الموسوعة الفقهية

المسألةُ الأُولى: الوقْفُ على جميعِ وَرثتِه على قدْرِ مِيراثِهم في المرَضِ المَخُوفِ


يصِحُّ الوقْفُ على جميعِ الورَثةِ في المرَضِ المَخُوفِ في حدودِ الثُّلثِ، أو ما يَزيدُ عليه بقدْرِ أنصبَتِهم إذا أقرَّ الورَثةُ الزِّيادةَ على الثُّلثِ، وهو مَذهبُ الجُمهورِ:الحنفيَّةِ [288] ((البحر الرائق)) لابن نُجَيْم (5/210)، ((حاشية ابن عابدين)) (4/396). ، والشافعيَّةِ [289]  ((روضة الطالبين)) للنووي (6/110)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/43)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (3/102). ، والحنابلةِ [290]  ((كشاف القِناع)) للبُهُوتي (4/312، 323)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (2/437). ، وبعضِ المالكيَّةِ [291]  استثَنى المالكيَّةُ من عدَمِ صحَّةِ الوقفِ على الورثةِ –في المعتمَدِ- حالةَ أولادِ الأعيانِ، والمعنى : أنَّ الشخصَ إذا وقَف في مرَض موتِه على وَرثتِه -بأنْ قال: هو وقفٌ على أولادي وأولادِ أولادي وذُرِّيَّتِهم وعَقِبِهم دونَ غيِرهم مِن الورثةِ –فإنَّه يصِحُّ حينَئذٍ ولا يَبطُلُ ما ناب أولادَ الأعيانِ؛ لتَعلُّقِ حقِّ الغيرِ بالوقفِ، وهم العَقِبُ؛ لأنَّ أولادَ الأعيانِ إذا ماتوا رجَع الوقفُ لأولادِهم، فإذا صحَّ الوقفُ على هذا الوجهِ كان ما بأيدي أولادِ الأعيانِ وقْفًا لا ملْكًا، ويأخُذُ الذكَرُ مِثلَ حظِّ الأُنثيَينِ. ((منح الجليل)) لعُلَيْش (8/128). ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (6/310)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (7/86).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِن السُّنة
عن عِمرانَ بنِ حُصَينٍ رضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رجُلًا أعتَقَ سِتَّةَ مَمْلوكينَ له عندَ مَوتِه، لم يكُنْ له مالٌ غَيْرَهم، فدَعا بهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فجزَّأَهم أثلاثًا، ثمَّ أقرَعَ بينهم، فأعتَقَ اثنَينِ وأَرَقَّ أربعةً، وقال له قولًا شديدًا )) [292]أخرجه مسلم (1668).
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يُنفِّذِ العتقَ في أكثَرَ مِن الثُّلثِ، فغَيْرُه أَوْلى [293] ((المغني)) لابن قُدامة (6/192).
ثانيًا: لأنَّ هذه الحالَ الظاهرُ منها الموتُ، فكانتْ عطيَّةً فيها في حقِّ وَرثتِه لا تَتجاوَزُ الثُّلثَ، كالوصيَّةِ [294] ((المغني)) لابن قُدامة (6/192).
ثالثًا: لأنَّ الوقْفَ على الورَثةِ يَلزَمُ بمُجرَّدِ اللفظِ قهْرًا عليهم؛ إذ المقصودُ مِن الوقْفِ جرَيانُ الثَّوابِ على الواقفِ، فلا يَملِكُ الوارثُ أنْ يَرُدَّه؛ لأنَّه لا ضرَرَ عليه [295] ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (3/102).
رابعًا: لأنَّه يَملِكُ إخراجَ الثُّلثِ عن الوارثِ بالكُلِّيةِ، فوقْفُه على الوارثِ أَولى [296] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/251).

انظر أيضا: