الموسوعة الفقهية

المَبحثُ السَّابِعُ: النِّثارُ في الأعراسِ


يجوزُ النِّثارُ والتِقاطُه بلا كَراهةٍ ، وهذا مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ في الأصَحِّ ، وروايةٌ عن أحمدَ، وهو قَولُ طائفةٍ مِن السَّلَفِ ، واختاره ابنُ المنذِرِ ، وحُكِيَ الإجماعُ وعَدَمُ الخِلافِ على إباحتِه
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عبدِ اللهِ بنِ قُرطٍ قال: ((وقُرِّبَ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم خمسُ بَدَناتٍ أو سِتٌّ يَنحَرُهنَّ، فطَفِقنَ يَزدَلِفْنَ إليه: أيَّتُهُنَّ يَبدأُ بها! فلمَّا وجبَت جُنوبُها قال كَلِمةً خَفيَّةً لم أفهَمْها، فسألتُ بعضَ مَن يَليني: ما قال؟ قالوا: قال: من شاء اقتطَعَ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
الحديثُ فيه إباحةُ أخذِ ما يُنثَرُ ممَّا أباحه رَبُّ الشَّيءِ
ثانيًا: لأنَّه نَوعُ إباحةٍ لِمالِه، فأشبَهَ إباحةَ الطَّعامِ للضِّيفانِ
ثالثًا: لأنَّ الحالَ دَليلٌ على الإذنِ، كمَن وضع الماءَ على بابِه، يُباحُ الشُّربُ منه لِمن مَرَّ به
رابعًا: أنَّ النِّثارَ ليس بنُهْبةٍ، فإنَّما النُّهْبةُ ما انتَهَبه بغيرِ طِيبِ أنفُسِ أهلِه

انظر أيضا:

  1. (1)    ممَّا يُؤسَف له أن تبدأَ الحياةُ الزوجيَّة بأمور مُنكَرة ومحرَّمة شرعًا، خاصَّةً في الأوساط النِّسائية؛ من استخدام المعازِف والمُوسيقا الصاخِبة، والرَّقْص المثير، والعُري في اللِّباس، والسَّهر المؤدِّي لضَياع الواجبات، والواجبُ في حفلات الزواج أنْ تكون خاليةً من هذه المُنكَرات ومُقتصرةً على المباح؛ لكي يباركَ اللهُ للعروسينِ ويَجمعَ بينهما في خيرٍ، وتكونَ بدايةَ حياةٍ سعيدة طيِّبة
  2. (2)    ولا ينبغي أن يكونَ هناك تدافُعٌ قد يؤذي فيه القويُّ الضَّعيفَ، ولا يَصِلُ إلى حدِّ التَّباهي والتَّبذيرِ.
  3. (3)    ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (4/438)، ((الدر المختار للحصكفي وحاشية ابن عابدين)) (4/285).
  4. (4)    نصَّ الشافعيَّةُ على أنَّ الأَولى تَركُه. ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 223)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/437).
  5. (5)    قال ابنُ قُدامةَ: (رُوِيَ عن أحمدَ روايةٌ ثانية: ليس بمكروهٍ، اختارها أبو بكرٍ، وهو قول الحسن، وقتادة، والنخَعي، وأبي حنيفة، وأبي عُبيد، وابن المنذر). ((المغني)) (7/288).
  6. (6)    قال ابن المنذر: (كلُّ ما وصل إليه المرءُ ممَّا يُنثَرُ ويباحُ في الأملاكِ وغيرِه مِمَّا أباحه ربُّ الشَّيءِ: يباحُ؛ استدلالًا بحديثِ عبد الله بن قُرطٍ). ((الأوسط)) (8/257).
  7. (7)    قال الماوردي: (أمَّا نَثْرُ السُّكَّر واللوز في العُرسِ أو غير ذلك مِن طِيبٍ أو دراهِمَ: فمُباحٌ إجماعًا؛ اعتبارًا بالعُرفِ الجاري فيه؛ لِما رُوِيَ أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم حين زوَّج عليًّا بفاطمةَ رَضِيَ الله عنها نَثَر عليهما، لكِنِ اختلف الفُقَهاءُ في استحبابِه وكراهيتِه). ((الحاوي الكبير)) (9/565). وقال ابنُ قدامة: (وفي الجُملةِ فالخِلافُ إنَّما هو في كراهيةِ ذلك، وأمَّا إباحتُه فلا خلافَ فيها ولا في الالتِقاطِ). ((المغني))  (7/288).
  8. (8)    أخرجه أبو داود (1765)، وأحمد (19075) واللَّفظُ له. صحَّح إسنادَه الحاكِمُ في ((المستدرك)) (4/246)، وحَسَّن إسنادَه البيهقي في ((السنن الكبرى)) (7/288)، وحسَّن الحديثَ الذهبيُّ في ((تاريخ الإسلام)) (2/706)، وجوَّد إسنادَه ابنُ كثير في ((إرشاد الفقيه)) (2/180)، وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (5/222): صالحٌ للاحتِجاجِ. وصَحَّح الحديثَ الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (1765)، وحَسَّنه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (921).
  9. (9)    ((الأوسط)) لابن المنذر (8/257)، ((المغني)) لابن قدامة (7/288).
  10. (10)    ((التجريد)) للقدوري (9/4743)، ((المغني)) لابن قدامة (7/288).
  11. (11)    ((الدر المختار للحصكفي وحاشية ابن عابدين)) (4/285).
  12. (12)    ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (4/438).