الموسوعة الفقهية

الفرعُ الثاني: اشتِراطُ القَبولِ في الوقْفِ على مُعيَّنٍ


اختَلَف العُلماءُ في اشتراطِ القَبولِ في الوقْفِ على مُعيَّنٍ؛ على قولَينِ:
القولُ الأوَّلُ: لا يُشترَطُ القَبولُ مِن الموقوفِ عليهم إذا كانوا مُعيَّنينَ ، وهو مَذهبُ الحنابلةِ ، وهو وجه للشافعيَّةِ اختاره النَّوويُّ في ((الرَّوضةِ)) ، وهو قولُ ابنِ القيِّمِ
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه إزالةُ مَلْكٍ يَمنَعُ البَيعَ والهِبةَ والميراثَ؛ فلم يُعتبَرُ فيه القَبولُ، كالعِتقِ، وبهذا فارَقَ الهِبةَ والوصيَّةَ
ثانيًا: لأنَّ رَقَبةَ الوقْفِ يَنتقِلُ ملْكُها إلى اللهِ تَعالى؛ فلا تَفتقِرُ إلى قَبولِ أحدٍ
ثالثًا: لأنَّه أحدُ نَوعَيِ الوقْفِ؛ فلم يُشترَطُ له القَبولُ، كالوقْفِ على غيرِ مُعيَّنٍ
القولُ الثَّاني: يُشترَطُ القَبولُ، وهو مَذهبُ الجُمهورِ: الحنفيَّةِ ، والمالكيَّةِ ، والأصحُّ عندَ الشافعيَّةِ ، ووجْهٌ للحَنابلةِ ، وقوَّاه ابنُ عُثيمين
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه تَبرُّعٌ لآدَميٍّ مُعيَّنٍ، فكان مِن شرْطِه القَبولُ، كالهِبةِ والوصيَّةِ
ثانيًا: لأنَّه لا يُمكِنُ إلزامُ مُعيَّنٍ على قَبولِ شَيءٍ يَدخُلُ في مِلْكِه دونَ رِضاه

انظر أيضا:

  1. (1) كشخصٍ معيَّنٍ، أو جماعةٍ محصورةٍ.
  2. (2) ((كشاف القِناع)) للبُهُوتي (4/252).
  3. (3) ((روضة الطالبين)) للنووي (10/144)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/251).
  4. (4) قال ابنُ القيِّمِ: (لا يُشترطُ فيه القَبولُ إذا كان على جهةٍ اتِّفاقًا، وكذلك إذا كان على آدَميٍّ معيَّنٍ، في أقوى الوجهينِ؛ وما ذاك إلَّا لشَبَهِه بالعِتقِ). ((إغاثة اللهفان)) (2/17).
  5. (5) ((المغني)) لابن قُدامة (6/5).
  6. (6) ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيميَّة (6/99).
  7. (7) ((المغني)) لابن قُدامة (6/5).
  8. (8) ((حاشية ابن عابدين)) (4/342). ويُنظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازَةَ (6/230)، ((الإسعاف في أحكام الأوقاف)) لإبراهيم الطرابلسي (ص: 17).
  9. (9) ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (7/632)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (8/113).
  10. (10) ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/251)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/383).
  11. (11) ((المغني)) لابن قُدامة (6/5).
  12. (12) قال ابن عُثيمين: (قوله: «لا قَبولُه» نصٌّ على نَفيِ كَونِ القَبولِ شرطًا؛ لأنَّ مِنَ العلماءِ مَنقال: إنَّ الوقفَ على مُعيَّنٍ يُشترطُ قَبولُ المعيَّنِ له، وهذا القولُ جيِّدٌ؛ لأنَّنا كيف نُلزِمُ الشَّخصَ أن يُدخِلَ ملكَه هذا الشَّيءَ بدُونِ رِضاهُ؟! فإذا قال: أنا لا أقبَلُ، كما لا أقبَلُ أن تُهدِيَ لي هديةً، أو تَهَبَ لي هبةً، لا أقبَلُ أن تُوقِفَ علَيَّ شيئًا، فالقولُ بأنَّه لا بُدَّ مِن قَبولِ المعيَّنِ إذا وُقِف عليه الوقفُ قَولٌ قويٌّ، أقوى مِنَ القَولِ بعدَمِ اشتِراطهِ). ((الشرح الممتع)) (11/31، 32).
  13. (13) ((المغني)) لابن قُدامة (6/5).
  14. (14) ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (11/31، 32).