الموسوعة الفقهية

المَبحثُ الأوَّلُ: المِقدارُ المُجزِئُ في الكِسوةِ


اختلف العُلَماءُ في المقدارِ المُجزئِ في الكِسوةِ في كفَّارةِ اليَمينِ؛ على ثلاثةِ أقوالٍ:
القَولُ الأوَّلُ: يُجزِئُ مِن الكِسوةِ في كفَّارةِ اليَمينِ ما تَصِحُّ به الصَّلاةُ، وهذا مَذهَبُ المالِكيَّةِ ، والحَنابِلةِ ، وبه قال ابنُ باز ، وبه أفتت اللَّجنةُ الدَّائِمةُ
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ ما دُونَ ذلك لا يُجزِئُ لابِسَه في الصَّلاةِ، ويُسمَّى عُريانًا
ثانيًا: أنَّ اللِّباسَ شَرعًا هو ما لُبِسَ لِسَترِ العَورةِ، وسَترُها يَحصُلُ بما يُلبَسُ للصَّلاةِ
القَولُ الثَّاني: يُجزِئُ مِن الكِسوةِ في كفَّارةِ اليَمينِ ما يُطلَقُ عليه لَفظُ الاكتِساءِ، كقَميصٍ، أو إزارٍ، أو رِداءٍ، أو سِروالٍ، أو عِمامةٍ، وهذا مَذهَبُ الشافعيَّةِ ، والظاهريَّةِ ، وهو قَولُ سُفيانَ الثَّوريِّ، والأوزاعيِّ ، وهو اختيارُ ابنِ عُثَيمين
الدَّليلُ مِنَ الكتابِ:
قولُه تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ [المائدة: 89]
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللهَ تعالى أطلَقَ الأمرَ بالكِسوةِ، وما تعارفَ النَّاسُ على لُبسِه يَقَعُ عليه اسمُ الكِسوةِ
القَولُ الثَّالِثُ: يُجزِئُ مِن الكِسوةِ في كفَّارةِ اليَمينِ ما يَثبُتُ به اسمُ المُكتَسي، وينتفي عنه اسمُ العُريانِ، وهذا مَذهَبُ الحَنفيَّةِ ؛ وذلك لأنَّ المقصودَ جَعلُ الفَقيرِ مُكتَسِيًا، فهو حاصِلٌ بما يَدفَعُ عنه اسمَ العُريانِ

انظر أيضا:

  1. (1) ((التاج والإكليل)) للموَّاق (3/273)، ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (2/132).
  2. (2) ((الإقناع)) للحَجَّاوي (4/337)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6/242).
  3. (3) قال ابنُ باز: (وفي الكِسوةِ: ما يُجزِئُه في الصَّلاةِ؛ كالقَميصِ، أو إزارٍ ورِداءٍ). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (4/145).
  4. (4) جاء في فتاوى اللَّجنةِ الدَّائِمةِ: (أمَّا الكِسوةُ فيُعطى كلُّ مِسكينٍ كِسوةً تُجزِئُه في الصَّلاةِ؛ كقَميصٍ لكُلِّ واحدٍ، أو إزارٍ ورداءٍ، إذا كانوا يعتادونَ لُبسَ الأُزُرِ والأرْدِيَةِ). ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (23/5).
  5. (5) ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6/242).
  6. (6) ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (3/112).
  7. (7) ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 327)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/327).
  8. (8) قال ابنُ حزم: (وأمَّا الكِسوةُ فما وقع عليه اسمُ كِسوةٍ: قَميصٌ، أو سراويلُ، أو مِقنَعٌ، أو قَلَنْسُوةٌ، أو رِداءٌ، أو عِمامةٌ، أو بُرنُس، أو غيرُ ذلك؛ لأنَّ الله تعالى عَمَّ ولم يخُصَّ... وهو قَولُ... أبي سُلَيمانَ). ((المحلى)) (6/343، 344).
  9. (9) قال ابنُ حزم: (وهو قَولُ سُفيانَ الثَّوريِّ، والأوزاعيِّ). ((المحلى)) (6/344).
  10. (10) قال ابنُ عُثَيمين: (وأمَّا الكِسوةُ فظاهِرةٌ: تَكسو كلَّ واحدٍ منهم ما جَرَت العادةُ به؛ مِن ثَوبٍ، وسَراويلَ، وغُترةٍ، ونحوِها؛ لأنَّ الله تعالى أطلقَ الكِسوةَ، فيُرجَعُ في ذلك إلى العُرفِ). ((فتاوى نور على الدرب)) (10/400).
  11. (11) ((نهاية المحتاج)) للرَّمْلي (8/183)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (6/214، 215).
  12. (12) ((البحر الرائق)) لابن نُجَيْم (4/314)، ((حاشية ابن عابدين)) (3/726).
  13. (13) ((البحر الرائق)) لابن نُجَيْم (4/314).