الموسوعة الفقهية

المبحث الأوَّلُ: حُكمُ الرُّكوعِ


الرُّكوعُ فرضٌ وركنٌ من أركانِ الصَّلاة.
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِن الكتابِ
قال تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الحج: 77]
ثانيًا: من السُّنَّة
عن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((إنَّ رجلًا دخل المسجدَ، ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جالسٌ في ناحيةِ المسجدِ، فصلَّى ثم جاء فسلَّمَ عليه، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (وعليك السَّلامُ، ارجِعْ فصلِّ؛ فإنَّك لم تُصَلِّ)، فرجَع فصلَّى، ثم جاء فسلَّمَ، فقال: (وعليك السَّلامُ، فارجِعْ فصَلِّ، فإنَّك لم تُصَلِّ)، فقال في الثَّانيةِ، أو في التي بعدَها: علِّمْني يا رسولَ اللهِ، فقال: (إذا قُمْتَ إلى الصَّلاةِ فأسبِغِ الوُضوءَ، ثم استقبِلِ القِبلةَ فكبِّرْ، ثم اقرَأْ بما تيسَّرَ معك مِن القُرآنِ، ثم اركَعْ حتَّى تطمئِنَّ راكعًا، ثم ارفَعْ حتَّى تستويَ قائمًا، ثم اسجُدْ حتَّى تطمئِنَّ ساجدًا، ثم ارفَعْ حتَّى تطمئِنَّ جالسًا، ثم اسجُدْ حتَّى تطمئِنَّ ساجدًا، ثم ارفَعْ حتَّى تطمئِنَّ جالسًا، ثم افعَلْ ذلك في صلاتِكَ كلِّها )) رواه البخاري (6251)، ومسلم (397).
ثالثًا: من الإجماع
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذِرِ قال ابنُ المنذِر: (أجمَعوا على أنَّ القادِرَ لا تجزئه الصَّلاةُ إلَّا أن يركَع ويسجد). ((الإجماع)) (ص: 42)، وينظر: ((الإشراف)) لابن المنذر (2/214). ، وابنُ حزمٍ قال ابنُ حزم: (واتَّفقوا على أنَّ الركوعَ فيها فرض، وأنَّ السجود سجدتانِ في كلِّ فرض) ((مراتب الإجماع)) (ص: 26). ، وابنُ عبدِ البرِّ قال ابنُ عبد البرِّ: (الدلائل على فرضِ القيام والركوع والسُّجود من القرآن، والسُّنة، والإجماع). ((التمهيد)) (10/196).
مطلب: حدُّ الرُّكوعِ
الواجبُ في الرُّكوعِ الانحناءُ، بحيث يمكِنُه مسُّ رُكبتيه بيدَيْهِ إذا كان وسَطًا مِن النَّاسِ لا طويلَ اليدينِ ولا قصيرَهما، وهذا مذهبُ الجمهورِ: المالكيَّةِ ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/ 239)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (2/188)، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (1/313). ، والشافعيَّةِ قال النَّوويُّ: (الحد الفاصل بين حدِّ الركوع وحدِّ القيام: أن تنالَ راحتاه ركبتيه لو مدَّ يديه، فهذا حد الركوع). ((المجموع)) (3/297، 410)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/117). ، والحنابلةِ ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/347)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/360). ، واختارَه داودُ الظَّاهريُّ قال النَّوويُّ: (مذاهب العلماء في حد الركوع: مذهبُنا أنه يجب أن ينحني بحيث تنال راحتاه ركبته، ولا يجب وضعُهما على الركبتين، وتجب الطمأنينة في الركوع، والسجود، والاعتدال من الركوع، والجلوس بين السجدتين، وبهذا كلِّه قال مالك وأحمد وداود) ((المجموع)) (3/410).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
1- عن زيدِ بنِ وهبٍ، قال: رأى حذيفةُ رجلًا لا يُتمُّ الرُّكوعَ والسُّجودَ، قال: (ما صلَّيْتَ، ولو مِتَّ مِتَّ على غيرِ الفطرةِ التي فطَرَ اللهُ محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عليها) رواه البخاري (791).
2- عن أبي مسعودٍ البَدْرِيِّ رضِيَ اللهُ عنه، قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تُجزِئُ صلاةُ الرَّجلِ حتَّى يُقِيمَ ظهرَه في الرُّكوعِ والسُّجودِ )) رواه أبو داود (855)، والترمذي (265)، والنسائي (1027)، وابن ماجه (870) قال الترمذي: حسن صحيح، وصحَّحه الدارقطني كما في ((الدراية)) (1/143)، وابن العربي في ((أحكام القرآن)) (1/643)، والألباني في ((صحيح الترمذي)) (265)، وصحح إسناده الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (2/280).
ثانيًا: أنَّه لا يسمَّى راكعًا بدونِ انحنائِه، بحيث يمكِنُه مسُّ رُكبتَيْهِ بيدَيْهِ، ولا يخرُجُ عن حدِّ القيامِ إلى الرُّكوعِ إلَّا به ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/347).

انظر أيضا: