الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّالثُ: كونُ المرهونِ به حقًّا ثابِتًا


اختلَف العُلَماءُ في جوازِ الرَّهنِ قَبلَ ثُبوتِ الحقِّ على قولَينِ:
القولُ الأوَّلُ: لا يجوزُ الرَّهنُ قَبلَ ثُبوتِ الحقِّ، وهو مَذهَبُ الشَّافِعيَّةِ ، والحنابِلةِ .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ الرَّهنَ وثيقةٌ بحقٍّ، فلم يجُزْ قَبلَ ثُبوتِه كالشَّهادةِ .
ثانيًا: لأنَّ الرَّهنَ تابِعٌ للحقِّ، فلا يسبِقُه، كالشَّهادةِ. والثَّمنُ لا يتقدَّمُ البَيعَ .
القولُ الثَّاني: يجوزُ الرَّهنُ قَبلَ ثُبوتِ الحقِّ، وهو مَذهَبُ الحنفيَّةِ ، والمالِكيَّةِ ، ووَجهٌ للشَّافِعيَّةِ ، وقولُ أبي الخطَّابِ مِن الحنابِلةِ ، وهو اختيارُ ابنِ عُثَيمينَ ، وذلك لأنَّه وثيقةٌ بحقٍّ، فجاز انعِقادُه قَبلَ وُجوبِه، كالضَّمانِ .

انظر أيضا:

  1. (1) وهو أخذُ الرَّهنِ بما سيُقرِضُه في المستقبَلِ؟ كأن يطلُبَ شخصٌ من آخَرَ قرضًا مائةَ ألفٍ، فيقولَ له المُقرِضُ: أترهَنُني بيتَك؟ فيقولُ: نعم، رَهَنْتُك بيتي بالقَرضِ الذي ستُقرِضُني إيَّاه.
  2. (2) ((فتح العزيز بشرح الوجيز)) للرافعي (10/30)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (5/65).
  3. (3) ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/321).
  4. (4) يُنظر: ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (5/65)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/321).
  5. (5) يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (4/246).
  6. (6) ويُسَمِّيه الحنفيَّةُ الرَّهنَ بالدَّينِ الموعودِ. ((المبسوط)) للسرخسي (21/83)، ((الهداية)) للمرغيناني (4/134)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (6/14).
  7. (7) ((التاج والإكليل)) للمواق (5/16)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (5/249)، ((منح الجليل)) لعليش (5/455).
  8. (8) ((فتح العزيز بشرح الوجيز)) للرافعي (10/31).
  9. (9) ((المغني)) لابن قدامة (4/246).
  10. (10) قال ابنُ عثيمين: (ما ذهب إليه المؤلِّفُ هو المشهورُ عند فُقهائِنا رحمهم الله؛ أنَّ الرَّهنَ لا يَصِحُّ قبل ثبوتِ الحَقِّ. وقيل: إنَّه يصِحُّ قبلَ الحَقِّ، وكونُه قبل السَّبَبِ لا يضُرُّ، كما لو أنَّ الإنسانَ اشترط في المبيعِ شرطًا قبل العقدِ فإنَّه يصحُّ، وهذا أيضًا إذا اتَّفقا على الرَّهنِ قبلَ العَقدِ فما المانعُ؟! فلا مانِعَ في الحقيقةِ، ولو أنَّنا فتحنا البابَ وقلنا: إنَّه لا يصِحُّ لتحَيَّل المتحَيِّلون، فجاء المستَدينُ للدَّائِنِ، وقال: أريد منك مائةَ ألفٍ ولكنِّي أعرِفُ أنَّك لن تقرِضَني إلَّا برهنٍ، وأنا الآن أكتبُ لك رهنَ بيتي، فرَهَنْتُك بيتي بالمائةِ ألفٍ التي تُقرِضُني، فقال: لا مانِعَ ما دمتَ رَهَنْتَني البيتَ، هذه المائةُ ألفٍ، ولما انتهى العقدُ قال له المستدينُ: الرَّهنُ غيرُ صحيحٍ، وليس لك رهنٌ، فيكونُ بهذا فتحَ بابٍ لأهلِ الحِيَلِ. فالصَّوابُ: أنَّ الرَّهنَ جائزٌ مع الحَقِّ، وقبلَ الحَقِّ، وبعد الحَقِّ، وأنَّه لا مانِعَ؛ لأنَّه عقدُ تَوثِقةٍ) ((الشرح الممتع)) (9/125).
  11. (11) يُنظَر: ((المغني)) لابن قدامة (4/246).