الفرعُ الرابعُ: انتهاءُ خِيارِ المجلِسِ بالتَّفرُّقِ
المسألةُ الأُولى: انتهاءُ خِيارِ المجلِسِ بالتَّفرُّقِ بالأبدانِيَنتهي خِيارُ المجلِسِ بالتَّفرُّقِ بالأبدانِ
المسألةُ الثَّانيةُ: حدُّ التَّفرُّقِ بالأبدانِحدُّ التَّفرُّقِ بالأبدانِ هو ما اعتُبِرَ في عُرفِ الناسِ تَفرُّقًا، وهو مَذهَبُ الشَّافعيَّةِ
والحنابِلةِ
، واختارَه
الشَّوكانيُّ
و
ابنُ عُثَيمينَ
؛ وذلك لأنَّ ما ليس له حَدٌّ شَرعًا ولا لُغةً، يُرجَعُ فيه إلى العُرفِ
المسألةُ الثَّالثةُ: إذا فارقَ العاقدُ مَجلِسَ العقدِ اتِّقاءَ فسْخِ الآخَرِلا يجوزُ أنْ يُفارِقَ العاقدُ مَجلِسَ العقدِ اتِّقاءَ فسْخِ الآخَرِ، وهو مَذهَبُ الحنابِلةِ
، واختارَه
ابنُ تَيميَّةَ
، و
ابنُ القيِّمِ
، و
ابنُ عُثَيمينَ
الأدلَّةُ:أوَّلًا: مِن السُّنَّةِعن عَمروِ بن شُعيبٍ، عن أبيهِ، عن جدِّه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((البيِّعانِ بالخيارِ ما لم يَتفرَّقا، إلَّا أنْ تكونَ صَفقةَ خيارٍ، ولا يَحِلُّ له أنْ يُفارِقَ صاحبَه خَشيةَ أنْ يَسْتقيلَه ))
وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ أحدَ العاقدينِ إذا فَعَل هذا خَشيةَ الإقالةِ، يكونُ قدْ أتى بحِيلةٍ يَسقُطُ بها حقُّ صاحبِه، وهو حَرامٌ
ثانيًا: أنَّ الشَّرعَ أثبَتَ خِيارَ المجلِسِ في البَيعِ حِكمةً ومَصلحةً للمُتعاقدينِ، وليَحصُلَ تَمامُ الرِّضا الذي شرَطَه تعالَى فيه؛ فإنَّ العقدَ قدْ يقَعُ بَغتةً مِن غيرِ تَروٍّ ولا نظَرٍ في القيمةِ، فاقتَضَت مَحاسِنُ هذه الشَّريعةِ الكاملةِ أنْ يَجعَلَ للعقدِ حَريمًا يَتروَّى فيه المتبايعانِ، ويُعيدانِ النَّظرَ، ويَستدرِكُ كلُّ واحدٍ منهما عَيبًا كان خَفيًّا، فلو أنَّ أحدَ المُتعاقدينِ فارَقَ الآخَرَ، وبادَرَ إلى التَّفرُّقِ حتَّى لا يَختارَ الآخَرُ فسْخَ البيعِ؛ لَكان في ذلك تَفويتُ المصلحةِ المترتِّبةِ على الخيارِ
المسألةُ الرَّابعةُ: إذا فارَقَ المجلِسَ هاربًايَنقطِعُ خِيارُ المجلِسِ إذا فرَّ أحدُهما هاربًا، وهو مَذهَبُ الشَّافعيَّةِ
والحنابِلةِ
وذلك للآتي:أولًا: لأنَّ غيرَ الهاربِ (الشَّخصَ الموجودَ) يُمكِنُه الفسْخُ بالقولِ، فلم يَفسَخْ
، ولأنَّ الهاربَ فارَقَ المجلسَ باختيارِه
ثانيًا: لوُجودِ التَّفرُّقِ بيْنهما
الفرعُ الخامسُ: انتهاءُ خِيارِ المجلِسِ بالموتِيَبطُلُ خِيارُ المجلِسِ بمَوتِ مَن له الخيارُ، وهو مَذهَبُ الحنابِلةِ
، وقولٌ للشَّافعيَّةِ
، وهو اختيارُ
ابنِ عُثَيمينَ
وذلك للآتي:أوَّلًا: لأنَّه يَبطُلُ بالتَّفرُّقِ، والموتُ أعظَمُ الفُرقتَينِ
ثانيًا: لأنَّه حقُّ فسْخٍ لا يَجوزُ الاعتياضُ عنه، فلم يُورَثْ، كخِيارِ الرُّجوعِ في الهبةِ
الفرعُ السَّادسُ: انتهاءُ خِيارِ المجلِسِ بالجنونِ أو الإغماءِلا يَبطُلُ خِيارُ المجلِسِ بجُنونٍ أو إغماءٍ، وهو مَذهَبُ الشَّافعيَّةِ
والحنابِلةِ
؛ وذلك لأنَّ الحقوقَ لا تَبطُلُ بحُدوثِ الجُنونِ
الفرعُ السَّابعُ: انقطاعُ خِيارِ المجلِسِ بالإكراهِلا يَنقطِعُ خِيارُ المجلِسِ إذا أُكرِهَ المُتبايعانِ أو أحدُهما على التَّفرُّقِ، وهو مَذهَبُ الشَّافعيَّةِ
والحنابِلةِ
؛ وذلك لأنَّ فِعلَ المكرَهِ لا يُعتَدُّ به شَرعًا
الفرعُ الثَّامنُ: انتهاءُ خِيارِ المجلِسِ بالخرَسِلا يَبطُلُ خِيارُ المجلِسِ بالخرَسِ، فإنْ كانت له إشارةٌ مُفهِمةٌ قامتْ مَقامَ نُطقِه، وإلَّا قامَ وَلِيُّه مَقامَه، وهو مَذهَبُ الشَّافعيَّةِ
والحنابِلةِ
وذلك للآتي:أولًا: لأنَّه إنْ كانت إشارتُه مُفهِمةً فهي تدُلُّ على ما يدُلُّ عليه نُطقُه
ثانيًا: إنْ لم تُفهِمْ إشارتُه قام وَلِيُّه مَقامَه؛ لأنَّه قدْ تَعذَّرَ منه الاختيارُ مع بَقاءِ مُلكِه