الموسوعة الفقهية

المَطلبُ الثالثُ: الشُّفْعةُ للوقْفِ


اختَلَفَ العُلماءُ في إثباتِ الشُّفعةِ للوَقفِ؛ على قولَينِ:
القولُ الأوَّلُ: لا شُفعةَ للوقْفِ؛ لا لناظِرِه، ولا للمَوقوفِ عليه، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحنَفيَّةِ ، والمالكيَّةِ ، والشَّافعيَّةِ ، والحنابلة -على الصحيح- ؛ وذلك لأنَّ الملْكَ في الوقفِ قاصرٌ وغيرُ تامٍّ؛ فالمَوقوفُ عليه لا يَستطيعُ أنْ يَبيعَ الوقفَ أو يَرهَنَه، فمِلْكُه إذنْ غيرُ تامٍّ، والشُّفعةُ لا تَثبُتُ إلَّا في الملْكِ التامِّ
القولُ الثاني: تَثبُتُ الشُّفعةُ في الوقفِ، وهو قولٌ للشَّافعيَّةِ ، ووجْهٌ للحنابلةِ ، وهو اختيارُ السعديِّ ، وابنِ عُثيمينَ ؛ لعُمومِ أدلةِ الشُّفعةِ، ولِما يَلحَقُه مِن الضَّررِ، بلْ تَضَرُّرُ الشَّريكِ في الوقفِ أشدُّ مِن تَضرُّرِ صاحبِ المِلكِ الطِّلقِ

انظر أيضا:

  1. (1) الشُّفعةُ هي حقُّ الشَّريكِ في شِراءِ نَصيبِ شَريكِه في كلِّ ما هو قابلٌ للقِسمةِ، ويُقصَدُ به هنا إذا كان الوقفُ جزءًا مِن عَينٍ مُشتركةٍ مع آخَرَ، وأراد الشريكُ الآخَرُ بَيْعَ نصيبِه غيرِ الموقوفِ؛ فهل للناظرِ أو الموقوفِ عليه استِحقاقُ نَصيبِ الشَّريكِ مِن يَدِ مُشتريه؟
  2. (2) الشُّفعةُ هي حقُّ الشَّريكِ في شِراءِ نَصيبِ شَريكِه في كلِّ ما هو قابلٌ للقِسمةِ، ويُقصَدُ به هنا إذا كان الوقفُ جزءًا مِن عَينٍ مُشتركةٍ مع آخَرَ، وأراد الشريكُ الآخَرُ بَيْعَ نصيبِه غيرِ الموقوفِ؛ فهل للناظرِ أو الموقوفِ عليه استِحقاقُ نَصيبِ الشَّريكِ مِن يَدِ مُشتريه؟
  3. (3) ((البحر الرائق)) لابن نُجَيم (8/156)، ((الفتاوى الهندية)) (5/161).
  4. (4) ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (7/369)، ((مِنَح الجليل)) لعُلَيش (7/191).
  5. (5) ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/58)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (5/198).
  6. (6) ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مُفلِح (5/147)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (6/207).
  7. (7) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (10/259). ويُنظر: ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مُفلِح (5/147).
  8. (8) ((التهذيب في فقه الإمام الشافعي)) للبَغَوي (4/371).
  9. (9) ((الإنصاف)) للمَرْداوي (6/207).
  10. (10) قال عبدُ الرحمنِ السعديُّ: (فلو باع الشَّريكُ الذي مِلْكُه طِلْقٌ، فلَشريكِه الذي نَصيبُه وقْفٌ الشُّفعةُ؛ لعُمومِ الحديثِ المذكورِ ووُجودِ المعنى، بل صاحبُ الوقفِ إذا لم يَثبُتْ له شُفعةٌ يكونُ أعظَمَ ضَررًا مِن صاحبِ الطِّلقِ [صاحب النَّصيبِ غيرِ الموقوفِ] ليَتمكَّنَ المالكُ مِن البيعِ، بخلافِ مُستحِقِّ الوقفِ؛ فإنَّه يُضطَرُّ إلى بَقاءِ الشركةِ. وأمَّا استدلالُ الأصحابِ بقولِهم: إنَّ مِلكَه ناقصٌ، فالحديثُ لم يُفرِّقْ بيْن الذي مِلكُه ناقصٌ أو كاملٌ، ومَنْعُنا إيَّاه مِن البَيعِ؛ لتَعلُّقِ حُقوقِ مَن بعدَه به، فالصوابُ إثباتُ الشُّفعةِ إذا باع الشَّريكُ؛ سواءٌ كان شريكُه صاحبَ مِلكٍ طِلْقٍ، أو مُستحقًّا للوقفِ). ((الفتاوى السعدية)) (ص: 438).
  11. (11) قال ابنُ عُثيمين: (قوله: «ولا شُفعةَ بشَركةِ وقْفٍ»، يعني: لو كان الشَّريكُ نَصيبُه مَوقوفٌ، وباع شريكُه؛ فإنَّ الموقوفَ عليه لا يأخُذُ بالشُّفعةِ. مثالُ ذلك: أرضٌ بيْن اثنينِ، وهي على أحدِهما وقْفٌ، وعلى الثَّاني طِلْقٌ وليست وَقفًا، فباع صاحبُ النَّصيبِ الطِّلقِ؛ فهل لشَريكهِ الموقوفِ عليه أنْ يَشفَعَ؟ يقولُ المؤلِّفُ: لا؛ لأنَّ الملْكَ في الوقفِ قاصرٌ وغيرُ تامٍّ؛ لأنَّ الموقوفَ عليه لا يَستطيعُ أنْ يَبيعَ الوقْفَ أو يَرهَنَه، فمِلكُه إذَنْ غيرُ تامٍّ، وإذا كان غيرَ تامٍّ، فكيف نُسلِّطُه على أخْذِ مالِ المشتري؟! ولكنَّ القولَ الراجحَ في هذه المسألةِ أنَّ له الشُّفعةَ، أي: للشريكِ الذي نَصيبُه الوقفُ أنْ يأخُذَ بالشُّفعةِ). ((الشرح الممتع)) (10/259).
  12. (12) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (10/259).
  13. (13) يُقصَدُ بذلك نزْعُ الإمامِ أو الوالي الوقْفَ مِن المجالِ الذي أرادَه الواقفُ إلى مَجالٍ آخَرَ تكونُ مَنفعتُه عامَّةً؛ كإقامةِ المساجدِ، والطُّرقاتِ، والمستشفياتِ، وغيرِها مِن المصالحِ العامةِ، ويُعطى الواقفُ ثمَنَ الوقفِ المنزوعِ والمقصودُ هنا المصلحةُ العامَّةُ الحقيقيَّةُ، التي يَترتَّبُ على ترْكِها ضرَرٌ على المسلمينَ، وإلَّا فكمْ مِن أوقافٍ للمسلمينَ اندَرَسَت وفُرِّط فيها بحُجَّةِ المصلحةِ العامَّةِ!