الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ الأوَّلُ: حُكمُ شِراءِ الذَّهبِ والعُملاتِ في سُوقِ العُملاتِ


يَجوزُ شِراءُ العُملاتِ والذَّهبِ بالأسعارِ الحاضرةِ في سُوقِ العُملاتِ، إذا تمَّ تَقابُضُ البَدَلينِ حُكميًّا؛ بأنْ يَتسلَّمَ كُلٌّ منهما الوثائقَ المثْبِتةَ للبَيعِ والشِّراءِ، وهو ما دلَّ عليه قَرارُ مَجْمَعِ الفقهِ الإسلاميِّ التَّابعِ لمُنظَّمةِ المُؤتمرِ الإسلاميِّ جاء في قَرارات مَجْمَعِ الفِقهِ الإسلاميِّ قرار رقم (55/4/6) بشأنِ القبْضِ: (صُوَرُه -وبخاصَّةٍ المسْتجِدَّةُ منها- وأحكامُها)؛ ما يَلي: (إنَّ مجلسَ مجمعِ الفقهِ الإسلاميِّ المنعقِدَ في دورة مؤتمره السادس بجُدَّةَ في المملكة العربية السُّعودية من 17 إلى 23 شعبان 1410 هـ، الموافق 14 - 20 آذار (مارس) 1990م. بعدَ اطِّلاعِه على البحوثِ الواردةِ إلى المجمَعِ بخُصوصِ موضوعِ "القبْضُ: صُوَرُه -وبخاصَّةٍ المُستجِدَّةُ منها- وأحْكامُها". واستماعِه للمُناقَشاتِ التي دارتْ حولَه؛ قرَّرَ: أوَّلًا: قَبضُ الأمْوالِ كما يكونُ حِسِّيًّا في حالةِ الأخذِ باليدِ، أو الكيلِ أوِ الوزنِ في الطَّعامِ، أوِ النَّقلِ والتَّحويلِ إلى حَوْزةِ القابِضِ؛ يتحقَّقُ اعْتبارًا وحُكمًا بالتَّخْليةِ معَ التَّمكينِ منَ التَّصرُّفِ، ولو لم يُوجَدِ القَبضُ حِسًّا، وتختلِفُ كَيفيَّةُ قَبضِ الأشْياءِ بحسَبِ حالِها واخْتلافِ الأعْرافِ فيما يكونُ قَبضًا لها. ثانيًا: إنَّ من صوَرِ القَبضِ الحُكميِّ المُعتَبَرةِ شرعًا وعُرفًا. 1- القَيدَ المَصرِفيَّ لمبلغٍ منَ المالِ في حسابِ العَميلِ في الحالاتِ التَّالية: (أ) إذا أُودِعَ في حِسابِ العميلِ مبلغٌ منَ المالِ، مباشَرةً أو بحَوالةٍ مَصرِفيَّةٍ. (ب) إذا عقَدَ العميلُ عقْدَ صَرفٍ ناجزٍ بيْنَه وبينَ المَصرِفِ في حالةِ شِراءِ عُملةٍ بعُملةٍ أُخْرى لحسابِ العميلِ. (ج) إذا اقتطَعَ المَصرِفُ -بأمرِ العميلِ- مَبلَغًا من حِسابٍ له إلى حسابٍ آخَرَ بعُملةٍ أُخْرى، في المَصرِفِ نفْسِه أو غيرِه، لصالحِ العميلِ أو لمُستَفيدٍ آخَرَ، وعلى المصارِفِ مُراعاةُ قواعِدِ عقدِ الصَّرفِ في الشَّريعةِ الإسْلاميَّةِ. ويُغتَفَرُ تأْخيرُ القَيدِ المَصرِفيِّ بالصُّورةِ التي يَتمكَّنُ المُستَفيدُ بها مِنَ التَّسلُّمِ الفِعليِّ، للمُدَدِ المُتَعارَفِ عليها في أسْواقِ التَّعامُلِ. على أنَّه لا يَجوزُ للمُستَفيدِ أنْ يَتصرَّفَ في العُملةِ خلالَ المُدَّةِ المُغتَفَرةِ إلَّا بعدَ أنْ يحصُلَ أثَرُ القَيدِ المَصرِفيِّ بإمْكانِ التَّسلُّمِ الفِعليِّ) ((مجلة مجمع الفقه الإسلامي))، العدد السادس (1/ 772). ، واللَّجنةُ الدَّائمةُ في السُّعوديَّةِ جاء في فَتوى اللَّجنةِ الدَّائمة ما يَلي: (ما دام الحالُ أنَّ جِهازَ نِقاطِ البَيْعِ الَّذي بمُوجِبِه يُخصَمُ المبلَغُ حالًّا مِن حِسابِ المشْتري المودِعِ في المَصرِفِ المسْحوبِ منه، ويُحَوَّلُ حالًّا إلى حِسابِ البائعِ، وليْس هناك عُمولاتٌ لِقاءَ هذا التَّحويلِ؛ فإنَّ البيْعَ بهذه الصِّفةِ له حُكمُ التَّقابُضِ في المجلِسِ؛ فيَجوزُ بَيْعُ الذَّهبِ بالعُملةِ الورَقيَّةِ وتَسديدِ الثَّمنِ بواسطةِ نُقطةِ البَيعِ المذْكورةِ؛ لتَوفُّرِ الحُلولِ والتَّقابُضِ في مَجلِسِ العقْدِ) ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة)) (13/503). ، وبه أفتَتْ لَجْنةُ الإفتاءِ بالأُردنِّ جاء في فَتوى لجنةِ الإفتاءِ بالأُردنِّ ما يَلي: (القبْضُ الحُكميُّ إنَّما يَقومُ مَقامَ القبْضِ الحَقيقيِّ إنْ تَوافَرَ فيه شَرطانِ: الأوَّلُ: أنْ يَجْريَ العُرفُ التِّجاريُّ العامُّ والقوانينُ الدَّوليَّةُ بقَبولِ هذه الوسائلِ، واعتبارِها قبْضًا تامًّا، فيُراعى في هذا الصَّددِ الأعرافُ الاقتصاديَّةُ والقانونيَّةُ في عَمليَّاتِ القبْضِ ما لم تَتعارَضْ مع قَواعدِ الشَّرعِ... ومِن أمثلةِ ذلك: الإيداعُ، والقيْدُ المَصرِفيُّ، والشِّيكاتُ ذاتُ الرَّصيدِ القابلةِ للسَّحبِ... الثَّاني: ألَّا تَتعارَضَ مع قَواعدِ الشَّرعِ في قبْضِ الأموالِ الرِّبويَّةِ؛ فلا يَجوزُ أنْ يكونَ القبْضُ مُؤجَّلًا أو دَينًا، بلْ يَجِبُ أنْ يكونَ قَبْضًا ناجِزًا) ((الموقع الرسمي للجنة الإفتاء بالأردن - رقم الفتوى 3035)). ؛ وذلك لأنَّ الأمرَ بالقبْضِ ورَدَ في الشَّرعِ مُطلَقًا، وما وَرَد مُطلَقًا في الشَّرعِ وَجَب الرُّجوعُ فيه إلى العُرفِ، وقدْ جَرى العُرفُ باعتبارِ القيْدِ المَصْرِفيِّ قبْضًا صَحيحًا ((مجلة مجمع الفِقه الإسلامي)) العدد السادس (1/ 771)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامةَ (4/85). لأنَّه حصَلَ التَّقابضُ الحُكميُّ في المجلِسِ؛ وذلك بتَحويلِ الثَّمنِ في حِسابِ البائعِ، والمُثْمَنِ في حِسابِ المُشْتري. يُنظر: ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة)) (13/503).

انظر أيضا: