الموسوعة الحديثية


- خرجنا حُجَّاجًا ، فَكُنَّا إذا صلَّينا الغداةَ اقتَدنا رواحلَنا نَتماشى نتَحدَّثُ ، قالَ : فبينَما نحنُ ذاتَ غداةٍ إذ سنحَ لَنا ظبيٌ - أو : برِحَ - فرماهُ رجلٌ كانَ معَنا بحجَرٍ ، فما أخطأَ خُشَّاه فرَكِبَ دِرعه ميِّتًا ، قالَ : فعظَّمنا عليهِ ، فلمَّا قدمنا مَكَّةَ خَرجتُ معَهُ حتَّى أتينَا عمرَ بن الخطاب ، فقصَّ عليهِ القصَّةَ قالَ : وإلى جنبِهِ رجلٌ كأنَّ وجهَهُ قَلب فضَّةٍ - يعني عبدَ الرَّحمنِ بنَ عوفٍ - فالتَفتَ عمرُ إلى صاحبِهِ فَكَلَّمَهُ قالَ : ثمَّ أقبلَ على الرَّجلِ فقالَ : أعمدًا قتلتَهُ أم خطأً ؟ قالَ الرَّجلُ : لقد تعمَّدتُ رميَهُ ، وما أردتُ قتلَهُ . فقالَ عمرُ : ما أراكَ إلَّا قد أشرَكْتَ بينَ العمدِ والخطأِ ، اعمِد إلى شاةٍ فاذبَحها فتصدَّق بلَحمِها واستبقِ إِهابَها . قالَ : فقُمنا من عندِهِ ، فقلتُ لصاحبي : أيُّها الرَّجلُ ، عظِّم شعائرَ اللَّهِ ، فما درى أميرُ المؤمنينَ ما يُفتيكَ حتَّى سألَ صاحبَهُ : اعمَد إلى ناقتِكَ فانحَرها ، فلعلَ ذاكَ يعني أن يجزئَ عنكَ . قالَ قَبيصةُ : ولا أذكرُ الآيةَ من سورةِ المائدةِ : ويَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ فبلغَ عمرَ مقالتي ، فلم يفجأنا منهُ إلَّا ومعَهُ الدِّرَّةُ . قالَ : فعلا صاحِبي ضربًا بالدِّرَّةِ ، أقتلتَ في الحرمِ وسفَّهتَ الحَكَمَ ؟ قالَ : ثمَّ أقبلَ عليَّ فقلتُ : يا أميرَ المؤمنينَ ، لا أحلُّ لَكَ اليومَ شيئًا يحرُمُ عليكَ منِّي ، فقالَ : يا قَبيصةَ بنَ جابرٍ ، إنِّي أراكَ شابَّ السِّنِّ ، فَسيحَ الصَّدرِ ، بيِّنَ اللِّسانِ ، وإنَّ الشَّابَّ يَكونُ فيهِ تِسعةُ أخلاقٍ حسَنةٍ وخلقٌ سيِّءٌ ، فيُفسدُ الخلقُ السَّيِّءُ الأخلاقَ الحسَنةَ ، فإيَّاكَ وعثَراتِ الشَّبابِ
الراوي : قبيصة بن جابر | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : عمدة التفسير
الصفحة أو الرقم : 1/733 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح