الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الخامِسُ: القُدرةُ على تَسليمِ المَبيعِ


يُشتَرَطُ في صِحَّةِ البَيعِ القُدرةُ على تَسليمِ المَبيعِ مِن جِهةِ البائِعِ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ ، والمالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، والحَنابِلةِ ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
1- قَولُ اللهِ تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ [المائدة: 90]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ بَيعَ ما لا يُقدَرُ على تَسليمِه: مِنَ الْمَيسِرِ ؛ لأنَّ المُشتَريَ مُخاطِرٌ قد يَحصُلُ عليه وقد لا يَحصُلُ، فيَبقى المُشتَري إمَّا غانِمًا وإمَّا غارِمًا؛ إن قَدَر عليه فهو غانِمٌ، وإنْ فاتَهُ فهو غارِمٌ، وهَذِه هيَ قاعِدةُ الْمَيسِرِ
2- قَولُه تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء: 29]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ ما يُعجَزُ عن تَسليمِه لا يَرضى به الإنسانُ غالِبًا، ولا يُقْدِمُ عليه إلَّا رَجُلٌ مَخاطِرٌ قد يَحصُلُ لهُ ذلك، وقد لا يَحصُلُ لهُ
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((نَهى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن بَيعِ الحَصاةِ، وعن بَيعِ الغَرَرِ ))
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه نَهى عنِ الغَرَرِ، وفي عَدَمِ القُدرةِ على التَّسليمِ غَرَرٌ فاحِشٌ؛ فإنَّ المَعجوزَ عن تَسليمِه لا بُدَّ أن تَنقُصَ قيمَتُه، وحينَئِذٍ إن تَمَكَّنَ المُشتَري مِن تَسَلُّمِه صارَ غانِمًا، وإن لم يَتَمَكَّنْ صار غارِمًا، وهَذا هو الضَّرَرُ، فيَكونُ مَنهيًّا عنه
ثالِثًا: ليكونَ الحُصولُ على العِوَضِ (المَبِيعِ) موثوقًا به
رابعًا: لأنَّ الانتفاعَ به يتوقَّفُ على تسليمِه

انظر أيضا:

  1. (1) ((العناية)) للبابرتي (6/247)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (5/279).
  2. (2) ((مختصر خليل)) (ص 144)، ((التاج والإكليل)) للموَّاق (4/268).
  3. (3) ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (4/241) وينظر: ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (2/402).
  4. (4) ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/361)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/162).
  5. (5) قال النفراوي: (أمَّا السَّمَكُ في الماءِ، أو الطَّيرُ في الهواءِ، فممتَنِعٌ إجماعًا) ((الفواكه الدواني)) (2/ 80).
  6. (6) المَيْسِرُ هو القِمارُ. ينظر: ((غريب الحديث)) للقاسم بن سلام (3/468)، ((الصحاح)) للجوهري (2/857).
  7. (7) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (8/142).
  8. (8) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (8/143).
  9. (9) أخرجه مسلم (1513).
  10. (10) ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (2/402)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (8/143).
  11. (11) ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (2/402).
  12. (12) ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (4/241).
  13. (13) السَّفهُ هو: تَبذيرُ المالِ وعَدَمُ حُسنِ التَّصَرُّفِ فيه، وإتلافُه على خِلافِ مُقتَضَى العَقلِ والشَّرعِ ينظر: ((العناية)) للبابرتي (9/259)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير)) (3/292)