الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الأولُ: وقْفُ المُشاعِ


يصِحُّ وقْفُ المُشاعِ، وهو مَذهبُ الجُمهورِ: المالكيَّةِ ، والشافعيَّةِ ، والحنابلةِ ، وهو قولُ أبي يوسفَ مِن الحنفيَّةِ
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِن السُّنة
عن كعبِ بنِ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه، قال: ((قلْتُ: يا رسولَ الله، إنَّ مِن تَوْبَتي أنْ أنخلِعَ مِن مالي صَدَقةً إلى اللهِ، وإلى رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: أمسِكْ عليك بعضَ مالِكَ؛ فهو خيرٌ لك. قلْتُ: فإنِّي أُمسِكُ سَهمي الذي بخَيبرَ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَه بإخراجِ بعضِ مالِه وإمساكِ بعضِ مالِه، مِن غيرِ تَفصيلٍ بيْنَ أنْ يكونَ مقسومًا أو مُشاعًا
عن أنسٍ رضِيَ اللهُ عنه، قال: ((أمَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ببِناء المسجدِ، فقال: يا بني النَّجَّارِ، ثامِنوني بحائطِكم هذا، قالوا: لا واللهِ لا نَطلُبُ ثَمنَه إلَّا إلى اللهِ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يُنكِرْ عليهم قولَهم في التبرُّعِ بالأرضِ ووقْفِها للهِ، مع أنَّ نصيبَ كلِّ واحدٍ منهم مُشاعٌ غيرُ مُحدَّدٍ
عنِ ابنِ عمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((قال عُمَرُ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ المئةَ سهمٍ التي لي بخَيبرَ لم أُصِبْ مالًا قطُّ أعجَبَ إلَيَّ منها، قد أردتُ أنْ أتصدَّقَ بها، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: احبِسْ أصْلَها، وسبِّلْ ثَمرتَها ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
في قولِه: ((إنَّ المئةَ سهْمٍ التي لي بخَيبرَ)) دليلٌ على صِحَّةِ وقْفِ المُشاعِ؛ لأنَّ عمَرَ وَقَفَها ولم تكُنْ مَقسومةً
ثانيًا: لأنَّه عقْدٌ يجوزُ على بعضِ الجُملةِ مُفرزًا؛ فجاز عليه مُشاعًا، كالبيعِ
ثالثًا: لأنَّ الوقْفَ إسقاطُ الملْكِ، كالإعتاقِ، والشُّيوعُ لا يَمنَعُ العتاقَ، فلا يَمنَعُ الوقْفَ أيضًا

انظر أيضا:

  1. (1) المالُ المشاعُ هو: المالُ المختلِطُ بيْن شريكَينِ، ووقْفُ المشاعِ: أن يَقِفَ أحدُ الشَّريكَينِ نصيبَه مِن هذا المالِ
  2. (2) المالُ المشاعُ هو: المالُ المختلِطُ بيْن شريكَينِ، ووقْفُ المشاعِ: أن يَقِفَ أحدُ الشَّريكَينِ نصيبَه مِن هذا المالِ
  3. (3) عندَ المالكيَّةِ: يصِحُّ إذا قَبِل القِسمةَ، أمَّا إذا لم يَقبَلِ القِسمةَ فإنَّه يصِحُّ عندَ ابنِ حبيبٍ وابنِ الماجِشُونِ. ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (7/627)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/264).
  4. (4) ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/377)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (5/362).
  5. (5) ((المبدِع)) لبرهان الدِّين ابن مُفلِح (5/237)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (7/8).
  6. (6) يصِحُّ مطلقًا عندَ أبي يوسفَ. وعندَ محمَّدِ بنِ الحسَنِ: يصِحُّ فيما لا يَحتمِلُ القِسمةَ. ((البناية)) للعيني (7/432، 433)، ((البحر الرائق)) لابن نُجَيْم (5/218، 219).
  7. (7) أخرجه البخاري (2757) واللفظ له، ومسلم (2769) مطوَّلًا.
  8. (8) ((فتح الباري)) لابن حجر (5/386).
  9. (9) أخرجه البخاري (2771) واللفظ له، ومسلم (524) مطوَّلًا.
  10. (10) ((فتح الباري)) لابن حجر (5/399).
  11. (11) أخرجه النسائي (3603)، وابن ماجه (2397). وثَّق رجالَ إسنادِه الشوكانيُّ في ((نيل الأوطار)) (6/132)، وصحَّح الحديثَ الألبانيُّ في ((صحيح سنن ابن ماجهـ)) (2397).
  12. (12) ((نيل الأوطار)) للشوكاني (6/32). ويُنظر: ((نهاية المحتاج)) للرملي (5/362).
  13. (13) ((المبدِع)) لبرهان الدِّين ابن مُفلِح (5/237).
  14. (14) ((البناية)) للعيني (7/432).