الموسوعة الفقهية

المَبْحَثُ السَّادِسُ: الغِشُّ في البَيْعِ


يَحْرُمُ الغِشُّ في البَيْعِ
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَرَّ علَى صُبْرَةِ طَعامٍ، فأدْخَلَ يَدَه فيها، فَنالَتْ أصابِعُه بَلَلًا، فقالَ: ((ما هذا يا صاحِبَ الطَّعامِ؟ قال: أصابَتْه السَّماءُ يا رَسولَ اللهِ، قال: أفَلا جَعَلْتَه فَوْقَ الطَّعامِ؛ كيْ يَراه النَّاسُ، مَن غَشَّ فليسَ مِنِّ ي))
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الغِشَّ مِن كَبائِرِ الذُّنوبِ، وجهُه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَبرَّأَ مِن فاعِلِه، والبَراءةُ مِن فاعِلِه تَقتَضي أن يَكونَ كَبيرةً؛ لأنَّ مِن عَلاماتِ الكَبيرةِ أن يَتَبَرَّأ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن فاعِلِ هَذا العَمَلِ، وهو يَتَناوَلُ بعُمومِه الغِشَّ في كُلِّ شَيءٍ
2- عن عَبدِ اللهِ بنِ الحارِثِ، عن حَكيمِ بنِ حِزامٍ، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((البَيِّعانِ بالخِيارِ ما لم يَتَفَرَّقا، فإنْ صَدَقا وبَيَّنَا بُورِكَ لهُما في بَيعِهما، وإن كَذَبا وكَتَما مُحِقَ بَرَكةُ بَيعِهما ))
وَجْهُ الدَّلالةِ:
في هَذا الحَديثِ دَلالةٌ على تَحريمِ التَّدليسِ والغِشِّ؛ لأنَّهُ مَبنيٌّ على الكَذِبِ، والكَذِبُ باطِلٌ، وما بُنِي على الباطِلِ فهو باطِلٌ
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجْماعَ على ذلك: ابنُ العَرَبيِّ ، والفاكهانيُّ ، والنفراويُّ ، والصَّنعانيُّ ، والشَّوكانيُّ

انظر أيضا:

  1. (1) ومِنه التَّدليسُ والكَذِبُ في أوصافِها وغَيرِ ذلك.
  2. (2) أخرجه مسلم (102).
  3. (3) ((فتح ذي الجلال والإكرام)) لابن عثيمين (3/ 605)
  4. (4) أخرجه مسلم (1532).
  5. (5) ينظر: ((بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار)) للسعدي (ص: 99)، ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (6/162).
  6. (6) قال ابنُ العَرَبيِّ: (الغِشُّ حَرامٌ بِإجماعِ الأمَّةِ؛ لِأنَّه نَقيضُ النُّصحِ) ((عارضة الأحوذي)) (6/55).
  7. (7) قال الفاكهانيُّ: (لا أعلَمُ خِلافًا في تَحريمِ الغِشِّ والخَديعةِ) ((كفاية الطالب الرباني مع حاشية العدوي)) (6/55).
  8. (8) قال النَّفراويُّ: (الغِشُّ حُرْمَتُه مُجْمَعٌ عليها؛ لِقَولِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «مَن غَشَّنا فلَيسَ مِنَّا») ((الفواكه الدواني)) (2/285).
  9. (9) قال الصَّنعانيُّ -في حَديثِ أبي هَريرةَ في قِصَّةِ صاحِبِ الطَّعامِ-: (والحَديثُ دَليلٌ على تَحريمِ الغِشِّ، وهوَ مُجْمَعٌ على تَحريمِه شَرعًا) ((سبل السلام)) (2/39).
  10. (10) قال الشَّوكانيُّ -في حَديثٍ أبي هُرَيرةَ في قِصَّةِ صاحِبِ الطَّعامِ-: (وهوَ يَدُلُّ على تَحريمِ الغِشِّ، وهوَ مُجْمَعٌ على ذلك) ((نيل الأوطار)) (5/251).