الموسوعة الحديثية


- لمَّا جالَ النَّاسُ عنْ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تلك الجَوْلةَ يومَ أُحدٍ، تَنحَّيْتُ فقلْتُ: أَذودُ عن نَفْسي، فإمَّا أنْ أُستَشهَدُ، وإمَّا أنْ أنْجوَ حتَّى ألْقى رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فبَيْنا أنا كذلك إذا برَجلٍ مُخمِّرٍ وَجهَه ما أدْري مَن هو، فأقبَلَ المُشرِكونَ حتَّى قلْتُ: قد رَكِبوه، مَلأَ يَدَه منَ الحَصى، ثمَّ رَمى به في وُجوهِهم، فنَكَبوا على أعْقابِهمُ القَهْقَرى، حتَّى أتَوُا الجبَلَ ففعَلَ ذلك مِرارًا، ولا أدْري مَن هو، وبَيْني وبيْنَه المِقْدادُ بنُ الأسوَدِ، فبَيْنا أنا أُريدُ أسألُ المِقْدادَ عنه؛ إذ قالَ المِقْدادُ: يا سَعدُ، هذا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدْعوكَ، فقلْتُ: وأين هو؟ فأشارَ لي المِقْدادُ إليه، فقُمْتُ وكأنَّه لم يُصِبْني شَيءٌ منَ الأَذى، فقالَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أين كنْتَ اليَومَ يا سَعدُ؟» فقلْتُ: حيثُ رأيْتَ يا رَسولَ اللهِ، فأجْلَسَني أمامَه، فجعَلْتُ أرْمي، وأقولُ: اللَّهمَّ سَهمُكَ، فارْمِ به عَدوَّكَ، ورَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقولُ: «اللَّهمَّ استَجِبْ لسَعدٍ، اللَّهمَّ سدِّدْ لسَعدٍ رَمْيتَه، إيهًا سَعدُ، فِداكَ أبي وأُمِّي»، فما من سَهمٍ أرْمي به إلَّا قالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «اللَّهمَّ سدِّدْ رَمْيتَه، وأجِبْ دَعوَتَه، إيهًا سَعدُ»، حتَّى إذا فرَغْتُ من كِنانَتي ، نثَرَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما في كِنانَتِه ، فنَبَلَني سَهمًا نَضيًّا، قالَ: وهو الَّذي قد ريَّشَ، وكان أشَدَّ من غَيرِه قالَ الزُّهْريُّ: «إنَّ السِّهامَ الَّتي رَمى بها سَعدٌ يومَئذٍ كانَتْ ألْفَ سَهمٍ».