الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الخامسُ: الطَّرَفُ الذي يكونُ عليه البُذورُ


يجوزُ أن تكونَ البُذورُ مِن صاحِبِ الأرضِ أو مِن العامِلِ ، وهو قولُ أبي يوسُفَ ومُحمَّدِ بنِ الحَسنِ مِن الحنفيَّةِ ، وروايةٌ عن أحمَدَ اختارها ابنُ قُدامةَ ، وهو اختِيارُ ابنِ تيميَّةَ ، وابنِ القيِّمِ ، وابنِ عُثَيمينَ ، وبه أفتَت اللَّجنةُ الدَّائِمةُ .
الدَّليلُ مِن السُّنَّةِ:
عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رضِي اللهُ عنهما: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عامَل أهلَ خَيبرَ بشَطرِ ما يخرُجُ منها مِن ثَمرٍ أو زَرعٍ)) .
وَجهُ الدَّلالةِ:
 أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دفَع خَيبرَ مُعامَلةً، وفي تَركِه اشتِراطَ البذرِ مِن عندِ أحدِهما دليلٌ على أنَّ ذلك يجوزُ مِن عندِ أيِّهما كان .

انظر أيضا:

  1. (1) ويجوزُ أن تكونَ البُذورُ بعضُها من العامِلِ، وبعضُها من صاحِبِ الأرضِ. ينظر: ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (14/ 366)
  2. (2) ((الهداية)) للمرغيناني (4/ 54) ((البناية)) للعيني (11/ 483)،
  3. (3) ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (4/ 319)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (3/ 572).
  4. (4) قال ابنُ قُدامةَ: (وأيُّهما أخرَج البَذْرَ جاز؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دفَعَ خيبرَ معاملةً، ولم يَذكُرِ البَذْرَ، وفي تَرْكِ ذِكْرِه دليلٌ على جوازِه من أيِّهما كان، وفي بعضِ لفظِ الحديثِ ما يدُلُّ على أنَّه جعَل البَذْرَ عليهم؛ لقَولِ ابنِ عُمَرَ: «دفع رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نخلَ خيبَرَ وأرضَها إليهم على أن يعمَلوها من أموالِهم») ((الكافي في فقه الإمام أحمد)) (2/167).
  5. (5) قال ابنُ تيميَّةَ: (وكان عُمَرُ يزارِعُ على أنَّه إن كان البَذْرُ من المالِكِ فله كذا، وإن كان من العامِلِ فله كذا. ذكره البخاريُّ، فجَوَّز عُمَرُ هذا. وهذا هو الصَّوابُ) ((مجموع الفتاوى)) (30/ 113).
  6. (6) قال ابنُ القَيِّمِ: (ومنها: أنَّه دفع إليهم الأرضَ على أن يَعمَلوها من أموالِهم، ولم يدفَعْ إليهم البَذْرَ، ولا كان يحمِلُ إليهم البَذْرَ من المدينةِ قطعًا، فدَلَّ على أنَّ هَدْيَه عدمُ اشتراطِ كونِ البَذْرِ من ربِّ الأرضِ، وأنَّه يجوزُ أن يكونَ من العامِلِ، وهذا كان هَدْيَ خلفائِه الرَّاشدين مِن بَعدِه، وكما أنَّه هو المنقولُ فهو الموافِقُ للقياسِ؛ فإنَّ الأرضَ بمنزلةِ رأسِ المالِ في القِراضِ، والبَذْرُ يجري مجرى سَقْيِ الماءِ؛ ولهذا يموتُ في الأرضِ ولا يرجِعُ إلى صاحبِهـ) ((زاد المعاد)) (3/ 306).
  7. (7) قال ابنُ عُثَيمين: (من العُلَماء من قال: يُشتَرَطُ في المزارعةِ أن يكونَ البَذْرُ من ربِّ الأرضِ، فإذا أعطَيتَ شخصًا أرضًا يزرَعُها فأعْطِه البَذْرَ، وإذا كان البَذْرُ منه لم يَصِحَّ ... والصَّحيحُ: أنَّه ليس بشرطٍ، وهو الذي مشى عليه صاحِبُ المتنِ) ((الشرح الممتع)) (9/ 460).
  8. (8) جاء في فتاوى اللَّجنةِ الدَّائمةِ: (عقدُ المزارعةِ بينَ صاحِبِ الأرضِ والعامِلِ عقدٌ جائزٌ، على أن يكونَ الخارِجُ من الأرضِ مُشترَكًا بينهما، للعامِلِ الرُّبعُ أو الثُّلثُ أو النِّصفُ مثلًا، والباقي لصاحِبِ الأرضِ، سواءٌ كانت البُذورُ والسِّمادُ والحَرثُ والسَّقيُ وسائِرُ العَمَلِ من العاملِ، أم بعضُه من العامِلِ وبعضُه من صاحِبِ الأرضِ) ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (14/ 366).
  9. (9) أخرجه البخاري (2329)، ومسلم (1551) واللفظ له.
  10. (10) يُنظر: ((الإشراف على مذاهب العلماء)) لابن المنذر (6/ 262)، ((الكافي في فقه الإمام أحمد)) لابن قُدامةَ (2/167).