الموسوعة الفقهية

المطلَبُ الثَّالِثُ: صلاةُ العُراةِ


الفَرْعُ الأوَّلُ: صَلاةُ العُرْيانِ
المسألة الأولى: العُريانُ إذا لم يجِدْ سُترةً
العُريانُ إذا لم يجِدْ سُترةً، صلَّى عُريانًا، ولا إعادةَ عليه، وذلك في الجُملةِ.
الدَّليل من الإجماع:
نقَل الإجماع على ذلك: النوويُّ ، وابنُ تَيميَّة
المسألة الثانية: قِيامِ العُريانِ إذا صلَّى وحْدَه
العُريانُ إذا صلَّى وحْدَه يُصلِّي قائمًا، وهو مذهبُ المالكيَّة ، والشافعيَّة ، وروايةٌ عن أحمد ، وبه قال بعضُ السَّلف ، واختاره ابنُ باز
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
قوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صلِّ قائمًا، فإنْ لم تستطعْ فقاعدًا، فإنْ لم تستطعْ فعلى جَنْبٍ ))
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
 أنه علَّق الصَّلاةَ قاعدًا على عدمِ الاستطاعةِ، والقيامُ ركنٌ؛ فوجَبَ ألَّا يجوزَ تَرْكُه مع القُدرةِ عليهِ
ثانيًا: لأنَّه لا يُجزِئ أحدًا أنْ يُصلِّيَ جالسًا وهو يَقدِرُ على القيامِ
ثالثًا: لأنَّ المحافظةَ على الأركانِ- كالقِيامِ، والركوعِ، والسجودِ- أَوْلى من المحافظةِ على بعضِ الفَرْضِ وهو السَّترُ
الفَرْعُ الثاني: صلاة الجَماعةِ للعُراةِ
المسألةُ الأولى: صِفةُ صَلاةِ الجَماعةِ للعُراةِ
العراةُ يُصلُّونَ جماعةً صفًّا واحدًا ، ويقومُ إمامُهم وسْطَهم، وهذا مذهبُ الشافعيَّة ، والحنابلة ، واختارَه ابنُ تَيميَّة
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
عمومُ قولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صلاةُ الجماعةِ تَفضُلُ صلاةَ الفذِّ بخمسٍ وعشرينَ درجةً ))
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ لفظَ الجماعةِ عامٌّ يدخُلُ فيه كلُّ جماعةٍ، ومنها جماعةُ العُراةِ
ثانيًا: أنَّ العُراةَ يُمكنهم الجماعةُ من غير ضررٍ، فلزمتْهم كالمستترِينَ
ثالثًا: أنَّ قيامَ الإمامِ وسْطَهم أستَرُ من أن يَتقدَّمَ عليهم
المسألة الثَّانية: قِيامِ العُراةِ في صلاةِ الجماعةِ
العراةُ إذا صَلَّوا جماعةً يُصلُّون قِيامًا، وهو مذهبُ المالكيَّة ، والشافعيَّة ، وروايةٌ عن أحمدَ
وذلك للآتي:
أوَّلًا: للنُّصوصِ الدالَّة على وجوبِ الركوعِ والسجودِ
ثانيًا: أنَّ القيامَ والركوعَ والسجودَ أركانٌ متَّفَق عليها، والسُّترة شرطٌ مختلَف فيه، والأركان مُقدَّمةٌ على الشروطِ، والمجمَع عليه مُقدَّمٌ على المختلَف فيه
ثالثًا: لأنَّه لا يُجزئ أحدًا أن يُصلِّي جالسًا وهو يَقدِرُ على القيامِ

انظر أيضا:

  1. (1) قال النوويُّ: (إذا عَدِم السُّترةَ الواجبة فصلَّى عاريًا، أو ستَر بعض العورة وعجز عن الباقي، وصلَّى، فلا إعادةَ عليه، سواء كان من قوم يعتادون العُري، أم غيرهم، وحَكى الخُراسانيُّون فيمن لا يَعتادون العري وجهًا أنَّه يجب الإعادة... وهو ضعيفٌ ليس بشيء، وقد قال الشيخ أبو حامد في التعليق: لا أعلم خلافًا بين المسلِمين أنَّه لا يجب الإعادةُ على مَن صلَّى عاريًا للعجز عن السُّترة) ((المجموع)) (3/183).
  2. (2) قال ابنُ تيميَّة: (وكذلك العُريان: كالذي تنكسِر به السَّفينة، أو يأخذ القطَّاع ثيابَه؛ فإنَّه يُصلِّي عريانًا، ولا إعادةَ عليه باتِّفاق العلماء) ((مجموع الفتاوى)) (21/224). وقال أيضًا: (وقد اتَّفق المسلمون...على أنَّ العريان إذا لم يجِد سُترةً، صلَّى، ولا إعادةَ عليه) ((مجموع الفتاوى)) (21/441). ووقَع خُلافٌ في الإعادة في الوقت؛ قال الحطَّاب: (وكذلك من صلَّى عريانًا لكونِه لم يجِد ثوبًا يستتر به، ثم وجد ما يستترُ به، فإنَّه إن كان قريبًا منه أخذه واستتر به، وكَّمل صلاته، وإن لم يكن قريبًا، فإنَّه يُكمل صلاته، ثم يعيدها في الوقت) ((مواهب الجليل)) (2/194). وقال الخَرَشيُّ: (لا عاجز صلَّى عريانًا (ش)... والمعنى: أنَّ العاجزَ عن السِّتر بكلِّ شيءٍ إذا صلَّى عريانًا، ثم وجَد ما يستترُ به في الوقت، فلا إعادةَ عليه، ولم يحكِ ابنُ رشد خلافَه، وجعَل المازريُّ المذهبَ الإعادة في الوقت؛ قال بعضهم: وهو الجاري على تقديمِ النَّجس والحَرير على التعرِّي؛ لأنَّه إذا لزمتِ الإعادةُ مَن صلَّى فيهما مع تقديمهما على التعرِّي، فلْتَلزم مع التعرِّي الأضعف منهما أحْرى، وأمَّا على تقديم التعرِّي عليهما، فلا إشكال...) ((شرح مختصر خليل)) (1/25).
  3. (3) ويُعيد في الوقت استحبابًا. يُنظر: ((الكافي)) لابن عبد البر (1/239)، ((الشرح الكبير)) للدردير (1/221).
  4. (4) ((المجموع)) للنووي (3/182)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/175).
  5. (5) قال المرداويُّ: (وعنه - أي: الإمام أحمد - أنَّه يُصلي - أي: العاجز عن سَتْر عورته - قائمًا ويسجُد بالأرض - يعني: يلزمه ذلك) ((الإنصاف)) (1/327).
  6. (6) قال النوويُّ: (إذا لم يجِد سترةً يجب لُبسُها، وجَبَ عليه أن يُصلِّي عريانًا قائمًا، ولا إعادةَ عليه، هذا مذهبنا، وبه قال عُمرُ بن عبد العزيز، ومجاهد، ومالك) ((المجموع)) (3/183).
  7. (7) قال ابنُ باز: (يُصلِّي العاري قائمًا لا جالسًا) ((اختيارات الشيخ ابن باز وآراؤه الفقهية في قضايا معاصرة)) لخالد آل حامد (1/398).
  8. (8) رواه البخاري (1117).
  9. (9) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/176).
  10. (10) ((الكافي)) لابن عبد البر (1/239).
  11. (11) ((المجموع)) للنووي (3/182).
  12. (12) لئلَّا يرى بعضُهم عورةَ بعض.
  13. (13) الشافعيَّة قالوا: لهم أن يُصلُّوا جماعةً وفُرادَى؛ فإنْ صلَّوا جماعةً وهم بصراءُ وقَف إمامهم وسْطَهم، فإنْ خالف ووقَف قُدَّامهم صحَّت صلاتُه، وإنْ كانوا عميًا أو في ظُلمة بحيث لا يرى بعضهم بعضًا، استحبَّ الجماعة، ويقف إمامُهم قُدَّامهم. يُنظر: ((المجموع)) للنووي (3/185)، ((روضة الطالبين)) للنووي (1/285)، ((الأم)) للشافعي (1/111).
  14. (14) الحنابلة قالوا: إنْ تقدَّم عليهم الإمامُ بطَلَتْ صلاتُهم، فإنْ كانوا عميانًا، أو كانوا في ظلمة يجوز أن يتقدَّمهم الإمامُ. يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/273)، ((المغني)) لابن قدامة (1/427).
  15. (15) قال ابنُ تيميَّة: (لو انكسرتْ سفينةُ قوم أو سَلَبهم المحاربون ثيابَهم صلَّوْا عُراةً بحسب أحوالهم، وقام إمامُهم وَسْطَهم؛ لئلَّا يرى الباقون عورتَه) ((مجموع الفتاوى)) (28/389).
  16. (16) رواه البخاري (645)، ومسلم (650) من حديث عبد الله بن عُمرَ رضي الله عنهما.
  17. (17) ((الأوسط)) لابن المنذر (5/66).
  18. (18) ((المغني)) لابن قدامة (1/428)، ((شرح الزركشي على مختصر الخرقي)) (1/617).
  19. (19) ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/273).
  20. (20) ((الكافي)) لابن عبد البر (1/239)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (2/106).
  21. (21) ((المجموع)) للنووي (3/182)، وينظر: ((الأم)) للشافعي (1/111).
  22. (22) ((المغني)) لابن قدامة (1/428).
  23. (23) ((الذخيرة)) للقرافي (2/107).
  24. (24) ((الذخيرة)) للقرافي (2/107).
  25. (25) ((الكافي)) لابن عبد البر (1/239).