَخْبارِها وشَدِّها العِيسَ بأَكْوارِها تهوِي إلى مكَّةَ تبغي الهُدَى ما مُؤمِنو الجِنِّ ككُفَّارها  فارحَلْ إلى الصَّفْوةِ مِن هاشمٍ بينَ رَوابَيْها وأَحْجارِها  قال: قلتُ: دَعْني أنامُ؛ فإنِّي أمسَيتُ ناعسًا. فلمَّا كانت الليلةُ الثالثةُ أتاني فضرَبَني برِجْلِه، قمْ يا سَوادُ بنَ قاربٍ، واسمَعْ مقالَتي، واعقِلْ إنْ كنتَ تعقِلُ، إنَّه بُعِثَ رسولٌ مِن لُؤيِّ بنِ غالبٍ يَدْعو إلى اللهِ، وإلى عبادتِه، ثمَّ أنشَأَ يقولُ: عجِبتُ للجنِّ وتَحْساسِها وشَدِّها العِيسَ بأَحْلاسِها تَهوِي إلى مكَّةَ تبغي الهُدَى ما خَيرُ الجنِّ كأَنْجاسِها فارحَلْ إلى الصَّفْوةِ مِن هاشمٍ واسْمُ بعَينَيْكَ إلى رأسِها قال: فقمتُ وقلتُ: قد امتحَنَ اللهُ قلبي. فرحَلتُ ناقتي، ثمَّ أتَيتُ المدينةَ -يعني: مكَّةَ- فإذا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في أصحابِه، فدنَوتُ فقلتُ: اسمَعْ مقالتي يا رسولَ اللهِ، قال: هاتِ. فأنشأتُ أقولُ: أتاني نَجِيِّي بعدَ هَدءٍ ورَقدَةٍ **  ولم يكُ فيما قد تلَوتُ بكاذبِ ثلاثَ ليالٍ قولُه كلَّ لَيْلةٍ **  أتاكَ رسولٌ مِن لؤيِّ بنِ غالبِ فشمَّرتُ عن ذَيْلي الإزارَ ووسَّطَتْ **  بي الدِّعْلِبُ الوَجْناءُ غَبْرَ السباسِبِ فأشهَدُ أنَّ اللهَ لا شيءَ غيرُه **  وأنَّك مأمونٌ على كلِّ غالبِ  وأنَّك أدنى المرسَلينَ وسيلةً **  إلى اللهِ يا ابنَ الأكرَمِينَ الأَطَايبِ  فمُرنا بما يأتيكَ يا خَيرَ مَن مشَى **  وإنْ كانَ فيما جاءَ شَيْبُ الذوائبِ  وكنْ لي شَفيعًا يَومَ لا ذو شَفاعةٍ **  سِواكَ بمُغنٍ عن سَوادِ بنِ قاربِ  قال: ففرِحَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصحابُه بمقالَتي فرَحًا شَديدًا؛ حتى رُؤِيَ الفرَحُ في وُجوهِهِم. قال: فوثَبَ إليه عُمرُ بنُ الخطَّابِ فالتزَمَه، وقال: قد كنتُ أَشتَهي أنْ أسمَعَ هذا الحديثَ منكَ، فهل يأتيكَ رَئِيُّكَ اليَومَ؟ قال: أمَّا منذُ قرأتُ القرآنَ فلا، ونِعمَ العِوضُ كتابُ اللهِ مِن الجِنِّ. ثمَّ قال عُمرُ: كنَّا يَومًا في حيٍّ مِن قُرَيشٍ يُقالُ لهم: آلُ ذَريحٍ، وقد ذبَحوا عِجْلًا لهم، والجَزَّارُ يُعالِجُه؛ إذ سمِعْنا صَوتًا مِن جَوفِ العِجلِ، ولا نرى شَيئًا، قال: يا آلَ ذَريحْ، أمرٌ نَجيحْ ، صائحٌ يَصيحْ، بلِسانٍ فَصيحْ، يشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ.
خلاصة حكم المحدث : منقطع من هذا الوجه ويشهد له رواية البخاري
الراوي : سواد بن قارب | المحدث : ابن كثير | المصدر : البداية والنهاية
الصفحة أو الرقم : 2/309 التخريج : أخرجه أبو يعلى في ((معجمه)) (329)، والطبراني (7/92) (6475)، وأبو نعيم في ((دلائل النبوة)) (62) باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: أنبياء - معجزات فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - عظم قدر النبي صلى الله عليه وسلم فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - فضل نسب النبي قيامة - الشفاعة مناقب وفضائل - ذكر سواد بن قارب