الموسوعة الفقهية

الفرعُ الأولُ: اشتراطُ القَبولِ في الوقْفِ على غَيرِ مُعَيَّنٍ


لا يُشترَطُ لصِحَّةِ الوقْفِ القَبولُ إذا كان لغَيرِ مُعيَّنٍ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِن السُّنة
عن أنسٍ رضِيَ اللهُ عنه، أنَّ أبا طَلحةَ قال: ((يا رسولَ اللهِ، إنَّ اللهَ تَبارَك وتَعالى يقولُ: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ[آل عمران: 92] ، وإنَّ أحَبَّ أموالي إلَيَّ بِيرُحاءَ، وإنَّها صَدَقةٌ للهِ أرْجو بِرَّها وذُخْرَها عندَ اللهِ، فضَعْها يا رسولَ اللهِ حيث أراكَ اللهُ. قال: فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: بَخْ، ذلك مالٌ رابحٌ، ذلك مالٌ رابحٌ، وقدْ سمِعْتُ ما قلْتَ، وإنِّي أرى أنْ تَجعَلَها في الأقربينَ. فقال أبو طَلحةَ: أفعَلُ يا رسولَ اللهِ. فقَسَمَها أبو طلحةَ في أقاربِه، وبَني عمِّه ))
وفي روايةٍ: ((لمَّا نزَلَت هذه الآيةُ: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ، قال أبو طَلحةَ: أرى ربَّنا يَسأَلُنا مِن أموالِنا، فأُشهِدُك يا رسولَ اللهِ أنِّي قد جعَلْتُ أرضي بَرِيحا للهِ. قال: فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اجعَلْها في قَرابتِك. قال: فجعَلَها في حسَّانَ بنِ ثابتٍ، وأُبَيِّ بنِ كعْبٍ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أجاز وقْفَ أبي طَلحةَ دونَ تَوقُّفٍ على قَبولِ مَن وُقِفَ عليهم
ثانيًا: مِن الإجماعِ
نقَلَ الإجْماع على ذلك: ابنُ القيِّمِ ، والزَّرْكَشيُّ
ثالثًا: لأنَّ رقَبةَ الوقْفِ يَنتقِلُ ملْكُها إلى اللهِ تَعالى؛ فلا تَفتقِرُ إلى قَبولِ أحدٍ

انظر أيضا:

  1. (1) أخرجه البخاري (1461) واللفظُ له، ومسلم (998).
  2. (2) أخرجه مسلم (998- 43).
  3. (3) ((نيل الأوطار)) للشوكاني (6/36).
  4. (4) قال ابنُ القيِّمِ -في حديثِه عن الوقفِ-: (لا يَفتقرُ إلى قَبولٍ إذا كان على غَيرِ مُعيَّنٍ اتِّفاقًا). ((إعلام الموقعين)) (3/289). وقال: (والقياسُ الصَّحيحُ يَقتَضي صِحَّةِ تعليقِه؛ فإنَّه أشبَهُ بالعِتقِ منه بالتَّمليكِ؛ ولهذا لا يُشترَطُ فيه القَبولُ إذا كان على جهةٍ اتِّفاقًا). ((إغاثة اللهفان)) لابن القيِّم (2/17).
  5. (5) قال الزَّرْكَشي مفسِّرًا كلام الخِرَقي: («ظاهِرُ كلامِه»... أنَّه لا يَفتقِرُ إلى القَبولِ مِنَ المَوقوفِ عليه، ولا خِلافَ في ذلك إنْ كان على غيرِ مُعيَّنٍ، كالمساكينِ، أو على مَن لا يُتصوَّرُ القَبولُ منه، كالمساجدِ، أمَّا ما كان على آدَميٍّ مُعَيَّنٍ ففي اشتراطِ القَبولِ وَجهانِ). ((شرح الزَّرْكَشي على مختصر الخِرَقي)) (4/273).
  6. (6) ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيميَّة (6/99).