الموسوعة الفقهية

المَبحثُ الأوَّلُ: الإسلامُ


يَنعقِدُ النَّذرُ مِنَ الكافرِ، ويَلزَمُه الوفاءُ به إذا أسلَمَ، وهذا مذهَبُ الحنابِلةِ ، ووجْهٌ للشافعيَّةِ ، وهو قولُ البُخاريِّ، وابنِ جَريرٍ ، واختارَه ابنُ حَزمٍ ، والشَّوْكانيُّ ، والصَّنْعانيُّ ، والشِّنقيطيُّ ، وابنُ باز ، وابنُ عُثيمينَ
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ:
عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ عُمرَ قال: يا رسولَ اللهِ، إنِّي نذَرتُ في الجاهليَّةِ أنْ أعتكِفَ لَيلةً في المسجِدِ الحرامِ، قال: أَوْفِ بنَذْرِكَ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
قولُه: ((أَوْفِ بنَذْرِكَ)) ظاهِرُه أنَّ الكافرَ إذا نذَرَ وجَبَ الوفاءُ به، وفي هذا دليلٌ على صِحَّةِ النَّذرِ حالَ الكُفرِ

انظر أيضا:

  1. (1)    ((الإنصاف)) للمَرْداوي (11/89).
  2. (2)    ((المجموع)) للنووي (8/449)، ((فتح الباري)) لابن حجر (4/274).
  3. (3)    ((إكمال المُعْلِم بفوائد مسلم)) للقاضي عياض (5/424)، ((المبدع شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مُفلح (9/285)، ((سبل السلام)) للصَّنعاني (2/564).
  4. (4)    قال ابنُ حزمٍ: (مَن نذَرَ في حالةِ كُفرِه طاعةً للهِ عزَّ وجلَّ، ثم أسلَمَ؛ لَزِمَه الوفاءُ بهـ). ((المحلى)) (6/274).
  5. (5) قال الشَّوكانيُّ: (يَجِبُ الوفاءُ بالنَّذرِ مِنَ الكافرِ متى أسلَمَ). ((نيل الأوطار)) (8/287). وقال أيضًا: (إذا نذَرَ بقُربةٍ في حالِ كُفرِه ثم أسلَمَ، فقد قام الدليلُ الصحيحُ أنَّه يَفي بنذْرِهـ).((السيل الجرار)) (ص: 697).
  6. (6) قال الصَّنعانيُّ: (يجبُ على الكافرِ الوفاءُ بما نذَرَ به إذا أسلَمَ، وإليه ذهَبَ البُخاريُّ وابنُ جَريرٍ وجماعةٌ من الشافعيَّةِ). ((سبل السلام)) (2/564).
  7. (7) قال الشِّنقيطيُّ: (اشتراطَ الإسلامِ في النَّذرِ فيه نظَرٌ؛ لأنَّ ما نذَرَه الكافرُ مِن فِعلِ الطاعاتِ قد يَنعقِدُ نذْرُه له، بدليلِ أنَّه يَفعَلُه إذا أسلَمَ بعْدَ ذلك، ولو كان لَغْوًا غيرَ مُنعقِدٍ لَما كان له أثرٌ بعدَ الإسلامِ). ((أضواء البيان)) (5/248).
  8. (8) قال ابنُ باز في حديثِ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنه في قولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم له: «أَوْفِ بنَذْرِكَ»: (هذا يدُلُّ على أنَّ الكافرَ إذا أَسلَمَ وعِندَه نُذورٌ شَرعيَّةٌ يُوفي بها؛ فإنَّ الإسلامَ لا يَزيدُه إلَّا خَيرًا، وأَسلَمَ على ما أَسلَفَ مِن خَيرٍ، فإذا كان عِندَه نُذُورٌ: صَدَقاتٌ، أو اعتِكافٌ، أو حَجٌّ يوفِ بنَذْرِه؛ يقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أَوْفِ بنَذْرِكَ») ((الإفهام في شرح عمدة الأحكام)) (ص: 731).
  9. (9) قال ابنُ عُثيمينَ: (قولُه: «ولو كافرًا» «لو» هذه إشارةُ خلافٍ، يعني: ولو كان الناذِرُ كافرًا فإنَّ نذْرَه يَنعقِدُ، فإنْ وفَّى به في حالِ كُفرِه بَرِئت ذِمَّتُه، وإنْ لم يَفِ به لَزِمَه أنْ يوفِّيَ به بعْدَ إسلامِه؛ لأنَّ عُمرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه سأل النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: إنِّي نذَرتُ أنْ أعتكِفَ لَيلةً في المسجِدِ الحرامِ في الجاهليَّةِ، فقال له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «أَوْفِ بنَذْرِكَ»، والأمرُ هنا للوجوبِ، وإيجابُ الوفاءِ عليه لنَذرِه فرعٌ عن صحَّتِه؛ لأنَّه لو كان غيرَ صحيحٍ ما وجَبَ الوفاءُ به. وقوله: «ولو كافرًا» إشارةُ خلافٍ، ولكنَّ الصحيحَ ما ذهَبَ إليه المؤلِّفُ رحمه اللهُ). ((الشرح الممتع)) (15/209).
  10. (10) أخرجه البخاري (6697)، ومسلم (1656).
  11. (11) ((شرح صحيح البخارى)) لابن بطَّال (6/157)، ((تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة)) للبَيْضاوي (1/513)، ((عمدة القاري)) للعَيْني (23/209).