الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: حُكْمُ إجارةِ الدَّوابِّ


إجارةُ الدَّوابِّ وما في حُكْمِها مِن وَسائِلِ النَّقْلِ جائِزةٌ.
الأَدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِن الكِتابِ
قَوْلُه سبحانه وتَعالى: وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ [النحل: 8] .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللهَ تَعالى مَلَّكَنا الأنْعامَ والدَّوابَّ وذَلَّلَها لنا، وأباحَ لنا تَسْخيرَها والانْتِفاعَ بِها رَحْمةً مِنه تَعالى لنا، وما مَلَكَه الإنْسانُ وجازَ له تَسْخيرُه مِن الحَيوانِ، فكِراؤُه له جائِزٌ .
ثانِيًا: الإجْماعُ
نَقَلَ الإجْماعَ على ذلك: ابنُ المُنذِرِ ، والماوَرْديُّ ، والعِمْرانيُّ ، وابنُ قُدامةَ ، والقُرْطُبِيُّ ، وشَمْسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ .
ثالِثًا: لأنَّ للدَّوابِّ مَنافِعَ مَعْلومةً، ويُعْتادُ اسْتِئْجارُها، فجازَ كسائِرِ الأعْيانِ المَعْهودةِ .

انظر أيضا:

  1. (1) كالسَّيَّاراتِ وغَيْرِها.
  2. (2) ((تفسير القرطبي)) (10/74).
  3. (3) قالَ ابنُ المُنذِرِ: (أَجمَعَ كلُّ مَن نَحفَظُ عنه مِن أهْلِ العِلمِ أنَّ إجارةَ المَنازِلِ والدَّوابِّ جائِزٌ، إذا بُيِّنَ الوَقْتُ والأجْرُ، وكانا عالِمَينِ بالَّذي عَقَدا عليه الإجارةَ، وبَيَّنا مَن يَسكُنُ الدَّارَ ويَركَبُ الدَّوابَّ أو ما يُحمَلُ عليها). ((الأوسط)) (11/168).
  4. (4) قالَ الماوَرْديُّ: (إجارةُ البَهائِمِ جائِزةٌ لرِوايةِ أبي أُمامةَ، قالَ: قُلْتُ لابنِ عُمَرَ: إنِّي رَجُلٌ أُكْري إبِلي أَفَتُجزِئُ عنِّي مِن حَجَّتي؟ فقالَ: أَلسْتَ تُلَبِّي وتَقِفُ وتَرْمي؟ قُلْتُ: بَلى، قالَ ابنُ عُمَرَ: سألَ رَجُلٌ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عمَّا سَألْتَني عنه، فلم يُجِبْه حتَّى أَنزَلَ اللهُ تَعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة: 198] ، وقالَ تَعالى: وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا [النحل: 8] ، فكانَ على عُمومِ الإباحةِ في رُكوبِها بالمِلْكِ والإجارةِ، ولأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد شاهَدَ النَّاسَ على هذا فأَقَرَّهم عليه فصارَ شَرْعًا، ولأنَّ الصَّحابةَ قد عَمِلَتْ به ولم يُخْتلَفْ فيه، فصارَ إجْماعًا). ((الحاوي الكبير)) (7/410).
  5. (5) قالَ العِمْرانيُّ: (إكْراءُ الإبِلِ والخَيْلِ والبِغالِ والحَميرِ والبَقَرِ جائِزٌ؛ لقَوْلِه تَعالى: وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ [النحل: 8] ، ولم يُفرِّقْ بَيْنَ المَمْلوكِ والمُكْترى، وقَوْلِه تَعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة: 198] . قالَ ابنُ عبَّاسٍ: «أرادَ بِذلك: ليس عليكم جُناحٌ أن تَحُجُّوا وتُكْروا جِمالَكم»، وهذا إجْماعٌ لا خِلافَ فيهـ). ((البيان)) (7/308).
  6. (6) قالَ ابنُ قُدامةَ: (أَجمَعَ أهْلُ العِلمِ على إجازةِ كِراءِ الإبِلِ إلى مَكَّةَ وغَيْرِها). ((المغني)) (5/ 379).
  7. (7) قالَ القُرْطُبيُّ: (ما مَلَكَه الإنْسانُ وجازَ له تَسْخيرُه مِن الحَيَوانِ فكِراؤُه له جائِزٌ بإجْماعِ أهْلِ العِلمِ، لا اخْتِلافَ بَيْنَهم في ذلك). ((تفسير القرطبي)) (10/74).
  8. (8) قالَ شَمْسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ: (لا خِلافَ بَيْنَ أهْلِ العِلمِ في جَوازِ كِراءِ الإبِلِ وغَيْرِها مِن الدَّوابِّ إلى مَكَّةَ وغَيْرِها). ((الشرح الكبير)) (6/93).
  9. (9) ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (5/115).