الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الأوَّلُ: ما يَجِبُ على المُؤَجِّرِ والمُسْتأجِرِ في صِيانةِ العَيْنِ المُسْتأجَرةِ


صِيانةُ العَيْنِ الَّتي يَتَوقَّفُ عليها اسْتيفاءُ المَنْفعةِ تكونُ على المُؤَجِّرِ [554] كتَرْميمِ الجُدْرانِ، وإصْلاحِ ما تَهدَّمَ مِن الدَّارِ. ، إلَّا إذا جَرَتِ العادةُ والعُرْفُ أنَّ المُسْتأجِرَ هو مَن يَقومُ بِها، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأرْبَعةِ [555] قالَ ابنُ عُثَيْمينَ: (وكلُّ هذا الَّذي قالَه الفُقَهاءُ رَحِمَهم اللهُ يُمكِنُ أن يُقالَ: إنَّه يَرجِعُ إلى العُرْفِ فيما جَرَتِ العادةُ أنَّه على المُسْتأجِرِ أو على المُؤَجِّرِ، فإن تَنازَعَ النَّاسُ فرُبَّما نَرجِعُ إلى كَلامِ الفُقَهاءِ، وأمَّا بدونِ تَنازُعٍ وكَوْنِ العُرْفِ مُطَّرِدًا بأنَّ هذا على المُؤَجِّرِ وهذا على المُسْتأجِرِ، فالواجِبُ الرُّجوعُ إلى العُرْفِ؛ لقَوْلِ اللهِ تَعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة: 1] ، وهذا أمْرٌ بالوَفاءِ بالعَقْدِ بأصْلِه وصِفاتِه وشَرْطِه). ((الشرح الممتع)) (10/63). : الحَنَفِيَّةِ [556] نَصَّ الحَنَفيَّةُ على أشْياءَ يَفعَلُها المُؤَجِّرُ وأشْياءَ يَفعَلُها المُسْتأجِرُ، وذلك يَخْتلِفُ باخْتِلافِ العُرْفِ. ((المبسوط)) للسرخسي (15/123، 125، 136). ويُنظَرُ: ((مجلة الأحكام العدلية)) (ص: 99). ، والمالِكِيَّةِ [557] نَصَّ المالِكيَّةُ على أشْياءَ يَفعَلُها المُؤَجِّرُ وأشْياءَ يَفعَلُها المُسْتأجِرُ، وذلك يَخْتلِفُ باخْتِلافِ العُرْفِ. ((الكافي)) لابن عبد البر (2/747، 748)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/199)، ((منح الجليل)) لعليش (7/504)، ويُنظَرُ: ((المدونة)) لسحنون (3/514). ، والشَّافِعِيَّةِ [558] دَلَّ كَلامُ الشَّافِعيَّةِ على أنَّ العُرْفَ له مَدخَلٌ في تَحْديدِ ما يَجِبُ على المُكْري والمُسْتَكْري. ((فتح العزيز)) للرافعي (6/125)، ((روضة الطالبين)) للنووي (5/219). ويُنظَرُ: ((المهذب)) للشيرازي (2/254)، ((حاشية الجمل)) (3/550). ، والحَنابِلةِ [559] دلَّ كَلامُ الحَنابِلةِ على أنَّ العُرْفَ له مَدخَلٌ في تَحْديدِ ما يَجِبُ على المُكْري والمُسْتَكْري. ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/20)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (3/653). ، وذلك لأنَّ المُسْتأجِرَ بمُطلَقِ العَقْدِ اسْتَحَقَّ المَعْقودَ عليه بصِفةِ السَّلامةِ، ولا يَتَحقَّقُ ذلك معَ وُجودِ نَقْصٍ يَمنَعُ مِنَ الانْتِفاعِ بالعَيْنِ المُؤَجَّرةِ [560] ((المبسوط)) للسرخسي (15/125). .

انظر أيضا: