الموسوعة الحديثية


- مرِض الحسنُ، والحسينُ، فعادَهما جدُّهما رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وعامَّةُ العربِ فقالوا : يا أبا الحسنِ لو نذرتَ على ولديكَ. فنذر صومَ ثلاثةِ أيامٍ، وكذا نذرتْ أمُّهُما فاطمةُ وجاريتُهم فضَّةُ، فبرِئا، وليس عند آلِ محمدٍ قليلٌ ولا كثيرٌ، فاستقرضَ عليٌّ ثلاثةَ آصُعٍ من شعيرٍ، فقامتْ فاطمةُ إلى صاعٍ فطحنَتهُ، وخبزتْ منه خمسةَ أقراصٍ، لكلِّ واحدٍ منهم قرصًا، وصلَّى عليُّ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المغربَ، ثمَّ أتَى المنزلَ فوضعَ الطَّعامَ بين يديهِ، إذ أتاهم مسكينٌ، فقال : السَّلامُ عليكمْ أهلَ بيتِ محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، مسكينٌ من مساكينِ المسلمينَ، أطعِموني أطعمَكم اللهُ من موائدِ الجنَّةِ. فسمِعهُ عليٌّ، فأمر بإعطائهِ، فأعطَوهُ الطَّعامَ، ومكثوا يومَهم وليلتَهم لم يذوقوا شيئًا إلَّا الماءَ القراحَ. فلمَّا كان اليومُ الثَّاني قامتْ فاطمةُ فخبزَتْ صاعًا، وصلَّى عليُّ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثمَّ أتَى المنزلَ فوضع الطَّعام بين يديهِ، فأتاهم يتيمٌ، فوقف بالبابِ، وقال : السَّلامُ عليكم أهلَ بيتِ محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، يتيمٌ من أولادِ المهاجرينَ استشهدَ والدي يومَ العقبَةِ، أطعِموني أطعمَكُم اللهُ من موائدِ الجنَّةِ، فسمعَهُ عليٌّ، فأمر بإعطائهِ، فأعطَوهُ الطَّعامَ، ومكثوا يومين وليلتينِ لم يذوقوا إلَّا الماءَ القراحَ. فلمَّا كان اليومُ الثَّالثُ قامتْ فاطمةُ إلى الصَّاعِ الثَّالثِ، فطحنَتهُ وخبزَتهُ، فصلَّى عليُّ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثمَّ أتَى المنزلَ فوضعَ الطَّعامَ بين يديهِ، إذ أتَى أسيرٌ فقال : أتأسرونَنا وتشرِّدوننا ولا تُطعموننا، أطعِموني فإنِّي أسيرُ محمَّدٍ أطعمَكم اللهُ من موائدِ الجنَّةِ. فسمعَهُ عليٌّ، فأمر بإعطائِه، فأعطَوهُ الطَّعامَ، ومكَثوا ثلاثةَ أيامٍ بلياليها لم يذوقوا شيئًا إلَّا الماءَ القراحَ. فلمَّا كان اليومُ الرَّابعُ، وقد وفَّوْا نذورَهم، أخذ عليُّ الحسنَ بيدهِ اليُمنَى، والحسينَ بيدهِ اليسرَى، وأقبل على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهم يرتعشونَ كالفراخِ من شدَّةِ الجوعِ، فلمَّا بصرهما النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال : يا أبا الحسنِ ما أشدَّ ما يسوؤُني ما أرَى بكم، انطلقْ بنا إلى منزلِ ابنتي فاطمةَ، فانطلَقوا إليها، وهي في حُجرتِها، قد لصقَ بطنُها بظهرِها من شدَّةِ الجوعِ، وغارتْ عيناها، فلمَّا رآها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال : واغوثاهُ باللهِ أهلُ بيتِ محمَّدٍ يموتونَ جوعًا ! فهبط جبريلُ على محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال : يا محمَّدُ، خذْ ما هنأكَ اللهُ في أهلِ بيتكَ. فقال ما آخذُ يا جبريلُ ؟ فأقرأَهُ { هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ } [ الإنسان : 1 ]