الموسوعة الحديثية


- كنْتُ رجلًا مِن أهلِ مدينةِ أصبَهانَ فبينا أنا إذ ألقى اللهُ عزَّ وجلَّ في قَلْبي مَن خَلَق السَّماواتِ والأرضَ رجلًا لا يُكلِّمُ النَّاسَ يتحرَّجُ فسألْتُه أيُّ الدِّينِ أفضلُ فقال ما لك ولهذا الحديثِ أتُريدُ دينًا غيرَ دينِك قلْتُ لا ولكِنْ أن أعلَمَ مَن خلَق السَّماواتِ والأرضَ وأيُّ دينٍ أفضلُ قال ما أعلَمُ على هذا غيرَ راهبٍ بالمَوصِلِ قال فذهَبْتُ إليه فكنْتُ عندَه فإذا هو قد قُتِّر عليه في الدُّنيا يصومُ النَّهارَ ويقومُ اللَّيلَ فكنْتُ أعبُدُ كعِبادتِه فلبِثْتُ عندَه ثلاثَ سنينَ ثمَّ توفِّي فقلْتُ إلى مَن تُوصي بي فقال ما أعلَمُ أحَدًا مِن أهلِ المَشْرِقِ على ما أنا عليه فعليك براهبٍ مِن وراءِ الجَزيرةِ فأقْرِئْه منِّي السَّلامَ قال فجِئْتُه فأقرَأْتُه السَّلامَ وأخبَرْتُه أنَّه قد توفِّي فمكَثْتُ عندَه أيضًا ثلاثَ سنينَ ثمَّ توفِّي فقلْتُ إلى مَن تأمُرُني أن أذهَبَ قال ما أعلَمُ أحَدًا مِن أهلِ الأرضِ على ما أنا عليه غيرَ راهبٍ بعَمُّورِيَّةَ شيخٍ كبيرٍ وما أدري تلحَقُه أم لا فذهَبْتُ إليه فكنْتُ عنده فإذا رجلٌ مُوَسَّعٌ عليه فلمَّا حضَرَتْه الوفاةُ قلْتُ له أين تأمُرُني أن أذهَبَ قال ما أعلَمُ أحَدًا مِن أهلِ الأرضِ على ما أنا عليه ولكِنِ إنْ أدرَكْتَ زمانًا تسمَعُ برجلٍ يخرُجُ مِن بيتِ إبراهيمَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وما أُراك تُدْرِكُه وقد كنْتُ أرجو إن أدركني إنِ استِطِعْتَ أن تكونَ معه فافعَلْ فإنَّه الدِّينُ وأمارةُ ذلك قَومُه يقولون ساحرٌ مجنونٌ كاهِنٌ وإنَّه يأكُلُ الهديَّةَ ولا يأكُلُ الصَّدقةَ وإنَّ عندَ غُضْروفِ كَتِفِه خاتَمَ النُّبوَّةِ فبينا أنا كذلك أتى رَكْبٌ مِن نحوِ المدينةِ فقيل مَن أنتم فقالوا نحن مِن أهلِ المدينةِ ونحن قومٌ تِجَارٌ نعيشُ بتِجارتِنا ولكنَّه قد خرَج رجلٌ مِن ولَدِ إبراهيمَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقدِم علينا وقَومُه يُقاتلونه وقد خَشينا أن يحولَ بينَنا وبينَ تِجارتِنا ولكنَّه قد ملَك المدينةَ فقلْتُ ما يقولون فيه قال يقولون ساحرٌ مجنونٌ كاهنٌ فقلْتُ هذه الأمارةُ دُلُّوني على صاحبِكم فجئْتُه فقلْتُ تحمِلُني إلى المدينةِ فقال ما تُعْطيني فقلْتُ ما أجِدُ شيئًا أُعطيك غيرَ أنِّي عَبْدٌ لك فحمَلني فلمَّا قدِمْتُ جعَلَني في نخلِه فكنْتُ أسقي كما يَسقي البعيرُ حتَّى دبِرَ ظَهري وصدري مِن ذلك ولا أجِدُ أحَدًا يفقَهُ كلامي حتَّى جاءت عجوزٌ فارسيَّةٌ تَستقي فكلَّمْتُها ففقِهَتْ كلامي فقلْتُ لها أين هذا الرَّجلُ الَّذي خرَج دُلِّيني عليه قالت سيمُرُّ عليك بُكرةَ إذا صلَّى الصُّبحَ مِن أوَّلِ النَّهارِ فخرَجْتُ فجمَعْتُ تَمرًا فلمَّا أصبَحْتُ جِئْتُ ثمَّ قرَّبْتُ إليه التَّمرَ فقال ما هذا أصَدَقةٌ أم هديَّةٌ فأشَرْتُ أنَّه صدقةٌ فقال انطلِقْ إلى هؤلاء وأصحابُه عندَه فأكَلوا ولم يأكُلْ فقلْتُ هذه الأمارةُ فلمَّا كان الغدُ جِئْتُ بتَمرٍ فقال ما هذا فقلْتُ هذه هديَّةٌ فأكَل ودعا أصحابَه فأكَلوا ثمَّ رآني أتعرَّضُ لأرى الخاتَمَ فعرَف فألقى رِداءَه فأخَذْتُ أقبِّلُه وألتَزِمُه فقال ما شأنُك فسألَني فأخبَرْتُه فقال اشتَرَطْتَ لهم أنَّك عَبْدٌ فاشتَرِ نفسَك منهم فاشتراه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أن يُحْيِيَ لهم ثلاثَمئةِ نخلةٍ وأربعين أوقيَّةً ذهبً ثمَّ هو حُرٌّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اغرِسْ فغرَس ثمَّ انطلِقْ فألقِ الدَّلوَ على البئرِ ثمَّ لا ترفَعُه حتَّى يرتفِعَ فإنَّه إذا امتلَأ ارتفَع ثمَّ رُشَّ في أصولِها ففعَل فنبَت النَّخلُ أَسْرَعَ النَّباتِ فقال سُبحانَ اللهِ ما رأيْنا مِثلَ هذا العبدِ إنَّ لهذا العبدِ لَشَأنًا فاجتمَع النَّاسُ عليه وأعطاه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تِبرًا فإذا فيه أربعون أوقيَّةً
الراوي : سلمان الفارسي | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد
الصفحة أو الرقم : 9/342 | خلاصة حكم المحدث : فيه من لم أعرفه‏‏