الموسوعة الفقهية

الفَصلُ الرَّابِعُ: التَّسويةُ في الهِبةِ بينَ الأقارِبِ


لا تجِبُ التَّسويةُ في الهبةِ والعَطيَّةِ بينَ الأقارِبِ، نَصَّ عليه الشَّافِعيَّةُ ، وبَعضُ الحَنابِلةِ ، وهو الظَّاهِرُ مِن مَذهَبِ الحَنَفيَّةِ ، والمالِكيَّةِ
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ رَضِيَ الله عنهما قال: ((سألتْ أمِّي أبِي بعضَ المَوهِبةِ لي مِن مالِه، ثمَّ بدا له فوَهَبَها لي، فقالت: لا أرضى حتَّى تُشْهِدَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأخَذَ بيدِي وأنا غُلامٌ، فأتى بي النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: إنَّ أمَّهُ بنتَ رواحَةَ سألَتْني بعضَ المَوهِبةِ لهذا، قال: ألكَ ولَدٌ سِوَاهُ؟ قال: نعم، قال: فأُراهُ قال: لا تُشهِدْني شَهادةَ جَورٍ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد عَلِمَ لبَشيرٍ زَوجةً، ولم يأمُرْه بإعطائِها شَيئًا حين أمَرَه بالتَّسويةِ بينَ أولادِه، ولم يسأَلْه: هل لك وارِثٌ غيرُ وَلَدِك ؟
ثانيًا: لأنَّ الأصلَ إباحةُ تصَرُّفِ الإنسانِ في مالِه كيف شاء، وإنَّما وجَبَت التَّسويةُ بينَ الأولادِ بالخَبَرِ، وليس غيرُهم في مَعناهم؛ لأنَّهم استَوَوا في وجوبِ بِرِّ والِدِهم، فاستَوَوا في عَطيَّتِه، ولم يوجَدْ هذا في غَيرِهم
ثالثًا: لأنَّ الأولادَ لشِدَّةِ محبَّةِ الوالِدِ لهم، وصَرْفِ مالِه إليهم: عادةً يتنافَسونَ في ذلك، ويشتَدُّ عليهم تَفضيلُ بَعضِهم، ولا يُباريهم في ذلك غَيرُهم، فلا يَصِحُّ قياسُه عليهم

انظر أيضا:

  1. (1)    هذه المسائِلُ مِن أبوابِ الوَقفِ والهِبةِ والعَطية والوَصايا: هي التي تتعَلَّقُ بفِقهِ الأُسرةِ دون باقي مَسائِلِها وتُنظرُ تفاصيلُها في مواضِعِها من الموسوعةِ الفِقهيَّةِ - إعداد القِسم العلمي بمؤسَّسةِ الدُّرَرِ السَّنِيَّةِ
  2. (2)    الهِبةُ: هي تمليكٌ في الحياةِ بغيرِ عِوَضٍ يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (6/116)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (8/3)، ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 171)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/299) قال ابن قدامة: (الهِبةُ والصَّدقةُ والهَديَّةُ والعَطيَّةُ: معانيها مُتقارِبةٌ، وكلُّها تمليكٌ في الحياةِ بغيرِ عِوَضٍ، واسمُ العَطيَّةِ شامِلٌ لجميعِها، وكذلك الهِبةُ) ((المغني)) (6/41)
  3. (3)    ((تحفة المحتاج للهيتمي مع حاشية الشرواني)) (6/308، 309)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (5/416).
  4. (4)    ((المغني)) لابن قدامة (6/54)، ((الإنصاف)) للمرداوي (7/104).
  5. (5)    الحَنَفيَّةُ يَرَونَ جوازَ تفضيلِ بعضِ الأبناءِ إذا كان التَّفضيلُ لزيادةٍ في الدِّينِ، ويُكرَهُ إن كانوا سواءً، فإذا لم يُوجِبوه في الأبناءِ فمِن بابِ الأَولى في الأقاربِ. ((البحر الرائق)) لابن نجيم (7/288)، ((حاشية ابن عابدين)) (4/444).
  6. (6)    المالِكيَّةُ يَرَونَ الكراهةَ في التَّفضيلِ بين الأبناءِ، فإذا لم يوجِبوا العَدلَ في الأبناءِ فمِن بابِ الأَولى في الأقاربِ. ((الكافي)) لابن عبد البر (2/1017)، ((كفاية الطالب الرباني مع حاشية العدوي)) (2/262). ويُنظر: ((الثمر الداني)) للآبي الأزهري (ص: 555).
  7. (7)    أخرجه البخاري (2650).
  8. (8)    ((المغني)) لابن قدامة (6/54).
  9. (9)    ((المغني)) لابن قدامة (6/54).
  10. (10)    ((المغني)) لابن قدامة (6/54).