الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّاني: الطَّلاقُ بعِوَضٍ


إذا طَلَّق الرَّجُلُ امرأتَه بعِوَضٍ، فهو طلاقٌ بائِنٌ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [2002]   ((مختصر القدوري)) (ص: 163)، ((الفتاوى الهندية)) (1/495). ، والمالِكيَّةِ [2003]   ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/388). ، والشَّافِعيَّةِ [2004]   ((روضة الطالبين)) للنووي (8/214)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (3/317). ، والحَنابِلةِ [2005]   ((الإقناع)) للحجاوي (3/259)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/224). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [2006]   قال البغوي: (اتَّفق أهلُ العِلمِ على أنَّه إذا طلَّقَها على مالٍ فقَبِلَت، فهو طلاقٌ بائِنٌ). ((شرح السنة)) (9/196). وقال ابنُ رشد: (أمَّا الطَّلاقُ البائِنُ: فإنَّهم اتَّفَقوا على أنَّ البينونةَ إنما توجَدُ للطَّلاقِ مِن قِبَلِ عَدَمِ الدُّخولِ، ومِن قِبَلِ عَدَدِ التَّطليقاتِ، ومِن قِبَلِ العِوَضِ في الخُلعِ). ((بداية المجتهد)) (3/83). وخالف ابنُ حزمٍ فقال: (لها أن تفتديَ بجَميعِ ما تملِكُ، وهو طلاقٌ رجعيٌّ، إلَّا أن يُطَلِّقَها ثلاثًا، أو آخِرَ ثلاثٍ، أو تكونَ غيرَ مَوطوءةٍ، فإن راجَعَها في العِدَّةِ جاز ذلك أحَبَّت أم كَرِهَت، ويَرُدُّ ما أخذ منها إليها). ((المحلى)) (9/511). وقال ابنُ قدامة: (حُكِيَ عن الزُّهري وسعيد بن المسيب أنهما قالا: الزَّوجُ بالخيارِ بين إمساكِ العِوَضِ ولا رجعةَ له، وبين رَدِّه وله الرَّجعةُ. وقال أبو ثور: إن كان الخُلعُ بلَفظِ الطَّلاقِ فله الرَّجعةُ؛ لأنَّ الرَّجعةَ مِن حُقوقِ الطَّلاقِ، فلا تَسقُطُ بالعِوَضِ، كالوَلاءِ مع العِتقِ). ((المغني)) (7/331).
الدَّليلُ مِنَ الكِتابِ:
قال تعالى: الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ [البقرة: 229]
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللهَ سُبحانَه وتعالى ذكَرَ الطَّلاقَ بغَيرِ عِوَضٍ وشَرَع معه الرَّجعةَ، ثمَّ ذكَرَ الطَّلاقَ بعِوَضٍ ولم يذكُرْ بَعدَه رَجعةً، وأيضًا جَعَله فِديةً، والفِديةُ خَلاصُ النَّفسِ، ولا خَلاصَ مع سَلطَنةِ الرَّجعةِ [2007]   ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (3/317).

انظر أيضا: