الموسوعة الفقهية

المسألةُ الأُولى: الوقْفُ على جميعِ وَرثتِه على قدْرِ مِيراثِهم في المرَضِ المَخُوفِ


يصِحُّ الوقْفُ على جميعِ الورَثةِ في المرَضِ المَخُوفِ في حدودِ الثُّلثِ، أو ما يَزيدُ عليه بقدْرِ أنصبَتِهم إذا أقرَّ الورَثةُ الزِّيادةَ على الثُّلثِ، وهو مَذهبُ الجُمهورِ:الحنفيَّةِ ، والشافعيَّةِ ، والحنابلةِ ، وبعضِ المالكيَّةِ
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِن السُّنة
عن عِمرانَ بنِ حُصَينٍ رضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رجُلًا أعتَقَ سِتَّةَ مَمْلوكينَ له عندَ مَوتِه، لم يكُنْ له مالٌ غَيْرَهم، فدَعا بهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فجزَّأَهم أثلاثًا، ثمَّ أقرَعَ بينهم، فأعتَقَ اثنَينِ وأَرَقَّ أربعةً، وقال له قولًا شديدًا ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يُنفِّذِ العتقَ في أكثَرَ مِن الثُّلثِ، فغَيْرُه أَوْلى
ثانيًا: لأنَّ هذه الحالَ الظاهرُ منها الموتُ، فكانتْ عطيَّةً فيها في حقِّ وَرثتِه لا تَتجاوَزُ الثُّلثَ، كالوصيَّةِ
ثالثًا: لأنَّ الوقْفَ على الورَثةِ يَلزَمُ بمُجرَّدِ اللفظِ قهْرًا عليهم؛ إذ المقصودُ مِن الوقْفِ جرَيانُ الثَّوابِ على الواقفِ، فلا يَملِكُ الوارثُ أنْ يَرُدَّه؛ لأنَّه لا ضرَرَ عليه
رابعًا: لأنَّه يَملِكُ إخراجَ الثُّلثِ عن الوارثِ بالكُلِّيةِ، فوقْفُه على الوارثِ أَولى

انظر أيضا:

  1. (1) وهو الذي يُخافُ فيه الموتُ؛ لكثرةِ مَن يموتُ به وما يَندُرُ وُجودُ الموتِ منه لا عِبرةَ به، والمرجِعُ في معرفةِ كَونِه مَخوفًا أمْ لا هم الأطباءُ وأهلُ الخبرةِ بذلك يُنظر: ((الأم)) للشافعي (4/112)، ((المغني)) لابن قُدامة (6/202)، ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيميَّة (5/440)
  2. (2) ((البحر الرائق)) لابن نُجَيْم (5/210)، ((حاشية ابن عابدين)) (4/396).
  3. (3)   ((روضة الطالبين)) للنووي (6/110)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/43)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (3/102).
  4. (4)   ((كشاف القِناع)) للبُهُوتي (4/312، 323)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (2/437).
  5. (5)   استثَنى المالكيَّةُ من عدَمِ صحَّةِ الوقفِ على الورثةِ –في المعتمَدِ- حالةَ أولادِ الأعيانِ، والمعنى : أنَّ الشخصَ إذا وقَف في مرَض موتِه على وَرثتِه -بأنْ قال: هو وقفٌ على أولادي وأولادِ أولادي وذُرِّيَّتِهم وعَقِبِهم دونَ غيِرهم مِن الورثةِ –فإنَّه يصِحُّ حينَئذٍ ولا يَبطُلُ ما ناب أولادَ الأعيانِ؛ لتَعلُّقِ حقِّ الغيرِ بالوقفِ، وهم العَقِبُ؛ لأنَّ أولادَ الأعيانِ إذا ماتوا رجَع الوقفُ لأولادِهم، فإذا صحَّ الوقفُ على هذا الوجهِ كان ما بأيدي أولادِ الأعيانِ وقْفًا لا ملْكًا، ويأخُذُ الذكَرُ مِثلَ حظِّ الأُنثيَينِ. ((منح الجليل)) لعُلَيْش (8/128). ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (6/310)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (7/86).
  6. (6) أخرجه مسلم (1668).
  7. (7) ((المغني)) لابن قُدامة (6/192).
  8. (8) ((المغني)) لابن قُدامة (6/192).
  9. (9) ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (3/102).
  10. (10) ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/251).