الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ الثَّاني: بيعُ الحَيَوانِ واستِثناءُ الحَملِ


اختَلَفَ العُلَماءُ في حُكمِ بَيعِ الحَيَوانِ واستِثناءِ الحَملِ على قَولَينِ:
القَولُ الأوَّلُ: لا يَصِحُّ بَيْعُ الحَيوانِ واستثناءُ الحَمْلِ ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ ، والمالِكيَّةِ ، والأصَحُّ عِندَ الشَّافِعيَّةِ ، والحَنابِلةِ
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن جابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ قال: ((نَهى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عنِ المُحاقَلةِ والمُزابَنةِ والمُعاوَمةِ والمُخابَرةِ -قال أحَدُهُما: بيعُ السِّنينَ هيَ المُعاوَمةُ-، وعنِ الثُّنْيا، ورَخَّصَ في العَرايَا ))
وجهُ الدَّلالةِ مِنَ الحَديثِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عنِ الثُّنْيا، وهيَ: أن يَبيعَ شَيئًا، ويَستَثنيَ بَعضَه، فنَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن ذلك، ولِأنَّ الحَملَ مَجهولُ الصِّفةِ، ولا تُعلَمُ حَياتُه، وقد يُولَدُ وقد لا يُولَدُ، وقد يَخرُجُ ذَكَرًا وقد يَخرُجُ أُنثى، وقد يَخرُجُ واحِدًا، وقد يَخرُجُ تَوأَمًا
ثانيًا: لأنَّ ما لا يَصِحُّ إفرادُه بالعَقْدِ لا يَصِحُّ استِثناؤُه مِنه، والحَملُ لا يَجوزُ إفرادُه بالبَيعِ، فكَذا استِثناؤُه
القَولُ الثَّاني: يَصِحُّ بَيْعُ الحَيوانِ واستِثناءُ الحَمْلِ، وهو وَجْهٌ عِندَ الشَّافِعيَّةِ ، وروايةٌ عن أحمَدَ ، واختاره ابنُ حَزمٍ ، وابنُ عُثَيمين
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
عُمومُ قَولِه تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ [البقرة: 275]
ثانيًا: لأنَّ الحَمْلَ يُزايَلُ مِنَ الحَيَوانِ بغَيرِ مُثلةٍ ولا تَعذيبٍ، والحَملُ مالٌ للبائِعِ، والمالُ لبائِعِه يَبيعُ مِنهُ ما شاءَ ويُمسِكُ ما شاءَ

انظر أيضا:

  1. (1) البَيعُ فاسِدٌ في مُعتَمَدِ المَذاهبِ الأربَعةِ، غَيرَ ما ذَكَرَه بعضُ المالكيَّةِ مِن بُطلانِ الِاستِثناءِ مَعَ صِحَّةِ البَيعِ.
  2. (2) ((تبيين الحقائق)) للزَّيلعي (4/58)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (6/92).
  3. (3) وعند بَعضِ المالِكيَّةِ أنَّ الاستثناءَ باطِلٌ، والبَيعَ صَحيحٌ. ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (4/376) ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/245)، ((المعونة على مذهب عالم المدينة)) (1012).
  4. (4) ((فتح العزيز)) للرَّافعي (8/206)، ((المجموع)) للنووي (9/324).
  5. (5) ((الإنصاف)) للمراداوي (4/222)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/172).
  6. (6) أخرجه من طُرُقٍ: البخاري (2381)، ومسلم (1536) واللَّفظُ له.
  7. (7) ينظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (5/315).
  8. (8) ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (4/58).
  9. (9) ((فتح العزيز)) للرَّافعي (8/206)، ((المجموع)) للنووي (9/324).
  10. (10) ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/371)، ((الإنصاف)) للمرداوي (4/222).
  11. (11) قال ابنُ حَزْمٍ: (أجَزْنا بَيْعَ الحامِلِ دونَ حَملِها) ((المحلى)) (7/300).
  12. (12) قال ابنُ عُثَيمين: (أنَّ بَيْعَ الحامِلِ مَعَ استِثناءِ حَملِها على المَذهَبِ لا يَصِحُّ، وبِناءً على ما رَجَّحْناه مِن أنَّ الإنسانَ إذا باعَ حامِلًا واستَثنَى الحَملِ فالبَيعُ صَحيحٌ، فإنَّه يَصِحُّ هُنا) ((الشرح الممتع)) ((8/179).
  13. (13) ((المحلى)) لابن حزم (7/300).
  14. (14) كأن يَقولَ: بِعْتُكَ هَذا القَطيعَ مِنَ الغَنَمِ إلَّا هذه الشَّاةَ، ويُعَيِّنُها مَثَلًا