الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّالِثُ: حُكمُ النَّفَقةِ على الزَّوجةِ بعد العَقدِ وقَبلَ البِناءِ


لا تجِبُ النَّفَقةُ للزَّوجةِ بمُجَرَّدِ العَقدِ، حتى يَدخُلَ الزَّوجُ بها، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، والحَنابِلةِ
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تزوَّجَها وهي بنتُ سَبعِ سِنينَ، وزُفَّت إليه وهي بِنتُ تِسعِ سِنينَ، ولُعَبُها معها، ومات عنها وهي بِنتُ ثمانِ عَشْرةَ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تزوَّج عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها ودخَلَ بها بعد سَنَتينِ، فما أنفَقَ عليها حتى دخَلَت عليه، ولو أنفَقَ عليها لَنُقِلَ، ولو كان حَقًّا لها لساقَه إليها، ولَمَا استَحَلَّ أن يُقيمَ على الامتِناعِ مِن حَقٍّ وَجَب لها
ثانيًا: لأنَّ النَّفَقةَ في مُقابَلةِ التَّمكينِ المُستَحَقِّ بعَقدِ النِّكاحِ، ولم يُوجَدْ
ثالثًا: لأنَّ العَقدَ يُوجِبُ المَهْرَ فقط، ولا يُوجِبُ عِوَضَينِ مُختَلِفَينِ
رابِعًا: لأنَّ النَّفَقةَ مَجهولةٌ، والعَقدُ لا يُوجِبُ مالًا مَجهولًا

انظر أيضا:

  1. (1)      الأصلُ في النَّفَقةِ على الزَّوجةِ تَلبيةُ حاجتِها بالمعروفِ فيما تحتاجُ إليه من أدواتِ التَّنظيفِ، والأثاثِ، وأدواتِ الزِّينةِ، وغَيرِها، وحاجةُ الزَّوجةِ تختَلِفُ مِن عَصرٍ لآخَرَ، ومِن بِيئةٍ لأخرى، ومِن رَجُلٍ لآخَرَ قال ابنُ عادل في بيانِ أنَّ نَفَقةَ الزَّوجةِ غَيرُ مُقَدَّرةٍ، وأنَّ المرجِعَ فيها هو العُرفُ: (الكفايةَ بالمعروفِ تتنَوَّعُ بحالِ الزَّوجةِ في حاجتِها، وبتنَوُّعِ الزَّمانِ والمكانِ، وبتنَوُّعِ حالِ الزَّوج في يَسارِه وإعسارِه؛ فليست كِسوةُ القصيرةِ الضَّئيلةِ ككِسوةِ الطَّويلةِ الجَسيمةِ، ولا كِسوةُ الشِّتاءِ ككِسوةِ الصَّيفِ، ولا كفايةُ طَعامِ الشِّتاءِ مِثلَ طَعامِ الصَّيفِ، ولا طعامُ البلادِ الحارَّةِ كالباردةِ، ولا المعروفُ في بلادِ التَّمرِ والشَّعيرِ كالمعروفِ في بلادِ الفاكِهةِ والخُبزِ) ((اللباب في علوم الكتاب)) (19/175) وقال القَنُّوجي: (هذا -أي: العُرفُ- يختلِفُ باختلافِ الأزمِنةِ والأمكِنةِ، والأحوالِ والأشخاصِ؛ فنَفَقةُ زمنِ الخِصبِ المعروفُ فيها غيرُ المعروفِ في زمنِ الجَدبِ، ونَفَقةُ أهلِ البوادي المعروفُ فيها ما هو الغالِبُ عندهم، وهو غيرُ المعروفِ مِن نَفَقةِ أهلِ المدُنِ، وكذلك المعروفُ من نَفَقةِ الأغنياءِ على اختلافِ طبقاتِهم غيرُ المعروفِ مِن نَفَقةِ الفُقراءِ، والمعروفُ مِن نَفَقةِ أهلِ الرِّياساتِ والشَّرَفِ غيرُ المعروفِ مِن نَفَقةِ أهلِ الوَضاعاتِ؛ فليس المعروفُ المشارُ إليه في الحديثِ هو شيءٌ متَّحِدٌ، بل مختلِفٌ باختلافِ الاعتبارِ) ((الروضة الندية)) (2/76) وقال السعدي في قول الله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا [الطَّلاق: 7]، (فأمر الله تعالى بالإنفاق على الزَّوجات على قدر طاقة الزَّوج ويساره) ((تفسير السعدي)) (ص: 872) وقال ابنُ عثيمين: (الحقوقُ المُطْلَقةُ الموكولةُ إلى العُرفِ: هذه تَختَلِفُ باختِلافِ الأعرافِ) ((فتاوى نور على الدرب)) (10/279)
  2. (2)      ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/542)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/508).
  3. (3)      ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 264)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/435).
  4. (4)      ((الفروع)) لابن مفلح (9/299)، ((الإنصاف)) للمرداوي (9/277)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/233).
  5. (5)      أخرجه مسلم (1422).
  6. (6)      ((الحاوي الكبير)) للماوردي (11/988).
  7. (7)      ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/233).
  8. (8)      ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/435).
  9. (9)      ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/435).