الموسوعة الفقهية

المبحث الثَّالث: الحدَث الدائم


المطلب الأوَّل: وجوبُ التحفُّظِ مِن النَّجاسةِ
يجِبُ تحفُّظُ أصحابِ الحدَثِ الدَّائِمِ مِن النَّجاسةِ ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة ، والشافعيَّة ، والحنابلة
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
عن حَمنةَ بنتِ جَحشٍ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّها قالت: ((يا رسولَ الله: إنِّي أُستحاضُ حيضةً كبيرةً شديدةً؛ فما ترى فيها، قدْ منعَتني الصَّلاةَ والصِّيامَ؟ فقال: أنعَتُ لك الكُرْسُفَ ))
ثانيًا: أنَّ في ذلك دفعًا للنَّجاسةِ وتقليلًا لها، وهو واجبٌ ما أمكَنَ
المطلب الثَّاني: الاستنجاءُ عند دُخولِ وَقتِ كلِّ صلاةٍ
مَن به حدثٌ دائمٌ كالاستحاضةِ، أو سَلَسِ البولِ؛ فإنَّه لا يَلزَمُه أن يستنجِيَ منه لكلِّ صلاةٍ، وهو مذهَبُ المالكيَّة ، وقولٌ للشَّافعيَّة ، وروايةٌ عن أحمد ، واختاره ابنُ رَجب
وذلك للآتي:
أولًا: أنَّه لا معنى للأمرِ بإزالة النَّجاسةِ مع استمرارِها
ثانيًا: أنَّه سقط اعتبارُ حدَثِها لِمكانِ العُذرِ
ثالثًا: دفعًا للحَرَج لِعَدمِ إمكانِ التحرُّزِ منه

انظر أيضا:

  1. (1) فالمُستحاضةُ تحتشي أو تعصِبُ فرْجَها، والمبتلَى بسَلَس البَولِ وكثرة المذي يعصِبُ رأس ذَكَره بخِرقةٍ ويحتَرِسُ حَسَبما أمكَنَه، وكذلك مَن به جُرحٌ أو رِيح أو نحوه من الأحداثِ، فإنْ كان ممَّا لا يمكِنُ عَصْبُه كالجُرح الذي لا يمكن شدُّه، أو من به باسورٌ أو ناصور لا يمكن عصبُه، صلَّى على حَسَب حاله. ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/227)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/111).
  2. (2) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/227)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/185).
  3. (3) ((المجموع)) للنووي (2/533)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/111).
  4. (4) ((الإنصاف)) للمرداوي (1/269)، وينظر: ((الشرح الكبير)) لابن قدامة (1/354).
  5. (5) أنعَتُ لك الكُرْسُفَ: أي: أصفُ لك استعمالَ القُطنِ تَضعينَه على الفرْجِ، فإنَّه يُذهِبُ الدَّمَ. ((الصحاح)) للجوهري (4/1421)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/323).
  6. (6) رواه أبو داود (287)، والترمذي (128)، وابن ماجه (622)، وأحمد (27514). قال الإمام أحمد والبخاريُّ والترمذيُّ كما في ((سنن الترمذي)) (128): حسن صحيح، وصححه النووي في ((المجموع)) (2/533)، وقال محمَّد ابن عبد الهادي في ((المحرر)) (81): صحَّحه أحمد بن حنبل، وحسَّنه البخاري، وقال الدارقطني: تفرَّد به ابن عقيل وليس بقوي، ووهَّنه أبو حاتم، وقال ابن القيِّم ((تهذيب السنن)) (1/475): هذا الحديث مداره على ابن عَقيل، وهو عبد الله بن محمَّد بن عقيل، ثِقة صدوق، لم يتكلَّم فيه بجرح أصلًا، وكان الإمام أحمد وعبد الله بن الزُّبير الحُميدي وإسحاق بن راهويه يحتجُّون بحديثه، وحسَّنه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (128).
  7. (7) ((المجموع)) للنووي (2/533).
  8. (8) ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/205)، ((حاشية العدوي)) (1/136).
  9. (9) ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/112).
  10. (10) ((فتح الباري)) لابن رجب (1/446).
  11. (11) قال ابن رجب: (وكذلك اختلفوا؛ هل يجِبُ عليها غَسلُ الدَّم والتحفُّظ والتلجُّمِ عند كلِّ صلاة؟ فيه قولان: هما روايتان عن أحمد، وربما يرجِعُ هذا الاختلاف إلى الاختلاف المشهور: في أنَّ الأمرَ المُطلَق: هل يقتضي التَّكرارَ، أم لا؟ وفيه اختلافٌ مشهور، لكنَّ الأصحَّ هنا أنه لا يقتضي التَّكرارَ لكلِّ صلاةٍ؛ فإنَّ الأمرَ بالاغتسالِ وغَسلِ الدَّمِ، إنما مُعلَّقٌ بانقضاءِ الحَيضة وإدبارِها، فإذا قيل: إنَّه يَقتضي التَّكرارَ، فالجواب أنَّه لم يقتضِه إلَّا عند إدبارِ كلِّ حيضةٍ فقط). ((فتح الباري)) (1/446).
  12. (12) ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/112).
  13. (13) ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 99).
  14. (14) ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 99)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/215).