الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: المُساقاةُ في البُقولِ والمَقاثي


تجوزُ المُساقاةُ في البُقولِ والمَقاثي ، وهذا قولُ أبي يوسُفَ ومُحمَّدِ بنِ الحَسنِ مِن الحنفيَّةِ ، وقولُ ابنِ القاسِمِ مِن المالِكيَّةِ ، ووَجهٌ للحنابِلةِ ، وقولُ ابنِ حَزمٍ ، وهو اختِيارُ ابنِ عُثَيمينَ .
الدَّليلُ مِن السُّنَّةِ:
عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رضِي اللهُ عنهما قال: ((عامَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَيبرَ بشَطرِ ما يخرُجُ منها مِن ثَمرٍ أو زَرعٍ)) .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عامَل أهلَ خَيبرَ على نِصفِ كُلِّ ما يخرُجُ منها، وقد كان بخَيبرَ بلا شكٍّ بُقولٌ وكُلُّ ما ينبُتُ في أرضِ العَربِ .

انظر أيضا:

  1. (1) البُقولُ جمعُ بَقلٍ: وهو الذي ليس له ساقٌ من الزُّورعِ، كالبَصَلِ والجَزَرِ والكُرَّاثِ والثُّومِ. ينظر: ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/219) ((حاشية الشرواني على تحفة المحتاج)) (5/27)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (9/57).
  2. (2) كالبِطِّيخِ والقَرعِ والباذِنجانِ ونحوِه. ينظر: ((البهجة في شرح التحفة)) للتسولي (2/55).
  3. (3) ((الدر المختار وحاشية ابن عابدين)) (6/ 288)، وينظر: ((الجوهرة النيرة)) للحدادي (6/ 288).
  4. (4) بشرطِ أن يظهَرَ من الأرضِ، وأن يَعجِزَ صاحبُه عن السَّقيِ. ينظر: ((المنتقى)) للباجي (5/130).
  5. (5) ((الإنصاف)) للمرداوي (5/344)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/233).
  6. (6) قال ابنُ حزمٍ: (أما منعُ المالكيِّين من ذلك في المَوزِ والبقلِ، فدعوى بلا دليلٍ. فإن قالوا: لفظُ "المُساقاة" يدُلُّ على السَّقيِ؟ فقُلْنا: ومن سمَّى هذا العَمَلَ "مساقاةً" حتى تجعلوا هذه اللَّفظةَ حُجَّةً؟ ما عَلِمْناها عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولا عن أحدٍ من الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم، وإنما نقولُها معكم مساعدةً فقط، وباللهِ تعالى التَّوفيقُ. وقد كان بخَيبَرَ بلا شكٍّ بَقلٌ، وكُلُّ ما ينبُتُ في أرضِ العَرَبِ من الرُّمَّانِ، والمَوزِ، والقَصَبِ، والبُقولِ، فعاملَهم -عليه السَّلامُ- على نصفِ كُلِّ ما يخرُجُ منها) ((المحلى)) (7/71).
  7. (7) قال ابنُ عُثيمين المؤلِّفُ يقولُ: «له ثَمَرٌ يُؤكَلُ» وهذا ظاهرُ كلامِ المؤلِّفِ. وقال بعضُ العُلَماءِ: إنَّه يجوزُ على شَجَرٍ لا ثَمَرَ له، إذا كانت أغصانُه يُنتفَعُ بها، مِثلُ أن تكونَ أغصانُه تُقطَعُ وتُجعَلُ أبوابًا صغارًا ـ مثلًا أو ما أشبه ذلك، أو سِدرٌ يمكِنُ أن يُنتفَعَ بأوراقِه، وعلى شَجَرٍ له ثمَرٌ لكن لا يؤكَلُ، لكنَّه مقصودٌ، مِثلُ الأثْلِ له ثمَرٌ، فيؤخَذُ هذا الثَّمَرُ ويُجعَلُ في الدِّيارِ، تُدبَغُ به الجلودُ، فهو ثمَرٌ مقصودٌ، لكِنَّه لا يؤكَلُ، وهذا القولُ هو الصَّحيحُ؛ لأنَّ القاعدةَ هي أن يكونَ للعامِلِ شيءٌ في مقابلةِ عَمَلِه من ثمَرٍ يؤكَلُ أو ثمَرٍ لا يؤكَلُ لكِنَّه مقصودٌ يُنتَفَعُ به، أو مِن قَطعِ الشَّجَرِ نَفسِه عند تكامُلِ نمُوِّه، فلا مانِعَ، وفيه فائدةٌ للطَّرَفَينِ، فما الفَرقُ بَينَ أن نقولَ: أغصانٌ تُقطَعُ وتُباعُ ويُنتَفَعُ بها، أو نقولَ: ثَمَرٌ يُجَذُّ ويؤكَلُ؟!) ((الشرح الممتع)) (9/447).
  8. (8) أخرجه البخاري (2329) واللفظ له، ومسلم (1551).
  9. (9) يُنظر: ((المحلى)) لابن حزم (7/71).