الموسوعة الحديثية


- نزَلَ عمرُ بالرَّوحاءِ، فرَأى ناسًا يَبْتدِرون أحجارًا، فقال: ما هذا؟ فقالوا: يقولونَ: إنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَلَّى إلى هذه الأحجارِ، فقال: سُبحانَ اللهِ! ما كان رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلَّا راكبًا مَرَّ بوادٍ، فحضرَتِ الصَّلاةُ فصَلَّى، ثمَّ حدَّثَ فقال: إنِّي كنْتُ أغْشى اليهودَ يومَ دِراستِهم، فقالوا: ما مِن أصحابِك أحدٌ أكرَمُ علينا مِنْك؛ لأنَّك تأْتِينا، قلْتُ: وما ذاك إلَّا أنِّي أعجَبُ مِن كُتُبِ اللهِ كيف يُصدِّقُ بعضُها بعضًا؛ كيف يُصدِّقُ التَّوراةُ الفُرْقانَ، والفُرْقانُ التَّوراةَ. فمَرَّ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومًا وأنا أُكلِّمُهم، فقلْتُ: أنْشُدُكُم باللهِ وما تَقْرؤونَ مِن كتابِه، أتَعْلَمون أنَّه رسولُ اللهِ؟ فقالوا: نعمْ، فقلْتُ: هلَكْتُم واللهِ؛ تَعْلمون أنَّه رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثمَّ لا تَتَّبِعونه؟! فقالوا: لم نَهْلِكْ، ولكنْ سأَلْناهُ: مَن يأْتيهِ بنُبوَّتِه؟ فقال: عدُوُّنا جِبريلُ؛ لأنَّه يَنزِلُ بالغِلْظةِ والشِّدَّةِ، والحزنِ والهلاكِ، ونحوِ هذا، فقلْتُ: فمَن سِلْمُكم مِنَ الملائكةِ؟ قالوا: مِيكائيلُ؛ يَنزِلُ بالقَطْرِ والرَّحمةِ، وكذا قلْتُ: وكيف مَنزِلتَيهما مِن ربِّهما؟ قالوا: أحدُهما عن يَمينِه، والآخرُ مِن الجانبِ الآخرِ، قلْتُ: فإنَّه لا يَحِلُّ لجِبريلَ أنْ يُعادِيَ ميكائيلَ، ولا يَحِلُّ لميكائيلَ أنْ يُسالِمَ عدُوَّ جبريلَ، وإنِّي أشْهَدُ أنَّهما وربَّهما لَسِلْمٌ لمَن سالَموا، وحرْبٌ لمَن حارَبوا. ثمَّ أتيتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأنا أُرِيدُ أنْ أُخْبِرَه، فلمَّا لَقِيتُه، قال: ألَا أُخْبِرُك بآياتٍ أُنْزِلَت عليَّ؟ قلْتُ: بلى يا رسولَ اللهِ، فقرَأَ: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} [البقرة: 97]، حتَّى بلَغَ {لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 98]، قلْتُ: يا رسولَ اللهِ، ما قُمْتُ مِن عندِ اليهودِ إلَّا إليك؛ لِأُخْبِرَك بما قالوا لي وقلْتُ لهم، فوَجدْتُ اللهَ قد سَبَقني. قال عمرُ رضِيَ اللهُ عنه: فلقَدْ رأَيْتُني وأنا أشَدُّ في اللهِ مِن الحَجرِ.
الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 6/178 | خلاصة حكم المحدث : مرسل صحيح الإسناد