الموسوعة الحديثية


- إنِّي كنتُ في الجاهِليَّةِ أَرى الناسَ على ضَلالةٍ، ولا أَرى الأَوثانَ شَيئًا، ثمَّ سمِعتُ عن رجُلٍ يُخبِرُ أخبارَ مكَّةَ، ويُحَدِّثُ أحاديثَ، فرَكِبْتُ راحِلَتي حتى قَدِمْتُ مكَّةَ، فإذا أنا برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُستَخْفٍ، وإذا قَومُه عليه جُرَآءُ، فتلَطَّفْتُ له، فدخَلْتُ عليه، فقلْتُ: ما أنت؟ قال: أنا نَبيُّ اللهِ، فقلْتُ: وما نَبيُّ اللهِ؟ قال: رسولُ اللهِ، قال: قلْتُ: آللهُ أَرسَلَك؟ قال: نعَمْ، قلْتُ: بأيِّ شَيءٍ أَرسَلَك؟ قال: بأنْ يُوحَّدَ اللهُ ولا يُشرَكَ به شَيءٌ، وكَسرِ الأَوثانِ، وصِلَةِ الرَّحِمِ. فقلْتُ له: مَن معك على هذا؟ قال: حُرٌّ وعبْدٌ، أو: عبْدٌ وحُرٌّ. وإذا معه أبو بكرِ بنُ أبي قُحافةَ، وبِلالٌ مَوْلى أبي بكرٍ. قلْتُ: إنِّي مُتَّبِعُك، قال: إنَّك لا تَستطيعُ ذلك يَومَك هذا، ولكنِ ارجِعْ إلى أهْلِك، فإذا سمِعتَ بي قد ظهَرْتُ فالْحَقْ بي. قال: فرجَعْتُ إلى أهْلي وقد أَسلَمْتُ، فخرَجَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُهاجِرًا إلى المدينةِ، فجعَلْتُ أَتخَبَّرُ الأخبارَ، حتى جاء رَكَبةٌ مِن يَثْرِبَ، فقلْتُ: ما هذا المَكِّيُّ الذي أَتاكم؟ قالوا: أراد قَومُه قَتْلَه، فلمْ يَستطيعوا ذلك، وحِيلَ بيْنهم وبيْنه، وتَرَكْنا الناسَ سِراعًا. قال عَمرُو بنُ عَبَسةَ: فرَكِبتُ راحِلَتي حتى قَدِمتُ عليه المدينةَ، فدخَلْتُ عليه، فقلْتُ: يا رسولَ اللهِ، أتَعْرِفُني؟ قال: نعَمْ، ألَسْتَ أنت الذي أَتَيْتَني بمكَّةَ؟ قال: قلْتُ: بلى، فقلْتُ: يا رسولَ اللهِ، عَلِّمْني ممَّا علَّمَك اللهُ وأَجهَلُ، قال: إذا صَلَّيْتَ الصبحَ فأَقْصِرْ عنِ الصلاةِ حتى تَطلُعَ الشمسُ، فإذا طلَعَتْ فلا تُصَلِّ حتى تَرتفِعَ؛ فإنَّها تَطلُعُ حينَ تَطلُعُ بيْن قَرْنَيْ شَيطانٍ، وحينَئذٍ يَسجُدُ لها الكفَّارُ، فإذا ارتفَعَتْ قِيدَ رُمحٍ أو رُمحَينِ فصَلِّ؛ فإنَّ الصلاةَ مَشْهودةٌ مَحْضورةٌ حتى يَستقِلَّ الرُّمحُ بالظِّلِّ، ثمَّ أَقصِرْ عنِ الصلاةِ؛ فإنَّها حينَئذٍ تُسجَرُ جَهنَّمُ، فإذا فاءَ الفَيءُ فصَلِّ؛ فإنَّ الصلاةَ مَشْهودةٌ مَحْضورةٌ حتى تُصلِّيَ العصرَ، فإذا صَلَّيْتَ العصرَ فأَقصِرْ عنِ الصلاةِ حتى تَغرُبَ الشمسُ؛ فإنَّها تَغرُبُ حينَ تَغرُبُ بيْن قَرْنَيْ شَيطانٍ، وحينَئذٍ يَسجُدُ لها الكفَّارُ. قلْتُ: يا نَبيَّ اللهِ، أَخبِرْني عنِ الوُضوءِ؟ قال: ما منكم مِن أحَدٍ يُقَرِّبُ وَضوءَه ثمَّ يَتمَضْمَضُ ويَستنشِقُ ويَنتَثِرُ، إلَّا خَرَّتْ خَطاياهُ مِن فَمِه وخَياشيمِه مع الماءِ حين يَنتَثِرُ، ثمَّ يَغسِلُ وَجْهَه كما أمَرَه اللهُ تعالى، إلَّا خَرَّتْ خَطايا وجْهِه مِن أَطرافِ لِحيتِه مع الماءِ، ثمَّ يَغسِلُ يدَيهِ إلى المِرفقَينِ، إلَّا خَرَّتْ خَطايا يدَيهِ مِن أَطرافِ أَنامِلِه، ثمَّ يَمسَحُ رأسَه، إلَّا خَرَّتْ خَطايا رأسِه مِن أَطرافِ شَعَرِه مع الماءِ، ثمَّ يَغسِلُ قَدَمَيهِ إلى الكَعبَينِ كما أمَرَه اللهُ عزَّ وجلَّ، إلَّا خَرَّتْ خَطايا قدَمَيهِ مِن أَطرافِ أصابِعِه مع الماءِ، ثمَّ يَقومُ فيَحمَدُ اللهَ عزَّ وجلَّ ويُثْني عليه بالذي هو له أهْلٌ، ثمَّ يَركَعُ ركْعتَينِ؛ إلَّا خرَجَ مِن ذُنوبِه كهَيئتِه يَومَ ولَدَتْهُ أُمُّه. قال أبو أُمامةَ: يا عَمرُو بنَ عَبَسةَ، انظُرْ ما تقولُ، أسمِعتَ هذا مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ أَيُعطى هذا الرَّجُلُ كلَّه في مَقامِه؟! قال: فقال عَمرُو بنُ عَبَسةَ: يا أبا أُمامةَ، لقد كَبِرَتْ سِنِّي، ورَقَّ عَظْمي، واقتَرَبَ أجَلي، وما بي مِن حاجةٍ أنْ أَكذِبَ على اللهِ عزَّ وجلَّ وعلى رسولِه، لو لم أَسمَعْهُ مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلَّا مرَّةً أو مرَّتَينِ أو ثلاثًا، لقد سمِعتُه سبْعَ مرَّاتٍ أو أَكثَرَ مِن ذلك.
الراوي : عمرو بن عبسة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 17019 | خلاصة حكم المحدث : إسناد صحيح على شرط مسلم
التخريج : أخرجه أحمد (17019) واللفظ له، وابن أبي عاصم في ((الآحاد والمثاني)) (1330)، والطبراني في ((مسند الشاميين)) (863) | شرح حديث مشابه