موسوعة الفرق

المَسألةُ الثَّالثةُ: نُزولُ الرَّبِّ جَلَّ شَأنُه إلى السَّماءِ الدُّنيا كُلَّ ليلةٍ


استَفاضَتِ السُّنَّةُ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، واتَّفقَ سَلفُ الأُمَّةِ وأئِمَّتُها وأهلُ العِلمِ بالسُّنَّةِ والحَديثِ على تَصديقِ ذلك، وتَلقِّيه بالقَبولِ، وإثباتِه على ما يليقُ بجَلالِه سُبحانَه ويختَصُّ بعَظَمَتِه [1440] يُنظر: ((الرد على الجهمية)) للدارمي (ص: 284)، ((رد الإمام عثمان بن سعيد على المريسي العنيد)) (ص: 377)، ((السنة)) لابن أبي عاصم (1/216)، ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة)) للالكائي: (3/434)، ((شرح حديث النزول)) لابن تَيميَّةَ (ص: 6). .
وقد جاءت في كُتُبِ الشِّيعةِ الاثنَي عَشريَّة رِواياتٌ نَسَبوها لأهلِ البَيتِ تُنكِرُ النُّزولَ الإلهيَّ [1441] يُنظر: ((الكافي)) للكليني (1/125-127)، ((بحار الأنوار)) للمجلسي (3/311، 314). . وتوجَدُ أيضًا في كُتُبِهم رِواياتٌ أُخرى عن أئِمَّتِهم تُثبتُ، وهي التي تَتَّفِقُ مَعَ نَقلِ أهلِ السُّنَّةِ عنهم، ومِن ذلك: أنَّ سائِلًا قال لأبي عَبدِ اللهِ: تَقولُ: إنَّه ينزِلُ إلى السَّماءِ الدُّنيا؟ قال أبو عَبدِ الله: (نَقولُ بذلك؛ لأنَّ الرِّواياتِ قد صَحَّت به والأخبارَ) [1442] يُنظر: ((بحار الأنوار)) للمجلسي (3/331). .
ومِثلُ هذا المَعنى جاءَ في تَفسيرِ القُمِّيِّ، الذي هو أصلُ أُصولِ التَّفاسيرِ عِندَهم، كما أثبَتَ ذلك المَجلِسيُّ [1443] يُنظر: ((بحار الأنوار)) (3/315). ، وإن كان ناشِرُ الكِتابِ والمُعَلِّقُ عليه أضاف إليه ما يُغَيِّرُ مَعناه [1444] قال: (يَنزِلُ أمرُه). يُنظر: ((تفسير القمي)) (2/204). ، ولم يتَفطَّنْ إلى أنَّ بَقيَّةَ النَّصِّ تَكشِفُ ما زادَه فيه [1445] النَّصُّ كما ورد: (إنَّ الرَّبَّ تبارك وتعالى يَنزِلُ كُلَّ ليلةٍ، فإذا طلعَ الفَجرُ عاد الرَّبُّ إلى عرشِه) يُنظر: ((بحار الأنوار)) للمجلسي (3/315)، ((تفسير القمي)) (2/204). .
واختِلافُ رِواياتِهم عن الأئِمَّةِ يدُلُّ على أنَّ جانِبًا منها باطِلٌ بلا رَيبٍ، ولا شَكَّ بأنَّ الرِّواياتِ التي تَتَّفِقُ مَعَ كِتابِ اللهِ وسُنَّةِ رَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وإجماعِ السَّلَفِ هي الأَولى بالصَّوابِ، وإن أعرَضَ عنها شُيوخُ الشِّيعةِ مُجاراةً لأهلِ الاعتِزالِ.
ثُمَّ إنَّ اختِلافَ شُيوخِ الإماميَّةِ المُتَقدِّمينَ عن مُتَأخِّريهم في هذا البابِ يلزَمُ منه أنَّ أحَدَهما على ضَلالٍ، وعليه (لزِمَ ضَرورةً أنَّ شُيوخَ الإماميَّةِ ضَلُّوا في التَّوحيدِ؛ إمَّا مُتَقدِّموهم، وإمَّا مُتَأخِّروهم) [1446] يُنظر: ((منهاج السنة)) لابن تَيميَّةَ (1/275). .

انظر أيضا: