الموسوعة الحديثية


- قام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذاتَ يَومٍ، وصَعِدَ المِنبَرَ، وكان لا يَصعَدُ عليه مِثلَ ذلك اليَومِ إلَّا يَومَ الجُمُعةِ، فاشتَدَّ ذلك على النَّاسِ، فمِن بينِ قائِمٍ وجالِسٍ، فأشارَ إليهم بيَدِه أنِ اقْعُدوا، فواللهِ ما قُمتُ مَقامي إلَّا لأمْرٍ يَنفَعُكم لا رَغبَةً ولا رَهبَةً، ولكنَّ تَميمًا الداريَّ أتاني فأخبَرَني خَبَرًا مَنَعَني القَيلولَةَ من الفَرَحِ وقُرَّةِ العَينِ، فأحبَبتُ أنْ أنشُرَ عليكم فَرَحَ نبيِّكم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ألَا إِنَّ ابنَ عَمٍّ لتَميمٍ الداريِّ أخبَرَني أنَّ الرِّيحَ أَلجَأَتْهم إلى جَزيرةٍ لا يَعرِفونُها، فقَعَدوا في قَواربِ السَّفينَةِ، فخَرَجوا بها، فإذا هُمْ بشَيءٍ أهدَبَ أسوَدَ كَثيرِ الشَّعَرِ، قالوا لها: ما أنتَ؟ قالت: أنا الجسَّاسَةُ، قالوا: أخْبِرينا؟ قالت: ما أنا مُخبِرُتُكم شَيئًا ولا سائِلَتُكم، ولكن هذا الدَّيرُ قد رَهِقتُموه فَأْتوه؛ فإنَّ فيه رَجُلًا بالأشْواقِ إلى أنْ تُخبِروه ويُخبِرَكم، فأَتَوْه فدَخَلوه عليه، فإذا هُمْ بشَيخٍ موثَقٍ شَديدِ الوِثاقِ، مُظهِرِ الحُزنِ، شَديدِ التَّشكِّي، قال لهم: مِن أين؟ فقالوا: من الشَّامِ، فقال: ما فَعَلتِ العَرَبُ؟ قالوا: نحن قَومٌ من العَرَبِ، عمَّ تَسأَلُ؟ قال: ما فَعَلَ الرَّجُلُ الذي خَرَجَ فيكم؟ قالوا: خَيرًا أتى قَومًا فأظهَرَه اللهُ عليهم، فأمْرُهم اليَومَ جَميعٌ، إلَهُهم واحِدٌ، ودِينُهم واحِدٌ، ونَبيُّهم واحِدٌ، قال: ما فَعَلتْ عَينُ زُغَرَ؟ قالوا: خَيرًا يَسقون منها لزُروعِهم، ويَستَقون منها لشُعَبِهم، قال: ما فَعَلَ نَخلٌ بين عمَّان وبَيْسانَ؟ قالوا: يُطعِمُ ثَمَرُه كُلَّ عامٍ، قال: ما فَعَلَتْ بُحَيرةُ الطَّبَريَّةِ؟ قالوا: تدفَّقُ بجَنَباتِها من كَثرَةِ الماءِ، قال: فزَفَرَ ثَلاثَ زَفَراتٍ ثم قال: لو انفَلَتُّ من وَثاقي هذا لم أَدَعْ أرضًا إلَّا وَطِئتُها برِجْليَّ هاتَينِ إلَّا طَيبَةَ، ليس لي عليها سَبيلٌ، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إلى هذا انتَهَى وَحْيي، هذه طَيبَةُ، والذي نَفْسي بيَدِه ما فيها طَريقٌ ضيِّقٌ ولا واسِعٌ ولا سَهلٌ ولا جَبَلٌ إلَّا وعليه مَلَكٌ شاهِرٌ سَيفَه إلى يَومِ القيامَةِ.
الراوي : فاطمة بنت قيس | المحدث : القرطبي المفسر | المصدر : التذكرة للقرطبي
الصفحة أو الرقم : 701 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | أحاديث مشابهة | شرح حديث مشابه