موسوعة الفرق

الفرْعُ الخامِسُ: مدرسةُ الأخباريِّين ومدرسةِ الأصوليِّين في المَذهَبِ الشِّيعيِّ الإماميِّ


ينقَسِمُ الشِّيعةُ الإماميَّةُ إلى قسمَينِ رئيسيَّينِ هما:
1- أصوليُّون.
2- أخباريُّون.
ولم يكُنْ بَيْنَ هذينِ المَذهَبَينِ أو المدرستَينِ صراعٌ حتى أجَّجه محمَّد أمين الأستراباديُّ زعيمُ الأخباريِّين (ت 1033هـ) الذي ألَّف في نصرةِ مَذهَبِ الأخباريِّين كتابَه: (الفوائِدُ المدنيَّةُ)، فرَدَّ عليه الأصوليُّون، لا سيَّما الوحيدِ محمَّد باقِر البهبهانيِّ (ت تقريبًا سنة 1208هـ)، واستمرَّ الصِّراعُ بَيْنَ المدرستَينِ إلى يومِنا هذا [411] يُنظر: ((المحصول)) للرازي (4/ 384)، ((نهاية الوصول)) للحلي (ص: 147)، ((قواعد استنباط الأحكام)) للحسين العاملي (1/33)، ((رسائل السنة والشيعة)) لرشيد رضا (1/ 12)، ((أعيان الشيعة)) لمحسن الأمين (1/ 93) و (17/453)، ((مع عُلَماء النجف)) لمحمد جواد مغنية (ص: 74)، ((الشيعة والتشيع - فرق وتاريخ)) لإحسان إلهي ظهير (ص: 320 - 325)، ((الشيعة والتصحيح)) لموسى الموسوي (ص: 65)، ((علم الأصول تاريخًا وتطورًا)) للقائيني (ص: 149)، ((الصراع بين الأخباريين والأصوليين داخل المذهب الشيعي الاثني عشري)) لأحمد قوشتي (ص: 29، 30، 33 – 44، 126)، ((مصادر الاستنباط بين الأصوليين والأخباريين)) للغراوي الشيعي (ص: 39 – 47، 59)، ((أصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية)) لناصر القفاري (1/ 115 - 120). .
المدرسةُ الأخباريَّةُ:
سُمِّيَت بذلك نسبةً إلى الأخبارِ المرويَّةِ عن أئِمَّةِ أهلِ البيتِ؛ فعُلَماءُ المدرسةِ الأخباريَّةِ يهتمُّون بنقلِ الأخبارِ عن أئِمَّتِهم المعصومين، ويحتجُّون بها، ويَقبَلون كُلَّ ما ورد في كتُبِهم الصَّحيحةِ عِندَهم دونَ تمحيصٍ، ولا يعملون بالقياسِ، ويرفُضون الاجتهادَ، ويرون بُطلانَ عِلمِ أصولِ الفِقهِ، ويُسمَّون أيضًا أهلَ الأخبارِ وأصحابَ الحديثِ [412] يُنظر: ((الفوائد المدنية)) للاسترابادي (ص: 47، 48)، ((الصراع بين الأخباريين والأصوليين)) لأحمد قوشتي (ص: 11 – 15، 104 - 110)، ((مصادر الاستنباط بين الأصوليين والأخباريين)) للغراوي (ص: 51 - 56، 211- 223). .
المدرسةُ الأصوليَّةُ:
سمِّيت بذلك نسبةً إلى علمِ أُصولِ الفِقهِ؛ فعُلَماءُ المدرسةِ الأصوليَّةِ يهتمُّون اهتمامًا بالغًا بعِلمِ أُصولِ الفِقهِ، ويعتَمِدون عليه في استنباطِ الأحكامِ الشَّرعيَّةِ من القرآنِ الكريمِ والأخبارِ المرويَّةِ عن النَّبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ وأئِمَّةِ أهلِ البيتِ المعصومين عِندَهم، ويتوسَّعون في إعمالِ العَقلِ، ويأخُذون بالاجتهادِ والقياسِ، ويردُّون بعضَ الرِّواياتِ وإن كانت واردةً في الكُتُبِ الأربعةِ الصَّحيحةِ عِندَ الشِّيعةِ [413] يُنظر: ((الصراع بين الأخباريين والأصوليين)) لأحمد قوشتي (ص: 16، 17، 77- 83، 109)، ((مصادر الاستنباط بين الأصوليين والأخباريين)) للغراوي (ص: 205- 209). .
وكلٌّ من الأصوليِّين والأخباريِّين يعتبِرُ نفسَه المُمثِّلَ الحقيقيَّ لمَذهَبِ الشِّيعةِ الاثْنَي عَشْريَّةِ، وَينسُبُ كِبارَ أئِمَّةِ الشِّيعةِ إلى مدرستِه، كالصَّدوقِ والكُلينيِّ والمفيدِ والطُّوسيِّ، وكلٌّ من الأصوليِّين والأخباريِّين ينسُبُ الآخَرَ إلى الشُّذوذِ والبدعةِ ومخالَفةِ مَذهَبِ أهلِ البيتِ، وقد ألَّف عُلَماءُ كُلِّ فريقٍ منهما في الرَّدِّ على الفريقِ الآخَرِ، حتى وصَل الأمرُ إلى تكفيرِ بعضِهم بعضًا [414] يُنظر: ((الفوائد المدنية)) للاسترابادي (ص: 40)، ((أعيان الشيعة)) لمحسن الأمين (10/ 317)، ((كشف القناع عن وجوه حجية الإجماع)) للكاظمي (ص: 207)، ((الصراع بين الأخباريين والأصوليين)) لأحمد قوشتي (ص: 18 – 23، 33 - 38). .
من أهَمِّ المسائِلِ الخلافيَّةِ بَيْنَ الأخباريِّين والأصوليِّين ما يلي:
1- عُلَماءُ كِلتا المدرستَينِ يعتَبِرون السُّنَّةَ شاملةً لِما ورَد عن الأئِمَّةِ المعصومين، ويعتَقِدون أنَّ الأئِمَّةَ وَرِثوا علمَهم عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الذي لم يبلِّغْ جميعَ أحكامِ الدِّينِ، بل تَرَك بعضَها ليُبَلِّغَها الأئِمَّةُ بعدَه في وقتِ الحاجةِ إليها، وكلٌّ من الأصوليِّين والأخباريِّين يعتمِدون على كتُبِ الحديثِ الأربعةِ المعتَمَدةِ عِندَ الشِّيعةِ الإماميَّةِ، وهي: الكافي للكُليني، ومَن لا يحضُرُه الفقيهُ للصَّدوقِ، وتهذيبُ الأحكامِ والاستبصارُ كِلاهما للطُّوسيِّ، والأخباريُّون يقطعون بصِحَّةِ جميعِ ما في هذه الكُتُبِ الأربعةِ من الأحاديثِ، ويعتَقِدون صِحَّةَ متونِها، ولا يهتُّمون بأسانيدِها، بينما الأصوليُّون يقسِّمون الأحاديثَ إلى أربعةِ أقسامٍ، هي: صحيحٌ، وحَسَنٌ، ومُوثَّقٌ، وضعيفٌ، وألَّفوا كتُبًا في الرِّجالِ، وبيَّنوا أنَّ تلك الكُتُبَ في أسانيدِ كثيرٍ من رواتِها كذَّابون ومجهولون ومجروحون، وفيها مراسيلُ، وفيها ما يُنكِرُه العقلُ والشَّرعُ، وإن كان غالِبُها عِندَهم صحيحًا وإن أنكَره عُلَماءُ أهلِ السُّنَّةِ، ويُنكِرُ الأخباريُّون بشِدَّةٍ تقسيمَ الأحاديثِ إلى أربعةِ أقسامٍ، ويُقَسِّمون الأحاديثَ عمومًا إلى صحيحٍ وضعيفٍ فقط، أمَّا تلك الكُتُبُ الأربعةُ فهي عِندَهم صحيحةٌ لا شَكَّ في أيِّ حديثٍ مذكورٍ فيها [415] يُنظر: ((الفوائد المدنية)) للاسترابادي (ص: 181 - 183)، ((وسائل الشيعة)) للحر العاملي (20/62 - 65، 99)، ((الفوائد الحائرية)) للبهبهاني (ص: 210 - 217)، ((الحدائق الناضرة)) ليوسف البحراني (1/ 15)، ((الصراع بين الأخباريين والأصوليين)) لأحمد قوشتي (ص: 74 - 88)، ((مصادر الاستنباط بين الأصوليين والأخباريين)) للغراوي (ص: 109 - 131). .
2- غالبُ الأخباريِّين لا يقولون بحُجِّيَّةِ ظواهِرِ القرآنِ الكريمِ إلَّا إذا وافقت كلامَ الأئِمَّة المعصومين، ولا يجوِّزون للفقهاءِ استنباطَ الأحكامِ الشَّرعيَّةِ من القرآنِ الكريمِ مباشَرةً، ولا يَرَون حُجِّيَّةَ القياسِ، ويقتَصِرون في تفسيرِ القرآنِ على ما رُويَ عن الأئِمَّةِ المعصومين، ويُقَدِّمون نصَّ الإمامِ على ظاهِرِ القرآنِ، ولا يقولون بحُجِّيَّةِ الإجماعِ، بينما الأصوليُّون يقولون بحُجِّيَّةِ ظواهِرِ القرآنِ، ويجوِّزون الاستنباطَ منه مباشرةً، ويرون حُجِّيَّةَ الإجماعِ، لكِنَّ الإجماعَ لا يصِحُّ عِندَهم إلَّا بوجودِ المعصومِ بَيْنَ أهلِ الإجماعِ، وكُلٌّ من عُلَماء المدرستين يعتَقِدون أنَّ الإمامَ قرآنٌ ناطِقٌ، وأنَّه يجبُ الاعتمادُ على أقوالِ الأئِمَّةِ المعصومين في تفسيرِ القرآنِ الكريمِ [416] يُنظر: ((الفوائد المدنية)) للاسترابادي (ص: 173)، ((الحق المبين في تصويب المجتهدين وتخطئة الأخباريين)) لجعفر كاشف الغطاء (ص: 18 - 24)، ((أصول الاستنباط)) للحيدري (ص: 144)، ((كفاية الأصول)) للخراساني (1/22)، ((مصادر الاستنباط بين الأصوليين والأخباريين)) للغراوي (ص: 67 – 107، 161- 177)، ((الصراع بين الأخباريين والأصوليين)) لأحمد قوشتي (ص: 65 - 74). .
3- غالِبُ الأخباريِّين يقولون بوقوعِ التَّحريفِ في القرآنِ الكريمِ، وقليلٌ من الأصوليِّين يوافِقونهم على ذلك، وغالِبُ الأصوليِّين لا يقولون بوقوعِ التَّحريفِ [417] يُنظر: ((الصراع بين الأخباريين والأصوليين)) لأحمد قوشتي (ص: 53 - 64)، ((مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة)) لناصر القفاري (2/ 29 - 36). .
4- غالِبُ الأصوليِّين يرونَ القولَ بولايةِ الفقيهِ في حالِ غَيبةِ المَهديِّ المنتَظَرِ، وهو ما نصَّ عليه دُستورُ جمهوريَّةِ إيرانَ الحاليَّةِ، وغالبُ الأخباريِّين يعارضون القولَ بولايةِ الفقيهِ، ويرون حُرمةَ العَمَلِ بالسِّياسةِ أو إقامةِ حُكومةٍ إسلاميَّةٍ، ووجوبَ انتظارِ ظهورِ المَهديِّ، هذا هو الغالِبُ في كِلتا المدرستين، وهناك مرجعيَّاتٌ بارزةٌ في مدرسةِ الأصوليِّين لا يَرَونَ القولَ بولايةِ الفقيهِ كُلِّيًّا أو جُزئيًّا [418] يُنظر: ((الصراع بين الأخباريين والأصوليين)) لأحمد قوشتي (ص: 119، 124). وينظر ما جاء في الدُّستورِ الإيرانيِّ في المادَّةِ الخامسةِ: (في زمنِ غَيبةِ الإمامِ المهديِّ عجَّل اللهُ تعالى فرَجَه تُعتبرُ ولايةُ الأمرِ وإمامةُ الأمَّةِ في جمهوريةِ إيرانَ الإسلاميَّةِ بيَدِ الفقيهِ العادلِ المتَّقي البصيرِ بأمورِ العصرِ). ((دستور جمهورية إيران الإسلامية)) (ص: 20). .
وفي الجُملةِ فالأخباريُّون يرون أنَّ الحكومةَ من شأنِ الإمامِ المعصومِ، فهم يُشَنِّعون على من يهتمُّ بالسُّلطةِ من الفُقَهاءِ، ولا يقولون بنظريَّةِ ولايةِ الفقيهِ كنائبٍ عن المَهديِّ المُنتَظَرِ، ولا يرون مشروعيَّةَ صلاةِ الجمُعةِ ولا الجهادِ ولا إقامةِ الحدودِ حتى يخرُجَ المَهديُّ المُنتَظَرُ، ويرون كُلَّ حكومةٍ قبلَ ظُهورِ المَهديِّ باطلةً، ولا يعتَمِدون على العَقلِ كمصدَرٍ في استنباطِ الأحكامِ الشَّرعيَّةِ التي لا تؤخَذُ عِندَهم إلَّا من جهةِ الأئِمَّةِ المعصومين [419] يُنظر: ((الصراع بين الأخباريين والأصوليين)) لأحمد قوشتي (ص: 8، 99، 100، 110 – 115، 119 - 123). .
والأصوليُّون يهتمُّون بالسُّلطةِ، وقال المتأخِّرون منهم بنظريَّةِ ولايةِ الفَقيهِ التي نشأت وتطوَّرت على أيدي عُلَماءِ المدرسةِ الأصوليَّةِ حتى طبَّقها عمليًّا الخُمينيُّ في إيرانَ، والأصوليُّون يتَّهِمون الأخباريِّين بأنَّهم حَشْويَّةٌ، يهتمُّون بالأخبارِ دونَ تمحيصٍ، وأنَّهم جامِدون لا يعملون بالعَقلِ، ويشَنِّعون عليهم عَدَمَ أخذِهم بالقياسِ والاجتهادِ [420] يُنظر: ((الصراع بين الأخباريين والأصوليين)) لأحمد قوشتي (ص: 14، 98، 99، 115 – 119، 128). .
من أشهَرِ أعلامِ الأصوليِّين:
الحَسَنُ بنُ أبي عقيلٍ العُمانيُّ، وابنُ الجُنَيدِ، والشَّريفُ المرتَضى، والحسَنُ بنُ المطَهَّرِ الحليُّ، والبَهبهانيُّ مجدِّدُ الأصوليِّين، وعليٌّ الطَّباطبائيُّ، وجَعفَرٌ كاشِفُ الغِطاءِ، ومرتضى الأنصاريُّ، والبروجَرديُّ، وأبو القاسِمِ الخوئيُّ، والخُمينيُّ وشريعتمداري، ومحمَّد باقِر الصَّدر، ومحسِن الأمين، ومحمد باقِر الحكيم، ومحمَّد جواد مغنية، والشَّيرازيُّ، وحَسَن طباطبائيُّ القُمِّيُّ، ومحمد حُسَين فضل اللَّه، وموسى الموسويُّ، وعلي السِّيستانيُّ، وعلي الكورانيُّ [421] يُنظر: ((الصراع بين الأخباريين والأصوليين)) لأحمد قوشتي (ص: 8، 18، 19، 22، 31، 32، 58، 59)، ((المعالم الجديدة للأصول)) لمحمد باقر الصدر (ص: 59)، ((الشيعة والتشيع - فرق وتاريخ)) لإحسان إلهي ظهير (ص: 325)، ((الشيعة والتصحيح)) لموسى الموسوي (ص: 65)، ((مصادر الاستنباط بين الأصوليين والأخباريين)) للغراوي (ص: 40)، ((أصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية)) لناصر القفاري (1/ 115). .
من أشهَرِ أعلامِ الأخباريِّين:
الحُرُّ العامِليُّ، والنُّوريُّ الطَّبرسيُّ، والمجلسيُّ، ونعمةُ اللَّهِ الجزائريُّ، ومحمد أمين الأستراباديُّ مجدِّدُ الأخباريَّةِ، والفَيضُ الكاشانيُّ، ومحمَّد حُسَين كاشِفُ الغِطاءِ، وسُلَيمانُ البحرانيُّ، وعبدُ اللَّهِ السَّماهيجيُّ البحرانيُّ، ومحسِن آل عصفور، ومدرسةُ آلِ عصفورٍ في البَحرينِ [422] يُنظر: ((الشيعة والتشيع - فرق وتاريخ)) لإحسان إلهي ظهير (ص: 325)، ((الصراع بين الأخباريين والأصوليين)) لأحمد قوشتي (ص: 9، 18)، ((أصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية)) لناصر القفاري (1/ 115). .
وقد كان الشِّيعةُ الأخباريُّون مؤيِّدين للدَّولةِ الصَّفَويَّةِ بقوَّةٍ، بينما كان الأصوليُّون على خلافٍ مع الدَّولةِ الصَّفَويَّةِ، وبعدَ قيامِ الثَّورةِ الخُمَينيَّةِ في إيرانَ سنةَ 1979م حُسِم الصِّراعُ داخِلَ المَذهَبِ الشِّيعيِّ لصالحِ الأصوليِّين، ودان بمَشرَبِهم السَّوادُ الأعظمُ من الشِّيعةِ الاثْنَي عَشْريَّةِ، وانحصَر الشِّيعةُ الأخباريُّون في البحرينِ، وصاروا أقلِّيَّةً في أماكِنِ الشِّيعةِ الأُخرى [423] يُنظر: ((الصراع بين الأخباريين والأصوليين)) لأحمد قوشتي (ص: 8، 30). .
والأخباريُّون ليسوا سواءً؛ فيوجَدُ أخباريُّون متطَرِّفون، كالأستراباديِّ، وآخَرون معتَدِلون نسبيًّا، كيوسُفَ البَحرانيِّ [424] يُنظر: ((الحدائق الناضرة)) (1/167 - 170)، ((الدرة النجفية)) (ص: 171) كلاهما ليوسف البحراني، ((الصراع بين الأخباريين والأصوليين)) لأحمد قوشتي (ص: 29). .
وبعضُ الشِّيعةِ الاثْنَي عَشْريَّةِ يُهَوِّنُ الخلافَ بَيْنَ الأصوليِّين والأخباريِّين، ويراهم جميعًا فِرقةً واحدةً، ويدَّعي أنَّ الخلافَ بَيْنَهما خلافٌ صُوريٌّ لا حقيقيٌّ [425] يُنظر: ((الأصوليون والأخباريون فرقة واحدة)) لفرج العمران. .
وبعضُ الشِّيعةِ يُصَرِّحُ بأنَّ الخلافَ بَيْنَ الأصوليِّين والأخباريِّين خلافٌ حقيقيٌّ [426] يُنظر: ((الفوائد الطوسية)) للحر العاملي (ص: 447)، ((أصول الفقه بين الأصوليين والمحدثين)) لمحسن آل عصفور (ص: 524)، ((منية الممارسين)) للسماهيجي، فقد ذكر فيه أربعين فرقًا بين الأصوليِّين والأخباريِّين.
والصَّحيحُ أنَّ الخِلافَ بَيْنَ المدرستَينِ خِلافٌ مَنهَجيٌّ لا يخرِجُهما عن مَذهَبِ الشِّيعةِ الاثْنَي عَشْريَّةِ؛ لاتِّفاقِ الأصوليِّين والأخباريِّين جميعًا على أصولِ المَذهَبِ الاثْنَي عَشريٍّ، كالقَولِ بالإمامةِ، وعِصمةِ الأئِمَّةِ الاثنَيْ عَشَرَ، والغُلُوِّ فيهم، وانتظارِ المَهديِّ الغائبِ عِندَهم منذُ مئاتِ السِّنين، وتكفيرِ غالبِ الصَّحابةِ، والقولِ بالتَّقيَّةِ، وإباحةِ نِكاحِ المتعةِ، والإمعانِ في مخالفةِ أهلِ السُّنَّةِ، وغيرِ ذلك ممَّا هو معروفٌ في مَذهَبِ الشِّيعةِ الإماميَّةِ، والأصوليُّون والأخباريُّون متَّفِقون في الجملةِ على قَبولِ بعضِ ما في كُتُبِ الشِّيعةِ من الأقوالِ الشَّنيعةِ والخُرافاتِ العجيبةِ التي ينسُبونها لأئِمَّتِهم [427] يُنظر: ((استدلال الشيعة بالسنة النبوية)) لعبد الرحمن دمشقية (ص: 18)، ((الصراع بين الأخباريين والأصوليين)) لأحمد قوشتي (ص: 49، 86 – 88، 95 – 97، 103). .



انظر أيضا: