الموسوعة الفقهية

المبحث الثاني: المستحاضة المعتادة المميِّزة


المُستحاضة المُعتادةُ المميِّزة تعمَلُ بالعادةِ لا بالتَّمييزِ؛ وهو مذهَبُ الحنفيَّة ، والحنابلة ، ووجهٌ عند الشَّافعيَّة ، واستظهَرَه ابن تيميَّة ، واختاره ابنُ عُثيمين
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ فاطمةَ بنتَ أبي حُبيشٍ سألت النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالت: إنِّي أُستحاضُ فلا أطهُرُ، أَفأدَعُ الصَّلاةَ؟ فقال: لا، إنَّ ذلكِ عِرقٌ، ولكن دَعي الصَّلاةَ قدْرَ الأيَّامِ التي كنت تَحيضينَ فيها، ثم اغتسلِي وصلِّي ))
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها زوجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّها قالت: ((إنَّ أمَّ حبيبةَ بنتَ جحش- التي كانت تحتَ عبد الرَّحمن بن عوف- شكَتْ إلى رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الدَّمَ، فقال لها: امكُثي قدْرَ ما كانت تحبسُكِ حيضتُك، ثمَّ اغتَسلي ))
وجه الدَّلالة من الأحاديث:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ردَّها إلى عادتِها، ولم يستفصِلْ، مع احتمالِ وجودِ التَّمييز، فعُلِمَ أنَّ مَن كانت لها عادةٌ، فإنَّها تَرجِعُ إلى عادتِها مطلقًا، سواء ميَّزت الدَّم أو لم تميِّزه
ثانيًا: أنَّ العادةَ أقوى العلاماتِ؛ لأنَّ الأصلَ مقامُ الحيضِ دونَ غَيرِه
ثالثًا: أنَّه أيسَرُ وأضبَطُ للمرأة؛ لأنَّ هذا الدَّمَ الأسودَ، أو المُنتِنَ، أو الغليظَ، ربَّما يضطرِبُ، ويتغيَّر أو ينتقِلُ إلى آخِرِ الشَّهرِ، أو أوَّله، أو يتقطَّعُ بحيث يكون يومًا أسودَ، ويومًا أحمَرَ

انظر أيضا:

  1. (1) المميِّزة: هي مَن اتَّصلَ بها الدَّم، وبعضُه أسودُ ثخينٌ مُنتِن الرَّائحة، وبعضُه أحمرُ رقيقٌ غيرُ مُنتنٍ، فتميِّز مِن دَمِها ما كان أسودَ ثخينًا نتنًا، فيكون حيضًا، وما كان منه أحمَرَ رقيقًا، فهو استحاضةٌ. ينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/391)، و((البيان في مذهب الإمام الشافعي)) للعمراني (1/357).
  2. (2) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/41)، ((فتح القدير)) للكمال بن الهمام (1/177).
  3. (3) ((الفروع)) لابن مفلح (1/378)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/208).
  4. (4) ((روضة الطالبين)) للنووي (1/150)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/404).
  5. (5) قال ابن تيميَّة: (هو ظاهِرُ الحديثِ). ((مجموع الفتاوى)) (21/629).
  6. (6) قال ابن عثيمين: (الرَّاجح أنَّها ترجِعُ للعادة). ((الشرح الممتع)) (1/492)، وينظر: ((رسالة في الدماء الطبيعية للنساء)) (ص: 40).
  7. (7) رواه البخاري (325) واللفظ له، ومسلم (333).
  8. (8) رواه مسلم (334).
  9. (9) ((رسالة في الدماء الطبيعية للنساء)) (ص: 41).
  10. (10) ((مجموع الفتاوى)) (21/630).
  11. (11) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/492).