المَطلَبُ الثَّاني: التَّقابُضُ وإنِ اختلَفَ الجنسُ
الفرعُ الأوَّلُ: اشتِراطُ التَّقابُضِ وإنِ اختلَفَ الجنسُ يُشترَطُ في الصَّرْفِ التَّقابُضُ وإنِ اختلَفَ الجنسُ.
الأدلَّةُ:أوَّلًا: منَ السُّنَّةِ1- عن أبي المِنْهالِ، قال:
((سألْتُ البَراءَ بنَ عازبٍ وزَيدَ بنَ أرْقَمَ عنِ الصَّرْفِ، فقالَا: كنَّا تاجِرَينِ على عَهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فسأَلْنا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنِ الصَّرْفِ، فقال: إنْ كان يدًا بيَدٍ فلا بأْسَ، وإنْ كان نَساءً فلا يَصلُحُ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّه اشتَرَطَ التَّقابُضَ مُطلَقًا، سواءٌ اتَّحدَ الصِّنفُ أمِ اختلَفَ
2- عن عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ رَضيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ:
((الذَّهبُ بالذَّهبِ، والفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعيرُ بالشَّعيرِ، والتَّمرُ بالتَّمرِ، والمِلحُ بالمِلحِ، مِثلًا بمِثلٍ، سواءً بسَواءٍ، يدًا بيَدٍ، فإذا اختلَفَتْ هذه الأصْنافُ، فبِيعوا كيف شِئْتُم، إذا كان يدًا بيَدٍ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّه اشترَطَ التَّقابُضَ عندَ اتِّفاقِ الأصْنافِ في قولِه:
((يدًا بيَدٍ))، وإذا اختلَفَتِ الأصْنافُ في قولِه:
((إذا كان يدًا بيَدٍ ))
ثانيًا: منَ الإجْماعِنقَلَ الإجْماعَ على ذلك: ابنُ المنذِرِ
، و
ابنُ عبدِ البرِّ
، و
ابنُ رُشدٍ
، و
ابنُ قُدامةَ
،
والنَّوويُّ
، و
ابنُ تيميَّةَ
الفَرعُ الثَّاني: التَّراخي في القَبضِلا تُشترَطُ الفَوْريَّةُ في القَبضِ، فيصِحُّ القبضُ ولو طال المجلِسُ ما لم يَتفرَّقا بأبْدانِهما، وهو مَذهَبُ الجمهورِ: الحَنفيَّةِ
، والشَّافعيَّةِ
، والحَنابِلةِ
الأدلَّةُ منَ الآثارِ:1- عن مالكِ بنِ أوْسِ (أنَّه التمَسَ صَرفًا بمائةِ دينارٍ، فدَعاني
طَلْحةُ بنُ عُبيدِ اللهِ، فتَراوَضْنا حتَّى اصْطرَفَ منِّي، فأخَذَ الذَّهَبَ يُقَلِّبُها في يدِه، ثمَّ قال: حتَّى يأْتيَ خازني منَ الغابةِ، وعُمَرُ يَسمَعُ ذلك، فقال: واللهِ لا تُفارِقُه حتَّى تأخُذَ منه؛ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "الذَّهَبُ بالذَّهَبِ ربًا، إلَّا هاءَ وهاءَ، والبُرُّ بالبُرِّ ربًا، إلَّا هاءَ وهاءَ، والشَّعيرُ بالشَّعيرِ ربًا، إلَّا هاءَ وهاءَ، والتَّمرُ بالتَّمرِ ربًا إلَّا هاءَ وهاءَ")
2- عن
عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِي اللهُ عنهما: (أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ قال: لا تَبيعوا الذَّهَبَ بالذَّهَبِ، إلَّا مِثلًا بمِثلٍ، ولا تُشِفُّوا بعضَها على بعضٍ، ولا تَبيعوا الوَرِقَ بالوَرِقِ، إلَّا مِثلًا بمِثلٍ، ولا تُشِفُّوا بعضَها على بعضٍ، ولا تَبيعوا الوَرِقَ بالذَّهَبِ أحَدُهما غائبٌ، والآخَرُ ناجزٌ، وإنِ استَنظَرَكَ إلى أنْ يَلِجَ بيتَه، فلا تُنظِرْه؛ إنِّي أخافُ عليكمُ الرَّماءَ. والرَّماءُ هو
الرِّبا)
وَجهُ الدَّلالةِ:لمَّا قال عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه: (واللهِ لا تُفارِقُه حتَّى تَأخُذَ منهـ)، وقال: (وإنِ استَنظَرَكَ إلى أنْ يلِجَ بيتَه، فلا تُنظِرْهـ)، معَ اسْتِشْهادِه بقولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ:
((الذَّهَبُ بالذَّهَبِ رِبًا، إلَّا هاءَ وهاءَ ))؛ دلَّ على أنَّ المقصودَ هو التَّقابُضُ قبْلَ مُفارَقةِ المجلِسِ مُطلقًا دونَ تَحْديدِه بالفَوْريَّةِ
الفرعُ الثَّالثُ: قَبضُ الصَّرْفِ الأصْلُ في قبْضِ الصَّرْفِ أنْ يكونَ بالتَّناوُلِ باليَدِ
، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأرْبَعةِ: الحَنفيَّةِ
، والمالِكيَّةِ
، والشَّافعيَّةِ
، والحَنابِلةِ
الأدلَّةُ:أوَّلًا: منَ السُّنَّةِ1- عن أبي سَعيدٍ الخُدْريِّ رَضيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ:
((الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعيرُ بالشَّعيرِ، والتَّمرُ بالتَّمرِ، والمِلحُ بالمِلحِ، مِثلًا بمِثلٍ، يدًا بيَدٍ، فمَن زادَ أوِ اسْتَزادَ، فقد أرْبى، الآخِذُ والمُعْطي فيه سَواءٌ))
2- عن عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ رَضيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ:
((الذَّهبُ بالذَّهبِ، والفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعيرُ بالشَّعيرِ، والتَّمرُ بالتَّمرِ، والمِلحُ بالمِلحِ، مِثلًا بمِثلٍ، سَواءً بسَواءٍ، يَدًا بيَدٍ، فإذا اختلَفَتْ هذه الأصْنافُ، فبِيعوا كيف شِئْتُم، إذا كان يَدًا بيَدٍ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:قولُه:
((يدًا بيَدٍ)) بيانٌ لحدِّ التَّسليمِ والتَّسلُّمِ؛ لأنَّ اليدَ آلةُ القبضِ فيما يُمكِنُ أنْ يُقبَضَ بها
ثانيًا: لأنَّ العُملاتِ المصروفةَ ممَّا يُتناوَلُ، وقَبْضَ ما يُتناوَلُ يكونُ باليَدِ
الفرعُ الرَّابعُ: قِيامُ قَبضِ الشِّيكِ المُصدَّقِ مَقامَ قَبضِ بدَلِ الصَّرْفِ يَقومُ قبْضُ الشِّيكِ المُصدَّقِ مَقامَ قَبْضِ بَدلِ الصَّرْفِ
الفَرعُ الخامسُ: التَّصرُّفُ في ثَمنِ الصَّرْفِ قبْلَ قَبضِه
لا يَجوزُ التَّصرُّفُ في ثمَنِ الصَّرْفِ قبْلَ قَبضِه