المَطْلَبُ الثَّالثُ: شُروطُ بَيْعِ العَرَايا
الفَرْعُ الأوَّلُ: مِن شُروطِ بَيْعِ العَرَايا أنْ تكونَ دُونَ خَمْسةِ أَوْسُقٍ يُشتَرَطُ في عدَدِ الأَوْسُقِ التي يَصِحُّ بها بَيْعُ العَرَايا أنْ تكونَ دُونَ خَمْسةِ أَوْسُقٍ، وهو مَذهَبُ الشَّافِعيَّةِ
، والحَنابِلةِ
، والظَّاهريَّةِ
، وابنِ المُنذِرِ
، و
الصَّنعانيِّ
، و
ابنِ بازٍ
، وهو قَوْلُ
ابْنِ عُثَيمينَ في أحَدِ قَولَيْه
، ونسَبَه
الصَّنعانيُّ للجُمهورِ
الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ1- عن بُشَيرِ بنِ يَسارٍ مَولى بَني حارثةَ، أنَّ رافعَ بنَ خَديجٍ وسَهلَ بنَ أبي حَثْمةَ، حدَّثاهُ
((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عن المُزابَنةِ -الثَّمرِ بالتَّمرِ-، إلَّا أصحابَ العَرَايا؛ فإنَّه قدْ أَذِنَ لهم))
2- عن أبي هُرَيرةَ رَضِي اللهُ عنه:
((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رخَّصَ في بَيْعِ العَرَايا في خَمسةِ أَوْسُقٍ، أو دُونَ خَمسةِ أَوْسُقٍ ))
وَجْه الدَّلالةِ مِن الحَديثينِ:أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عن المُزابَنةِ، وهي: بَيْعُ الرُّطَبِ بالتَّمرِ، ثمَّ أرْخَصَ في العَريَّةِ فيما دُونَ خَمسةِ أَوْسُقٍ، وشكَّ رَاوي الحديثِ في الخَمسةِ، فيَبْقى على العُمومِ في التَّحريمِ
ثانيًا: لأنَّ خَمسةَ الأَوْسُقِ في حُكمِ ما زاد عليها؛ بدَليلِ وُجوبِ الزَّكاةِ فيها دُونَ ما نَقَص عنها، ولأنَّها قدْرٌ تَجِبُ الزَّكاةُ فيه، فلم يَجْزُ بَيعُه عَرِيَّةً، كالزَّائدِ عليها
ثالِثًا: لأنَّ العَرِيَّةَ رُخْصةٌ بُنِيَت على خِلافِ النَّصِّ والقِياسِ يَقينًا فيما دُونَ الخَمسةِ، والخمسةُ مَشكوكٌ فيها، فلا تَثبُتُ إباحتُها مع الشَّكِّ
الفَرْعُ الثَّاني: اشتِراطُ أنْ تكونَ الشَّجرةُ مَوهوبةً لبائعِها في بَيْعِ العَرَايا لا يُشْتَرَطُ في بَيْعِ العَرَايا أنْ تكونَ الشَّجرةُ مَوهوبةً لبائعِها، وهو مَذهَبُ الشَّافِعيَّةِ
، والحَنابِلةِ
، وهو ما دلَّ عليه كَلامُ ابنِ المُنذِرِ
، و
ابنِ حَزمٍ
، و
ابنِ تَيمِيَّةَ
، و
ابنِ القَيِّمِ
، و
الصَّنعانيِّ
، و
الشَّوكانيِّ
، و
ابنِ بازٍ
، و
ابنِ عُثَيمينَ
الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِعن سَهلِ بنِ أبي حَثْمةَ رَضِي اللهُ عنه قال:
((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عن بَيْعِ الثَّمرِ بالتَّمرِ، ورخَّصَ في العَريَّةِ أنْ تُباعَ بخَرْصِها، يَأكُلُها أهْلُها رُطَبً ا))
وَجْهُ الدَّلالةِ:قولُه:
((ورخَّصَ في العَريَّةِ أنْ تُباعَ بخَرْصِها)) فيه التَّصريحُ بتَرخيصِ العَرِيَّةِ مُطلَقًا وبَيعِها مِن غيرِ الواهبِ
ثانيًا: لأنَّ ما جاز بَيعُه إذا كان مَوهوبًا، جاز وإنْ لم يكُنْ مَوهوبًا، كسائرِ الأموالِ، وما جاز بَيعُه لِواهبِه، جاز لغيرِه، كسائرِ الأموالِ
ثالِثًا: لأنَّ عِلَّةَ الرُّخصةِ حاجةُ المُشْتري إلى أكْلِ الرُّطَبِ، ولا ثَمَنَ معه سِوى التَّمرِ، فمتى وُجِدَ ذلك، جاز البَيْعُ
رابعًا: لأنَّ اشتراطَ كونِها مَوهوبةً مع اشتراطِ حاجةِ المُشْتري إلى أكْلِها رُطَبًا، ولا ثَمَنَ معه؛ يُفْضي إلى سُقوطِ الرُّخصةِ؛ إذ لا يَكادُ يَتَّفِقُ ذلك
الفَرْعُ الثَّالثُ: مِن شُروطِ بَيْعِ العَرَايا أنْ يكونَ بخَرْصِه مِن التَّمرِ
يُشْتَرَطُ في بَيْعِ العَرَايا أنْ يُباعَ بخَرْصِه مِن التَّمرِ، وهو مَذْهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ
، والشَّافِعيَّةِ
، والحَنابِلةِ
، واخْتارَهُ ابنُ المُنذِرِ
، و
ابنُ حَزمٍ
، و
ابنُ تَيمِيَّةَ
، و
الشَّوكانيُّ
، و
ابنُ بازٍ
، و
ابنُ عُثَيمينَ
، وحَكى
ابنُ قُدامةَ إجماعَ مَن أباح بَيْعَ العَرَايا على ذلك
الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِعن زَيدِ بنِ ثابتٍ رَضِي اللهُ عنه، قال:
((رخَّصَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ تُباعَ العَرَايا بخَرْصِها تمْرًا ))
ثانيًا: لأنَّ الشَّارعَ أقام الخَرْصَ مُقامَ الكيْلِ، ولا يُعدَلُ عنه كما لا يُعدَلُ عن الكيْلِ فيما يُشْتَرَطُ فيه الكيْلُ
ثالِثًا: لأنَّ الأصلَ اعتبارُ الكيْلِ مِن الجانبينِ، سَقَط في أحدِهما وأُقِيمَ الخرْصُ مُقامَه للحاجةِ
رابعًا: لأنَّ ترْكَ الكيْلِ مِن الطَّرَفَينِ يُكثِرُ الغَرَرَ، وفي تَرْكِه مِن أحدِهما يَقِلُّ الغَرَرُ، ولا يَلزَمُ مِن صِحَّتِه مع قِلَّةِ الغَرَرِ صِحَّتُه مع كَثرتِه
الفَرْعُ الرَّابعُ: مِن شُروطِ بَيْعِ العَرَايا أنْ يكونَ التَّقابُضُ في المجلِسِ يُشْتَرَطُ في بَيْعِ العَرَايا أنْ يكونَ التَّقابُضُ في المجلِسِ
، وهو مَذهَبُ الشَّافِعيَّةِ
، والحَنابِلةِ
، واخْتارَهُ
ابنُ حَزمٍ
، و
الصَّنعانيُّ
، و
ابنُ بازٍ
، و
ابنُ عُثَيمينَ
، وحُكي فيه عدَمُ الخِلافِ
وذلك للآتي:أوَّلًا: لأنَّ التَّمرَ جِنسٌ رِبَويٌّ بِيعَ بمِثلِه؛ فاشتُرِطَ فيه التَّقابُضُ، إلَّا ما استَثْناه الشَّرعُ ممَّا لا يُمكِنُ اعتبارُه في بَيْعِ العَرَايا
ثانيًا: لأنَّه بَيْعُ مَطعومٍ بمِثلِه
الفَرْعُ الخامِسُ: مِن شُروطِ بَيْعِ العَرَايا أنْ يكونَ البَيْعُ لمُحتاجٍيُشْتَرَطُ في بَيْعِ العَرَايا أنْ يكونَ البَيْعُ لمُحتاجٍ إلى أكْلِ الرُّطَبِ، وهو مَذهَبُ الحَنابِلةِ
، وقولُ ابنِ المُنذِرِ
، و
ابنِ بازٍ
، واختيارُ
ابنِ عُثَيمينَ
؛ وذلك لأنَّ ما أُبِيحَ للحاجةِ لم يُبَحْ مع عَدَمِها، كالزَّكاةِ للمساكينِ والتَّرخُّصِ في السَّفرِ
الفَرْعُ السَّادِسُ: مِن شُروطِ بَيْعِ العَرَايا أنْ يَأخُذَ المُشْتري العَريَّةَ رُطَبًامِن شُروطِ بَيْعِ العَرَايا أنْ يَأخُذَ المُشْتري العَريَّةَ رُطَبًا، وهو مَذهَبُ الشَّافِعيَّةِ
، والحَنابِلةِ
؛ لأنَّ الرُّخصةَ وَرَدت في بَيعِه على أُصولِه للأخْذِ شَيئًا فشَيئًا؛ لحاجةِ التَّفكُّهِ، فلا يُتعدَّى به الحاجةُ
الفَرْعُ السَّابعُ: مِن شُروطِ بَيْعِ العَرَايا ألَّا يكونَ مع المُشْتري نقْدٌ يَشْتري بهيُشْتَرَطُ في بَيْعِ العَرَايا ألَّا يكونَ مع المُشْتري نقْدٌ يَشْتري به، وهو مَذهَبُ الحَنابِلةِ
، ومُقابِلُ الأظهَرِ عندَ الشَّافِعيَّةِ
، وهو قَوْلُ ابْنِ المُنذِرِ
، واختيارُ
ابنُ عُثَيمينَ
؛ لأنَّ ما أُبِيحَ للحاجةِ لم يُبَحْ مع عَدَمِها، كالزَّكاةِ للمساكينِ والتَّرخُّصِ في السَّفرِ