الموسوعة الفقهية

 المَبحَثُ الخامسُ: بَيعُ ثَمرِ الشَّجرةِ عامينِ أو ثلاثةً أو أكثَرَ


يَحرُمُ بَيعُ ثَمرِ الشَّجرةِ عامينِ أو ثلاثةً أو أكثَرَ
الأدلَّةُ:
أوَّلًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِي اللهُ عنهما قال: ((نَهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن المحاقَلةِ، والمزابَنةِ، والمُعاوَمةِ، والمخابَرةِ -قال أحدُهما : بَيعُ السِّنينَ هي المعاوَمةُ- وعن الثُّنْيا، ورخَّصَ في العَرايا ))
2- عن جابرٍ رَضِي اللهُ عنهما قال: ((نَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن بَيعِ السِّنينَ ))، وفي روايةِ ابنِ أبي شَيْبةَ: ((عن بَيعِ الثَّمرِ سِنينَ ))
ثانيًا: مِن الإجماعِ
نقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذِرِ ، وابنُ رُشدٍ ، والنَّوويُّ
ثالثًا: لأنَّه مِن بُيوعِ الغرَرِ الذي نُهِيَ عنه، وهو بَيعُ ما لم يُخلَقْ، فلا يُدْرى أيكونُ أمْ لا؟ وإذا كان كيْف يكونُ: كَثيرًا أو قليلًا أم وسَطًا؟
رابعًا: لأنَّه قدْ تَحُولُ دونَه الآفاتُ إنْ أثمرت النَّخل، فلا يَصِلُ إلى المُشْتري شَيءٌ يَنتفِعُ به
خامسًا: لأنَّه بَيعٌ غيرُ مَقدورٍ على تَسليمهِ وغيرُ مَملوكٍ للعاقدِ

انظر أيضا:

  1. (1) المرادُ بالأصولِ: الأراضي والدُّورُ والأشجارُ يُنظر: ((تحرير ألفاظ التنبيه)) للنَّوَوي (ص: 180)
  2. (2) ويُسمَّى بَيعَ السِّنينَ أو بيعَ المعاوَمةِ يُنظر: ((معالم السنن)) للخطابي (3/97)، ((شرح صحيح مسلم)) للنَّوَوي (10/193)
  3. (3) ويُسمَّى بَيعَ السِّنينَ أو بيعَ المعاوَمةِ يُنظر: ((معالم السنن)) للخطابي (3/97)، ((شرح صحيح مسلم)) للنَّوَوي (10/193)
  4. (4) نُقِل الخلافُ عن عُمرَ وابنِ الزُّبيرِ رَضِي اللهُ عنهما في هذه المسألةِ، وقدْ أجاب ابنُ عبدِ البَرِّ عمَّا جاء عنهما، فقال: (اختَلَف السَّلفُ والخلَفُ مِن العُلماءِ في القولِ بالأحاديثِ المذكورةِ في أوَّلِ هذا البابِ، وفي استعمالِها على ظاهرِها؛ فرُوِي عن عُمرَ بنِ الخطَّابِ وعبْدِ اللهِ بنِ الزُّبيرِ أنَّهما كانا يَبيعانِ ثِمارَهما قبْلَ بُدوِّ صَلاحِها، وأنَّهما كانَا يَبيعانِ ثِمارَهما العامَ والعامينِ والأعوامَ، رواه سُفيانُ بنُ عُيَينةَ، عن عَمرِو بنِ دِينارٍ، عن محمَّدِ بنِ عليٍّ، سَمِعه يقولُ: وَلِيتُ صدَقةَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأتيْتُ محمَّودَ بنَ لَبيدٍ، فسَألْتُه فقال: قدْ كان عُمرُ بنُ الخطَّابِ وَلِي يَتيمًا، فكان يَبيعُ مالَه سِنِينَ. وسُفيانُ بنُ عُيَينةَ، عن هِشامِ بنِ عُروةَ، عن أبيهِ، عن عُمرَ بنِ الخطَّابِ: باع مالَ أُسَيْدِ بنِ حُضَيرٍ ثلاثَ سِنينَ. وسُفيانُ بنُ عُيَينةَ، عن عمرِو بنِ دِينارٍ قال: سَمِعتُ جابرَ بنَ عبدِ اللهِ قال: نَهَيتُ ابنُ الزُّبيرِ عن بَيعِ النَّخلِ مُعاوَمةً. يعني سَنتينِ وثلاثًا وأكثَرَ. وما رُوِي عن عُمرَ وابنِ الزُّبيرِ، فلا [نعلم] أحدا مِن العُلماءِ تابَعَهم على ذلك، وإذا كان نَهيُه عليه السَّلامُ عن بَيعِ الثِّمارِ حتَّى يَبدُوَ صَلاحُها يَمنَعُ مِن بَيعِها قبْل بُدوِّ صَلاحِها وبعْدَ خَلقِها، فما ظَنُّك ببَيعِ ما لم يُخلَقْ منها؟! وقد نَهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن بَيعِ السُّنبلِ، ونَهى عن بَيعِ المعاوَمةِ، وعن بَيعِ ما لم يُخلَقْ منها، وقدْ نهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن بَيعِ السِّنينَ. ويَحتمِلُ أنْ يكونَ بَيعُ عُمرَ وابنِ الزُّبيرِ للثِّمارِ سِنينَ -إنْ صحَّ ذلك عنهما- أنَّ ذلك على أنَّ كلَّ سَنةٍ منها على حِدَتِها، فيكون حينئذٍ كمَذهبِ الكوفيِّين، وسنَذكُرُه فيما بعْدُ إنْ شاء اللهُ تعالى. ويَحتمِلُ أنْ يكون ذهَبَا إلى نَهيِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن بَيعِ الثِّمارِ قبْلَ بُدوِّ صَلاحِها، كان على ما ذَكَره زيدُ بنُ ثابتٍ في حَديثِ أبي الزِّنادِ، وسنَذكُرُ ذلك بعْدُ في هذا البابِ بعَونِ الله عزَّ وجلَّ. وروى سُفيانُ بنُ عُيَينةَ، عن حُمَيدِ بنِ قَيسٍ، عن سُليمانَ بنِ عَتيقٍ، عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عن بَيعِ السِّنينَ. وروى حمَّادُ بنُ زيْدٍ، عن أيُّوبَ، عن أبي الزُّبيرِ وسَعيدِ بنِ مِيناءَ، عن جابرٍ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عن المعاوَمةِ، وقال أيُّوبُ: وقال أحدُهما: عن بَيعِ السِّنينَ)، ((الاستذكار)) (6/306).
  5. (5) أي: فسَّر أحد الرواة؛ أبو الزبير أو سعيد بن ميناء، المعاومة: ببيع السنين. وهو من كلام أيوب الذي روى عنهما.
  6. (6) أخرجه مسلم (1536).
  7. (7) أخرجه مسلم (1536).
  8. (8) قال ابنُ المنذِرِ: (أجمَعَ أهلُ العلمِ على أنَّ بَيعَ الرَّجلِ ثَمرَ [نَخلِه] سِنينَ غيرُ جائزٍ) ((الأوسط)) (10/60).
  9. (9) قال ابنُ رُشدٍ: (أمَّا القِسمُ الأوَّلُ (وهو بَيعُ الثِّمارِ قبْلَ أنْ تُخلَقَ): فجَميعُ العُلماءِ مُطبِقون على منْعِ ذلك؛ لأنَّه مِن بابِ النَّهيِ عن بَيعِ ما لم يُخلَقْ، ومِن بابِ بيعِ السِّنينَ والمعاوَمةِ) ((بداية المجتهد)) (3/168).
  10. (10) قال النَّوَويُّ: (النَّهيُ عن بَيعِ المعاوَمةِ -وهو بَيعُ السِّنينَ- فمعناه: أنْ يَبيعَ ثَمرَ الشَّجرةِ عامينِ أو ثلاثةً أو أكثَرَ، فيُسمَّى بيعَ المعاوَمةِ وبَيعَ السِّنينَ، وهو باطلٌ بالإجماعِ، نقَلَ الإجماعَ فيه ابنُ المنذِرِ وغيرُه) ((شرح صحيح مسلم)) (10/193)
  11. (11) يُنظر: ((الأوسط)) لابن المنذر (10/60).
  12. (12) يُنظر: ((الأوسط)) لابن المنذر (10/61).
  13. (13) يُنظر: ((شرح صحيح مسلم)) للنَّوَوي (10/193).
  14. (14) بُدوُّ الصَّلاحِ في الثِّمارِ: هو أنْ يَطِيبَ ويَصلُحَ للأكلِ، وبُدوُّه يَختلِفُ باختلافِ أجناسِه؛ فمِنها ما يكونُ بتَغيُّرِ طَعمِه، ومنها ما يكونُ بتغيُّرِ لَونِه كالثَّمرِ، قال العَدويُّ: ("قولُه: بأنْ يَحمَرَّ أو يَصفَرَّ" ويقومُ مَقامَ ذلك ظُهورُ الحلاوةِ في البلَحِ الخضراويِّ، وأمَّا بُدوُّه في نحْوِ العنبِ، والتِّين، والمِشمِش؛ فظهورُ الحلاوةِ، وفي المَوزِ بالتَّهيُّؤِ للنُّضجِ، وفي ذِي النَّورِ بانفتاحِه، كالورْدِ والياسمينِ، وفي البُقولِ، واللِّفتِ، والجزَرِ، والفُجلِ، والبَصلِ؛ بإطعامِها واستقلالِ وَرقِها إلى حالةٍ يَعرِفونها تَصلُحُ للقطعِ، وأمَّا البِطِّيخُ المعروفُ بالعَبْدِلَّاويِّ، والقاوونِ؛ فقِيل: بالاصفرارِ، وقيل: بالتَّهيُّؤِ له، وأمَّا الأخضرُ فبتَلوُّنِ لُبِّه بالسَّوادِ والحُمرةِ، وقصَبُ السُّكرِ فبُظهورِ حَلاوتِه، وأمَّا الجَوزُ واللَّوزُ فبأخْذِه في اليُبسِ، وأمَّا القُرْطم والبِرسيمُ فإذا بلَغَ أنْ يُرْعى دونَ فسادٍ، وأمَّا الفَقُّوسُ والخيارُ ونحوُهما فبانعقادِه)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/168) ويُنظر: ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (4/466)، ((الإقناع)) للحجاوي (2/129، 130)