الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: حكمُ النِّكاحِ إذا أسلم بعد الدُّخولِ بزَوجتِه الكافِرةِ


إذا أسلَمَ الزَّوجُ وتحتَه كافِرةٌ مِن غيرِ أهلِ الكتابِ قد دخل بها، فإن أسلَمَت في العِدَّةِ [1044]   أي: عِدَّةُ الطَّلاقِ. بَقِيَ النِّكاحُ، وإذا لم تُسلِمْ  حُسِبَت الفُرقةُ مِن إسلامِ الزَّوجِ [1045]   مذهبُ الحَنَفيَّة أنَّه إن كانا في دارِ الإسلامِ، عُرِضَ الإسلامُ على الزَّوجةِ، فإن أبت فَرَّق بينهما القاضي، وفصَّلوا فيما إذا كانا في دارِ حَربٍ. يُنظر: ((الهداية)) للمرغيناني (1/220)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (5/241). ومذهب المالكية: إذا أسلم الزَّوجُ يُفَرَّقُ بينهما بعد شهرٍ أو أكثر قليلًا من إسلامِه، إذا لم تُسلِم الزوجةُ، وقيل: يُفرَّقُ بينهما إن عرَضَ عليها الإسلامَ فأبَت ولم تُسلِمْ، سواءٌ كان قبل البناءِ أو بَعدَه. يُنظر: ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/268)، ((منح الجليل)) لعليش (3/363)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/72). ، وهذا مَذهَبُ الشَّافِعيَّةِ [1046]   ((روضة الطالبين)) للنووي (7/143)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/328)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/295). ، والحَنابِلةِ [1047]   ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/119)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/160). ، وهو قَولُ بَعضِ السَّلَفِ [1048]   قال ابن عبد البر: (قال الشافعي، والأوزاعي، والليث بن سعد، والحسن بن حي: لا فَرقَ بين الرَّجُلِ والمرأةِ في ذلك، وأيُّهما أسلم قبلُ ثَمَّ أسلَمَ صاحِبُه في العِدَّة، كانا على نكاحِهما، وسواءٌ عندهم أهلُ الكتابِ في ذلك أو غيرُ أهلِ الكتابِ، وكذلك سواءٌ عندهم تقَدُّمُ إسلامِ الرجُلِ أو تقَدُّمُ إسلامِ المرأةِ). ((التمهيد)) (12/28). وقال ابنُ قدامة: (هذا قول الزُّهري، والليث، والحسن بن صالح، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، ونحوه عن مجاهد، وعبد الله بن عمر، ومحمد بن الحسن). ((المغني)) (7/154). ، وقَولُ عامَّةِ العُلَماءِ [1049]   قال ابنُ قدامة: (إذا أسلم أحدُ الزَّوجينِ وتخلَّف الآخَرُ حتى انقَضَت عِدَّةُ المرأةِ، انفسخ النِّكاحُ، في قول عامة العلماءِ). ((المغني)) (7/154). ، وحُكِيَ الإجماعُ بانقِطاعِ العِصمةِ إذا انتَهَت العِدَّةُ ولم تُسلِمْ [1050]   قال الشافعي: (لم أعلَمْ مُخالِفًا في أنَّ المتخَلِّفَ عن الإسلامِ منهما إذا انقَضَت عِدَّةُ المرأةِ قبل أن يُسلِمَ: انقَطَعت العِصمةُ بينهما). ((الأم)) (5/48).
الدَّليلُ  مِنَ الكِتابِ:
قال تعالى: لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآَتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ [الممتحنة: 10]
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ نِساءَ المؤمِنينَ مُحَرَّماتٌ على الكُفَّارِ، كما أنَّ المسلِمينَ لا تَحِلُّ لهم الكوافِرُ والوثَنيَّاتُ ولا المجوسيَّاتُ، ثمَّ بَيَّنَت السُّنَّةُ أنَّ مُرادَ الله عزَّ وجلَّ مِن قَولِه هذا: أنَّهم لا يحِلُّ بعضُهم لبعضٍ إلَّا أن يُسلِمَ الثَّاني منهما في العِدَّةِ،  كما في قِصَّةِ زَينبَ بنتِ رَسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم [1051]   ((الاستذكار)) لابن عبد البر (5/520).

انظر أيضا: